استمع إلى الملخص
- توقفت محطة هامرفست النرويجية للغاز الطبيعي المسال عن العمل، مما زاد الضغط على إمدادات الغاز. ومع اعتماد أوروبا المتزايد على الغاز الطبيعي المسال، قد تؤدي أي اضطرابات إلى تقلب الأسعار، رغم تأكيد المفوضية الأوروبية على عدم وجود تهديد لأمن الإمدادات.
- تواجه أوروبا تحديات في إعادة تعبئة مخزوناتها لموسم التدفئة القادم، مع ارتفاع أسعار الغاز للصيف المقبل وتكاليف إضافية للدول غير الساحلية، مما يؤدي إلى فواتير طاقة أعلى لفترة أطول.
في الوقت الذي يستنزف البرد سريعاً المخزون المتراكم على مدى أشهر، ارتفع سعر الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 خلال تعاملات اليوم الأربعاء، قبل أن تمحو معظم مكاسبها لاحقاً، وذلك بعد توقف عمليات تسليم الغاز الروسي عبر أوكرانيا في يوم رأس السنة الجديدة بعد انتهاء عقد العبور بين الدولتين المتحاربتين، من دون وجود بديل له.
وبحسب بلومبيرغ، ارتفع سعر الغاز القياسي للتسليم في فبراير/شباط، في هولندا بنسبة 4.3%، وكان أعلى بنسبة 3.5% عند 50.6 يورو لكل ميغاواط/ساعة بحلول الساعة 3:41 مساء في أمستردام. وذلك بعدما تجاوزت العقود الآجلة 50 يورو في 31 ديسمبر/كانون الأول تحسباً لتوقف التدفقات.
هذا وتستعد المملكة المتحدة للثلوج والجليد على مدى الأيام القليلة المقبلة، بينما تواجه الدول الاسكندنافية أيضاً درجات حرارة متجمدة مع انخفاض مخزونات الغاز الأوروبية بأسرع وتيرة منذ عام 2021. وتُنذر موجة البرد في شمال المنطقة في هذا الشهر بطقس أكثر برودة من المعتاد، ما يعزز الطلب على الطاقة مع استنفاد مخزونات الغاز. وتتزامن درجات الحرارة تحت الصفر أيضاً مع نهاية صفقة عبور خط أنابيب أوكرانيا وروسيا، ما يترك المنطقة من دون مصدر رئيسي لإمدادات الغاز.
ووفقاً لمكتب الأرصاد الجوية، ثمة تحذيرات صفراء من الثلوج والجليد سارية في المملكة المتحدة للأيام الخمسة المقبلة في أعقاب الظروف العاصفة. كما أصدرت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة تنبيها باللون الكهرماني حتى 8 يناير/كانون الثاني الجاري، مع توقع أعلى المخاطر من درجات الحرارة المنخفضة في شمال إنكلترا. وفي هذا الصدد، نقلت بلومبيرغ عن نائب كبير خبراء الأرصاد الجوية في مكتب الأرصاد الجوية دان هولي قوله: "في هذه المرحلة، هناك قدر لا بأس به من عدم اليقين بشأن المناطق التي ستشهد ثلوجاً مدمرة، مع احتمالية تعرض أجزاء من ويلز وشمال إنكلترا ومنطقة ميدلاندز لبعض التأثيرات".
والعاصفة الشتوية التي مرت فوق المملكة المتحدة تضرب الآن النرويج والسويد. ووفقاً لتوقعات شركة "ماكسار" (Maxar Technologies Inc)، قد تنخفض درجات الحرارة في أوسلو إلى -15 درجة مئوية بحلول يوم الأحد. كما تتوقع منتجعات التزلج حول مونت بلانك، مثل شامونيكس في فرنسا وكورمايور في إيطاليا، أكثر من متر من الثلوج خلال الأسبوع المقبل.
يأتي ذلك فيما أوقفت محطة هامرفست للغاز الطبيعي المسال النرويجية عملياتها حتى 9 يناير بسبب فشل الضاغط، حسب ما قالت الشركة المشغلة للشبكة "غازكو" (Gassco AS). وفي حين كان التجار يتوقعون فقدان تدفقات الغاز الروسي، وهو مصدر مهم للإمدادات للعديد من دول وسط أوروبا، فإن الضغط على العرض هذا الأسبوع قد يؤدي إلى عمليات سحب أسرع من مواقع التخزين التي تعمل حاجزاً. وتنخفض المخزونات في جميع أنحاء القارة بالفعل بأسرع وتيرة منذ عام 2021، عندما بدأت أزمة الغاز تختمر للتو.
