سرحان لـ"العربي الجديد": فيتو إسرائيلي يعرقل إعادة إعمار غزة

10 مايو 2022
ناجي يوسف سرحان خلال حواره مع "العربي الجديد" (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

كشف وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في حكومة غزة التي تديرها حركة "حماس" ناجي يوسف سرحان، في مقابلة مع "العربي الجديد"، عن وجود "فيتو" إسرائيلي بشأن إعادة إعمار الأبراج التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي خلال المواجهة الأخيرة مع غزة في مايو/ أيار 2021.

وأكد وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في حكومة غزة، في ذكرى مرور عام على "معركة سيف القدس"، أن إجمالي ما تمت إعادة إعماره خلال هذه المدة لا يتجاوز 12% إلى 13% في أفضل حال، وهو أقل مما كان متوقعا أن يتم في أعقاب العدوان.
وشدد سرحان على وجود ضغوط وتعليمات للوسطاء والمانحين بعدم الإسراع في عملية إعادة الإعمار من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يجعل هذا الملف خاضعا للتحكم الإسرائيلي ويحوله من ملف إنساني إلى سياسي.
ولفت إلى وجود غياب حقيقي للمانحين العرب، مثل السعودية والكويت وسلطنة عمان والإمارات، مع اقتصار الحضور على قطر ومصر، في الوقت الذي يضع فيه الاحتلال عراقيل كثيرة من أجل إبطاء هذه العملية وتعطيلها.
وفي ما يلي نص الحوار كاملاً:

- إلى أين وصلت عملية إعادة الإعمار بعد مرور عام كامل على العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة؟
ما زال ملف عملية إعادة الإعمار في بدايته رغم مرور عامل كامل على العدوان الإسرائيلي، وما تم إنجازه هو حوالي 200 وحدة سكنية من أصل 1700 وحدة هدمت بشكلٍ كامل، ولدينا 60 ألف وحدة تضررت بشكل جزئي أنجزنا منها ما يقرب من 70% وبقي منها 30% فقط.

وهناك عجز في ما يتعلق بإعادة إعمار ما يقرب من 1300 وحدة سكنية دمرت في الحروب التي سبقت عام 2021، ولم يتم بناؤها بشكل كامل، إضافة لوجود 70 ألف وحدة سكنية متضررة بشكل جزئي لا يوجد لها تمويل، وهو ما يتطلب توفير 150 مليون دولار أميركي إضافة إلى الجديد الذي لا يوجد له تمويل مثل الأبراج والعمارات السكنية فملف الإعمار ما زال في بدايته ولا نستطيع أن نقول إن الأمور تسير بشكل جيد، فنحن كنا نتوقع أن ننجز هذا الملف بشكل كامل خلال هذا العام.

- ما هي الجهات أو الأطراف التي بدأت بتنفيذ وعودها على أرض الواقع في عملية إعادة الإعمار؟
دولة قطر بدأت بعملية إعادة إعمار 200 وحدة سكنية مدمرة كلياً، غير أن الأمور تسير بشكلٍ بطيء كونهم يعملون مع المواطنين من غير اللاجئين، أما اللاجئون فوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ستقوم بتنفيذ عملية الإعمار لهم، وهي بطيئة جداً في التنفيذ، ونحن على تواصل مباشر معها، وأخيراً تم البدء في أول مجموعة وهي تضم 70 لاجئا من أصل 700 لاجئ، ونأمل أن تسرع الأونروا في وتيرة الإعمار مع إعلانها عن وجود التمويل لجميع من تم اختيارهم من قبلها.

- كم تحتاجون من الأموال لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في المواجهة الأخيرة؟
تقديراتنا تشير إلى حاجتنا لـ160 مليون دولار أميركي لإعادة إعمار البيوت المدمرة سواء كان جزئيا أو كليا، أما تقديراتنا للأضرار بشكل كامل خلال الحرب الأخيرة فهي 416 مليونا للأضرار المباشرة التي تشمل الإسكان والاقتصاد والزراعة والبنية التحتية، وتقديراتنا للحروب السابقة 600 مليون دولار فقط، وهو ما يصل إلى أكثر من مليار دولار، وبالمجمل فإن القطاع يحتاج إلى 3 مليارات دولار لتنفيذ عملية إعادة إعمار وتنمية شاملة.

 


- المواطن يلحظ اختلافاً واضحاً بين عمليتي الإعمار الحالية والسابقة، كيف تراقبون أنتم الاختلاف في العمليتين السابقة والحالية؟
في المرات السابقة وتحديداً بعد عام 2014 كان هناك مؤتمر دولي عقد في القاهرة، تعهدت الدول حينها بتقديم ما يزيد عن 5 مليارات دولار، منها 3.5 مليارات دولار للإعمار و1.5 مليار دولار، رغم أن الدول لم تلتزم بكامل تعهداتها إلا أنه كانت هناك عملية إعادة إعمار سريعة، حيث توفرت أموال بقيمة تصل إلى مليار دولار لعملية الإعمار، وبالتالي أدى ذلك لدفعة كبيرة في مجال الإسكان، فعلى سبيل المثال كانت هناك 11 ألف وحدة سكنية دمرت بشكلٍ كامل عام 2014 وألف وحدة سكنية من الحروب التي سبقتها، ونجحنا في إنجاز 10500 وحدة سكنية وكان هناك إنجاز حقيقي رغم الوقت القصير.

ومن بين الاختلافات، أنه في الفترة السابقة كانت السعودية والكويت ضمن المانحين إضافة للدور الكبير لقطر، وكانت هناك مساهمات كبيرة لدول عديدة.

