زيادة الاستثمارات في الطاقة النظيفة تخفف من أعباء تركيا المالية

12 نوفمبر 2021
موازنة البلاد للعام 2022 تركز على التحوّل الأخضر لا سيما في قطاع الطاقة (Getty)
+ الخط -

تسعى تركيا إلى التحول السريع نحو الاقتصاد الأخضر عبر دفع الاستثمارات الرامية إلى توسيع نطاق الطاقة النظيفة، وهو ما تستهدفه موازنة البلاد لعام 2022، والتي ستركز على التحول الأخضر الذي سيدعم الاستثمارات والعمليات المحايدة للكربون، وهو ما أكد عليه نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي.

ورفعت تركيا الميزانية الممنوحة لقطاع الطاقة في عام 2022، والتي تشمل وزارة الطاقة والموارد الطبيعية والمؤسسات الأخرى ذات الصلة، من أجل زيادة الاستثمارات والمشاريع في مختلف مجالات الطاقة.

وسجلت ميزانية القطاع 5 مليارات و61 مليوناً و810 آلاف ليرة لهذا العام، لترتفع في الميزانية المخصصة للقطاع لعام 2022 بنسبة 52.2% لتصل إلى 7 مليارات و707 ملايين و842 ألف ليرة، وفق تصريحات وزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز.

وبحسب ميزانية وزارة الطاقة والموارد الطبيعية لعام 2022، ستتم زيادة كمية الكهرباء المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة، وتسريع الدراسات في مجال الطاقة النووية، وزيادة أنشطة التنقيب عن الهيدروكربونات في البحار.

كما سيتم تسريع الجهود لزيادة استخدام الموارد المحلية، كالفحم، من أجل تنويع مصادر إمدادات الطاقة وتقليل الاعتماد على الخارج.

وتجاوزت حصة الطاقة المتجددة، التي بلغت 52669 ميغاوات بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي، 53% من إجمالي الطاقة المركبة، حيث ارتفعت طاقة الرياح المركبة إلى 10 آلاف و167 ميغاوات، وزادت الطاقة الشمسية إلى 7 آلاف و534 ميغاوات.

وتسعى تركيا إلى توسيع مشاريع محطات الطاقة النظيفة بمختلف أنواعها، سواء طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو النووية السلمية، كمشروع محطة "أق قويو" النووية التي يفترض أن يتم الانتهاء منها في عام 2023، كما أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أخيرا عزم بلاده على بناء محطتين نوويين ثانية وثالثة بعد تشغيل "أق قويو".

ومن المتوقع أن تنتج المحطة النووية "أق قويو"، المكونة من 4 وحدات، 3 منها يجري بناؤها منذ فترة، بينما تم منح التراخيص لبدء البناء في الوحدة الرابعة الشهر الماضي، مع بدء تشغيل الوحدات الأربع الخاصة بها، نحو 35 مليار كيلووات في الساعة من الكهرباء سنويا، ما يلبي نحو 10% من الطلب السنوي على الكهرباء للبلاد.

وتهدف تلك المساعي التركية إلى تقليص الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، مثل النفط والغاز، والتي تقدر كلفها بنحو 40 مليار دولار سنويا بمتوسط 360 مليون برميل، وهو ما يرهق الاقتصاد التركي، حيث تعتمد الدولة على ما يزيد عن 90% من استهلاكها من الطاقة على الاستيراد، وهو ما يعد عاملا يحاصر تركيا سياسيا أيضا كونه يضعف استقلالية قرارها الخارجي، في ظل ارتهانها للكثير من الدول التي تستورد منها النفط والغاز.

ويرى أستاذ المالية في جامعة باشاك شهير في إسطنبول فراس شعبو أنه في ظل ارتفاع أسعار المحروقات التقليدية كان لا بد من البحث عن بدائل تساهم في تخفيض تكاليف الإنتاج على الاقتصاد التركي نظرا لمحدودية مصادر الطاقة لدى البلاد.

وأضاف شعبو، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن تركيا لا تستطيع إنتاج أكثر من 10% من احتياجاتها للمصادر التقليدية في أحسن الأحوال، ما يمثل عبئا عليها، لذا في حال تم الاستثمار في قطاع الطاقة النظيفة بشكل جيد سيمثل ذلك ميزة تنافسية للمنتجات التركية مستقبلا.

وتابع: "وذلك نتيجة أنه سيساهم في تخفيض تكاليف الإنتاج بالإضافة إلى تحسن مستوى المعيشة لدى المواطن التركي ونمو الاقتصاد المحلي".

وتشير وزارة الطاقة التركية، في بيان لها في مطلع الشهر الجاري أطلع عليه "العربي الجديد"، أنه بفضل دعمها لنحو 339 مشروعاً في القطاع الصناعي بـ46.4 مليون ليرة منذ 2017 حتى سبتمبر/ أيلول الماضي من أجل "كفاءة الطاقة" عبر استخدام طاقة أقل لتقديم الخدمة نفسها، تمكنت من توفير 135 مليون ليرة سنويا من الطاقة.

وأوضح أستاذ المالية أن "ما تنتهجه تركيا هو توجه عالمي نتيجة ما يشهده العالم من انبعاثات غازية وتغير مناخي قد يؤدي إلى زوال دول، إضافة إلى موافقة البلاد على اتفاقية باريس بشأن المناخ، لتقليل استهلاك الوقود والانبعاثات الكربونية في الهواء".

 وأصبح، بالتالي، "من الضروري العمل على التوجه نحو الطاقة النظيفة"، بحسب ما يقول شعبو، مشيرا إلى أن "صندوق النقد الدولي عازم على الإشارة في تقاريره القادمة إلى مدى مساهمة كل دولة في تحسين استخدام الطاقة البديلة وتقديم قروض لبعض الدول من أجل دعمها في هذا الإطار".

وتسعى تركيا، التي تحتل المرتبة الخامسة أوروبيا والـ12 عالميا في القوة المركبة للطاقة المتجددة، إلى رفع قدرتها على إنتاج الطاقة المتجددة بحلول عام 2025 إلى 66.8 ألف ميغاوات، بزيادة 14.1 ألف ميغاوات.

ويتوقع شعبو أنه في حال استمرت تركيا في مساعيها نحو زيادة استثمارات الطاقة النظيفة بشكل جيد، قد يساهم ذلك في تراجع حجم الأموال المنفقة على الطاقة بما بين 30% و40%، مشيرا إلى أنها نسبة ليست بالقليلة كونها تخفف من الأعباء المالية الواقعة عليها.

المساهمون