ولم ترد شركة "إكوينور إيه إس إيه" المشغلة مصنعَ هامرفست فوراً على الأسئلة المتعلقة بالانقطاع غير المخطط له. ومن المقرر أن تصل سفينة إلى هامرفست في وقت لاحق من هذا الأسبوع، بعد أن غادرت سفينة أخرى يوم الأربعاء باتجاه ليتوانيا، وفقاً لبيانات تتبع السفن على بلومبيرغ.
كما يأتي الانقطاع في الوقت الذي تستعد فيه أوروبا لتعميق اعتمادها على الغاز الطبيعي المسال لتعويض النقص الذي خلفته نهاية تدفقات الغاز الروسي عبر أوكرانيا. وقد تؤدي أي اضطرابات في محطات تصدير الغاز الطبيعي المسال العالمية إلى تقلب الأسعار.
لكن مع ذلك، قالت المفوضية الأوروبية إنه لا يوجد تهديد لأمن الإمدادات في وسط وشرق أوروبا. وقالت الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي على موقعها على الإنترنت: "بفضل العمل التحضيري الفعّال والتنسيق في المنطقة وخارجها، لا توجد مخاوف تتعلق بأمن الإمدادات. وتجرى تأمين إمدادات الغاز عبر طرق بديلة (ألمانيا وإيطاليا) ومن خلال عمليات السحب من المخازن".
وفي حين من غير المرجح أن ينفد الغاز من أوروبا هذا الشتاء، فبفضل المخزونات والتسليمات من الموردين الآخرين، قد يجد التجار صعوبة أكبر في إعادة تعبئة المخازن لموسم التدفئة القادم. وقد ارتفعت أسعار الغاز للصيف المقبل مؤخراً فوق أسعار الشتاء 2025-2026، ما سيجعل إعادة التخزين أكثر تكلفة.
وتنقل بلومبيرغ عن كبير المحللين في إدارة المخاطر العالمية في كوبنهاغن أرن لوهمان راسموسن قوله إن "هناك خطراً متزايداً من خروج الاتحاد الأوروبي من الشتاء بمستويات تخزين منخفضة للغاز، ما يجعل تجديدها مكلفاً".
الآن، لا يوجد لتدفقات الأنابيب الروسية إلى أوروبا سوى طريق واحد: ممر يعبر تركيا يرسل الوقود إلى المجر. وستراقب عمليات التسليم على هذا الرابط من كثب. وقد نجح معظم عملاء شركة غازبروم الروسية في أوروبا الوسطى في الحصول على إمدادات بديلة. وتتلقى النمسا المزيد من الغاز عبر ألمانيا وإيطاليا، وفقاً لتقرير صادر عن إدارة شبكة الغاز النمساوية.
ومن المرجح أيضاً أن تزيد أوروبا من اعتمادها على الغاز الطبيعي المسال، بما في ذلك من روسيا. فقد شحنت البلاد كميات قياسية من الغاز الطبيعي المسال إلى المنطقة العام الماضي، ما يجعلها أكبر مورد بعد الولايات المتحدة، التي بدأت مؤخرا في تشغيل مصنعين جديدين للتصدير.
ومع ذلك، بالنسبة للدول غير الساحلية في وسط وشرق أوروبا، فإن تكلفة التسليم عن طريق البحر إلى ألمانيا أو بولندا أو اليونان، وإعادة التغويز اللاحق والعبور إلى الأمام، تجعل الغاز الطبيعي المسال خيارا مكلفا. وقد قدرت سلوفاكيا أن واردات الغاز من الغرب ستؤدي إلى تكاليف إضافية تبلغ 177 مليون يورو (183 مليون دولار).
وقال والتر بولتز، وهو منظم نمساوي سابق يعمل الآن مستشارَ طاقة كبير في شركة بيكر أند ماكينزي: "إن أسواق الغاز في أوروبا ليست قصيرة بأي حال من الأحوال"، لكن نقل الوقود من الغرب إلى الشرق "مقيد إلى حد ما، وبالتالي فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة في الأسعار للمنطقة".
وسوف تحتاج أوروبا ككل إلى التنافس بقوة أكبر على الغاز الطبيعي المسال هذا العام، وخاصة في الصيف عندما يرتفع الطلب على الطاقة لتكييف الهواء في آسيا. وفي حين يجرى بناء العديد من مصانع الغاز الطبيعي المسال الجديدة في جميع أنحاء العالم، فإن الإضافات ذات السعة الكبيرة لن تكون جاهزة لبضع سنوات أخرى. وبالنسبة للأوروبيين، يعني هذا فواتير طاقة أعلى لفترة أطول، حيث من المتوقع أن تتجاوز أسعار الجملة لعام 2025 المعدلات المتوسطة في العام الماضي.