أما هذه الحرب فتعهدت قطر بـ500 مليون دولار ومصر تعهدت بـ500 مليون دولار، والأخيرة بدأت بالمشاريع الإسكانية، مثل إنشاء ثلاث مدن سكنية وملف الجسور والكورنيش، ووجهت الاهتمام بعيداً عن إعادة الإعمار ووجهته نحو التنمية أكثر، أما قطر فتعهدت بمبلغها دون ربطه بسقف زمني أو تنفيذ وقتي محدد.

- ما هي التقديرات الإجمالية بشأن الوحدات السكنية التي تمت إعادة إعمارها منذ نهاية العدوان وحتى الآن؟
نتحدث عن إعمار 200 وحدة سكنية من إجمالي 1700 وحدة سكنية وهو أقل من 13%، والأمر يتزامن مع غياب واضح للمانحين، كالسعودية والكويت وسلطنة عمان والإمارات وغيرها من الدول التي شاركت في عملية إعادة الإعمار السابقة، ونحن بحاجة حقيقة لمؤتمر دولي للإعمار يشارك فيه الجميع.

- هل صحيح أن هناك رفضا إسرائيليا واعتراضا على إعادة إعمار الأبراج السكنية التي دمرت في العدوان الأخير؟
هناك "فيتو" على عملية بناء الأبراج واضح ولا شك فيه، ونحن نشعر فيه من خلال ابتعاد المانحين وخصوصاً الأساسيين، مثل مصر وقطر، عن إعادة إعمارها، وبالتالي أصبحت هذه المنشآت بلا مانحين من أجل إعادة إعمارها، إضافة إلى "الفيتو" على عملية تسريع الإعمار، وبالتالي المانحون يتعرضون لضغط إسرائيلي واضح حتى لا تكون العملية سريعة وتحول الملف إلى عملية سياسية.


- ما هي أبرز المشاريع التي تتوقعون أن تنتهي خلال الفترة المقبلة والمتعلقة بعملية إعادة الإعمار في غزة؟
هناك المشاريع الإسكانية المصرية، وهي المدن الثلاث إضافة إلى الكورنيش، والتي من المتوقع أن تنتهي إما بحلول نهاية العام أو الربع الأول من 2023، أما في ما يتعلق بالجسور فهناك اتفاق مع المصريين لإنشاء جسر في الشجاعية، شرق مدينة غزة، وإنشاء نفق في منطقة السرايا، والمشكلة لدينا حالياً في ما يتعلق بالجسر أن هناك جزءا سيؤخذ من المقبرة، وشكلنا لجنة للحوار مع الأهالي كون الملف حساسا من أجل نقل القبور حتى يتم تنفيذ المشروع.

- هل هناك اتصالات مع دولة قطر في ما يتعلق بملف إعادة الإعمار في غزة؟
الاتصالات مع الإخوة في قطر لم تتوقف، سواء كانت مع السفير محمد العمادي رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، وهناك اجتماعات دورية تعقد معهم، إضافة لاتصالات من قبل السياسيين سواء من مسؤولي حركة حماس أو المسؤولين الآخرين مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد أو وزير الخارجية لتقديم متطلبات الإعمار المطلوبة.

- ألا تعتقد أن ملف عملية الإعمار أصبح معقداً ويخضع لعوامل سياسية بحتة وغير فنية؟
نعم، عملية الإعمار معقدة وهي مرتبطة بعوامل عدة في الإقليم والاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، وكل هذه العملية مرتبطة بالهدوء في المنطقة، وبالتالي هناك تداخل كبير في هذه العملية، وهو ما يعني أن العملية ستأخذ وقتاً طويلاً لتنفيذها في ظل الواقع الراهن.
ومع الإشارة إلى أنه لو نفذ المانحون المتوفرون حالياً سواء القطريين أو المصريين تعهداتهم فستبقى 500 وحدة سكنية متمثلة في الأبراج بلا إعمار، نظراً لغياب التمويل إضافة لـ1300 وحدة سابقة، بإجمالي يصل إلى 1800 وحدة سكنية بلا إعمار.

عملية الإعمار معقدة وهي مرتبطة بعوامل عدة في الإقليم والاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة



- وكم يحتاج القطاع تقريباً من وحدات سكنية لتعويض العجز الحاصل في ظل التزايد الكبير في عدد السكان؟
نحتاج إلى وجود 100 ألف وحدة سكنية بشكل عاجل لحل الأزمة السكانية الموجودة في قطاع غزة، وخصوصاً أن 70% من سكان القطاع هم من اللاجئين، ومن بين هذه النسبة 50% يعيشون في المخيمات الخاصة باللاجئين التي ينقصها الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة والاحتياجات المعيشية الضرورية.
وهذه المخيمات هي عبارة عن بيوت وطرق ضيقة وجميعها تحتاج إلى عملية إعادة بناء وتوسعة والعمل بها بشكل جيد ومختلف عن السابق، إضافة إلى الأحياء القديمة الموجودة في كل المدن والتي تحتاج إلى إعادة تأهيل بنيتها التحتية.
وإلى جانب الأزمة السكانية، يجب الإشارة إلى ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب والخريجين على وجه الخصوص، وبالتالي فإن الأزواج الشباب والخريجين الذين يتخرجوا كل عام بعشرات الآلاف لا يجدون عملا وبالتالي لا يجدون بيوتا للسكن.
وفي ملف الأزمة الخاصة بالشقق السكنية هناك أصحاب الإيجارات الذين يمرون بظروف اقتصادية صعبة ولا تتوفر لديهم الإمكانية المالية لتملك شقق، فهؤلاء يحتاجون إلى مشاريع تخصص لهم وتتناسب مع ظروفهم. وهناك حاجة كبيرة لإنشاء مدن سكنية في مختلف مناطق القطاع خلال الفترة المقبلة.

المساهمون