ستانيسلاس زيزي... "ذئب مالي" يدافع عن تصنيف سيادي لأفريقيا بعيداً عن سطوة الدولار

18 ديسمبر 2022
ستانيسلاس يدعو لتصنيف ائتماني أكثر شفافية للدول الأفريقية (موقع الشركة)
+ الخط -

تجهت أنظار الكثير من المؤسسات الاقتصادية في أفريقيا صوب محلل المخاطر الائتمانية المخضرم من أصول سمراء، ستانيسلاس زيزي، ذلك الرجل الذي ترأس مؤسسة Bloomfield Investment Corporation، وهي أول كيان أفريقي للتصنيف الائتماني على غرار مؤسسات عالمية طالما كانت حكراً على الغرب، لا سيما في الولايات المتحدة الأميركية، مؤكدا أهمية تملك القارة السمراء أدوات التصنيف بطموح منزه عن الجشع.

يصفه البعض بـ"ذئب المالية الأفريقية"، بينما لا يبالي كثيرًا بالأمر، مشيرا إلى أهمية أن يكون هناك إصرار من أجل تغيير الأمور. رأى النور قبل ثلاثة وخمسين عاماً في ساحل العاج، حيث كان والده العسكري، الذي أسس المخابرات في ذلك البلد الأفريقي، يؤكد أهمية خوض تجربة التجنيد العسكري بهدف التشبع بالقيم المرتبطة بها. تربى ستانيسلاس في ساحل العاج، وسط عشرة إخوة كان خامسهم.

درس في فرنسا وحصل على دبلوم في القانون، وحل بالولايات المتحدة بهدف دراسة تدبير الإدارات والمالية، ما أهله للعمل في القطاع المالي. التحق ستانيسلاس، الذي كان يحلم بأن يصبح محامياً متخصصا في عالم الأعمال، بالبنك الدولي، ثم البنك الأفريقي للتنمية في أبيدجان، حيث أدرك أن القارة السمراء خاضعة لقواعد لا تلائمها.

دفعه ذلك إلى بلورة تصور مفاده أن تقييم بلدان القارة يجب أن يجرى بالعملة المحلية وليس بالدولار، معتبرا أن هذه المقاربة من شأنها المساعدة على ضخ دينامية جديدة في سوق الرساميل. ويعتبر أن ذلك يساعد على ترسيخ ثقة الشركات والدول في عملاتها المحلية. فهو يرى أن تقييم شركة أو دولة بالدولار مسألة جيدة عندما يكون الاقتراض بالدولار.

غير أن ما يحدد هوية مؤسسة ما، في نظره، هو العملة التي تتطور بها ثروتها. لهذا يدافع بشدة عن تملك القارة السمراء لأدوات التصنيف الائتماني، مؤكدا أن المقاربة التي يدعو إليها تعني التوقف عن تقييم الشركات والدولة بالعملات الدولية، بل يجب استحضار الاثنين معا من أجل تحقيق التوازن.

أضحى رأي وكالة التصنيف الائتماني التي أسسها ستانيسلاس مطلوبا في العديد من البلدان الأفريقية، كما أن مؤسسها يعبرعن قراءته للوضعية الاقتصادية والمخاطر المرتبطة في العديد من المؤتمرات، سواء في أفريقيا أو خارجها.

أميركا أمام اختبار استعادة النفوذ المفقود في أفريقيا: استفاقة متأخرة

يشدد ستانيسلاس على أن وكالات التصنيف الائتماني تقوم بتصنيف البلدان الأفريقية من دون أن تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتها، حيث إن الاعتماد على عملة أجنبية يؤدي إلى تصنيف ضعيف.

ويتصور أن المقاربة يمكن أن تكون مختلفة تبعا لزاوية المعالجة. فمعرفة الحقائق على الأرض يمكن أن تخلق الفرق في التقييم، على اعتبار أن البعد الثقافي والتاريخي للبلدان الأفريقية يمكن يكون له تأثير على المقاربة.

ويذهب إلى أن تحليل المخاطر المرتبطة بالدول في القارة السمراء، كان ينجز من قبل أشخاص غرباء عنها، حيث إن التحليل كان ينطوي في بعض الأحيان على أحكام مسبقة تمنع الحصول على معلومات صحيحة حول البلدان.

يقول إنه عندما جرى تأسيس مؤسسته قبل خمسة عشرة عاماً، كانت احتمالات النجاح صفر في المائة. غير أنه يؤكد أنه رغم غياب البيئة القانونية الملائمة أو العملاء، حافظ على إيمانه بضرورة بلوغ الهدف الذي حدده، وهو ما تأتى له اليوم، حيث يتطلع إلى تغطية أربعة وخمسين بلداً أفريقيا.

ضمن سيرته في كتاب تحت عنوان "الرجل صاحب الجوارب الحمراء"، سعى ستانيسلاس، الذي عرف بارتداء جوارب حمراء، عبر ذلك الكتاب الصادر في الصيف الماضي، للتأكيد على أن تطور القارة الأفريقية يمر عبر تغيير العقليات.

لقد حاول، كما يقول، عبر بسط الأخطاء والصعوبات التي واجهها في مساره، دعوة الشباب في القارة إلى السعى إلى النجاح وتحمل المسؤولية، معتبرا أن القارة التي كانت لمدة طويلة في مرتبة دنيا، لا يمكن أن تنهض سوى بأبنائها.

المساهمون