سباق سعودي إماراتي على الرقائق الإلكترونية

29 ابريل 2024
إقبال خليجي على الاستثمار في الرقائق (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- السعودية والإمارات تعززان قيمة شركة "إنفيديا" السوقية من خلال شراء آلاف الرقائق وتطوير نماذج لغوية، مما ساهم في تضاعف سعر سهم الشركة أكثر من ثلاث مرات في 2023.
- السعودية تخطط لإطلاق صندوق استثماري بقيمة 40 مليار دولار لتعزيز مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع شركات رأس المال الاستثماري الكبرى، بينما تستثمر الإمارات في مشروعات متقدمة وتتعاون مع إيلون ماسك.
- هذا السباق التكنولوجي يعكس نظرة استشرافية لمستقبل الاقتصاد العالمي، حيث يرتبط شراء الرقائق بإعادة تدوير علاقات الإنتاج والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل المناخ وصناعة الأدوية.

ساهم تسابق كل من السعودية والإمارات على شراء الآلاف من رقائق "إنفيديا" الإلكترونية في رفع القيمة السوقية للشركة بنحو 40% منذ بداية العام الجاري، لتصبح خامس أكبر شركة من حيث القيمة السوقية في السوق المالية الأميركية، بعدما تضاعف سعر السهم أكثر من 3 مرات في 2023.

وتدرس السعودية إطلاق صندوق استثماري بقيمة توازي 40 مليار دولار في النصف الثاني من العام الجاري، في خطوة من شأنها أن تجعل المملكة أكبر مستثمر في العالم بمجال الذكاء الاصطناعي، حسبما أورد تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، التي نقلت عن مصادر مطلعة أن ممثلي صندوق الاستثمارات العامة السعودي ناقشوا شراكة محتملة مع "أندريسن هورويتز" (Andreessen Horowitz)، وهي إحدى أكبر شركات رأس المال الاستثماري.

واشترت السعودية، عبر جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، ما لا يقل عن 3000 من رقائق "إتش 100" من "إنفيديا"، التي تبلغ تكلفة الواحدة منها 40 ألف دولار، ووصفها رئيس "إنفيديا"، جنسن هوانغ، بأنها "أول كمبيوتر (رقاقة) في العالم مصمَّم للذكاء الاصطناعي التوليدي".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن الإمارات ضمنت أيضاً الوصول إلى آلاف الرقائق من صناعة "إنفيديا"، وطورت بالفعل نموذجها اللغوي الكبير مفتوح المصدر، المعروف باسم "فالكون"، في معهد الابتكار التكنولوجي المملوك للدولة في مدينة "مصدر" بأبو ظبي. وفي السياق، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن مصدرين أن شركة "إم جي إكس" الاستثمارية، المدعومة من حكومة أبو ظبي، تجري مناقشات للاستثمار في مشروع الرقائق التابع لشركة "أوبن إيه آي"، المسؤولة عن برنامج "شات جي بي تي".

وكانت الصحيفة ذاتها قد نقلت عن وزير الإمارات للذكاء الاصطناعي، عمر العلماء، أن مالك شركة "تسلا"، إيلون ماسك، الذي أطلق أخيراً شركة "إكس إيه آي" لمنافسة "أوبن إيه آي"، مهتم أيضاً بالشراكة مع الدولة الخليجية. وأدى التسابق العالمي حول الذكاء الاصطناعي إلى رفع تقييمات شركاته الخاصة والعامة، حيث يتسابق المستثمرون لشراء أو صناعة رقائق "إنفيديا" أو "أوبن إيه آي". 

اقتصاد مستقبلي 

في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، رائد المصري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن السباق بين السعودية والإمارات على شراء الآلاف من رقائق إنفيديا الإلكترونية يأتي مرتبطاً بإعادة تدوير علاقات الإنتاج على المستوى العالمي للاستفادة بشكل كامل من الذكاء الاصطناعي وتطويره على كل المستويات، بما فيها مستوى متطلبات المناخ وصناعة الأدوية.

ويوضح المصري أن من يمتلك هذا النوع من الرقائق أكثر يكون مؤهلاً ليكون على مائدة الدول المتطورة والمتقدمة تكنولوجياً، مشيراً إلى أن العالم بات أمام معطيات جديدة لها علاقة بواقع قائم على تقنيات الذكاء الاصطناعي والشرائح الإلكترونية، وهي جزء أساسي من المعركة التي تقودها الولايات المتحدة في مواجهة الصين.

ويضيف المصري أن انعكاس تطور كهذا مرتبط بالصناعات العسكرية والتطورات العلمية والتكنولوجية على المستويات كافة، ما يعني الحديث عن اقتصاد عالمي مستقبلي قائم على السباق على شراء وصناعة الرقائق الإلكترونية ومحاولة الاستحواذ على أكبر قدر ممكن منها.

وإزاء ذلك، فإن السباق على اقتناء الرقائق الإلكترونية جزء من المنافسة على مستقبل الدول الاقتصادي، بحسب المصري، مشيراً إلى أن الدول التي تملك السيولة المالية تخشى من أن يفوتها قطار الاقتصاد الجديد، وتسعى لضخ الاستثمارات في عصبه الحيوي. ويضيف المصري أن السعودية والإمارات تتصدران الدول ذات الحافز القوي في مجال الرقائق الإلكترونية، خصوصاً أن كلاً منهما ضمن تصنيف الدول المستقرة الآمنة، المرشحة لازدهار التكنولوجيا المتقدمة، بمشاريع استثمارية كبيرة.

وهذه المشاريع لا بد أن تكون متوائمة مع التكنولوجيا الرقمية والأتمتة على أكثر من مستوى، ومنها الشرائح الإلكترونية، وفق المصري، مشيراً إلى أن الوقت لا يزال مبكراً لمعرفة نتيجة السباق على الاستحواذ على تلك الشرائح ومدى ما يمثله من أولوية اقتصادية لدى كلا البلدين الخليجيين.

ويوضح المصري أن المخاطر والأضرار التي تنجم عن توجه كهذا لم تتضح بعد، لكن بطبيعة الحال، لا بد من مواكبة هذا التطور العالمي السريع بإعادة تشكيل علاقات إنتاج إلكترونية جديدة حول العالم، قائمة على المفاهيم المتقدمة والمتطورة للدخول في سباق عالمي لامتلاك التكنولوجيا المتطورة. 

ويؤكد الخبير في الاقتصاد الدولي أن مقومات النجاح في هذا السباق لا تنقص الإمارات ولا السعودية، إذ إن كلاً منهما لديها القدرة على الولوج إلى المسرح العالمي في امتلاكهما لهذا النوع من التكنولوجيا بشكل مستقل، أو بالشراكة مع الدول المتقدمة مثل اليابان وتايوان والولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي.

المساهمون