قفزت استخدامات النقد الأجنبي للمصارف التجارية في ليبيا 31.2% خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وأوضحت إدارة الرقابة على النقد في مصرف ليبيا المركزي، عبر تقرير لها حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن استخدامات المصارف خلال نفس الفترة لعام 2022 كانت بقيمة 9.5 مليارات دولار، وأنها قفزت إلى 12.47 مليار دولار العام الجاري، بزيادة قدرها 2.96 مليار دولار.
وطالب مصرف ليبيا المركزي بتشكيل لجنة مختصة لدراسة طلبات فتح الاعتمادات المستندية، تضم في عضويتها كلا من إدارة المراجعة الداخلية، الامتثال، والإدارة المختصة بالعمليات الخارجية، والإدارات ذات العلاقة، بحيث تحال إليها كافة طلبات الحصول على الموافقة المسبقة لفتح الاعتمادات المستندية عن طريق الفروع المصرفية.
وأشار إلى وجود تجاوزات للمنشورات، والضوابط المنظمة لفتح الاعتمادات المستندية ومتطلبات إجراء العناية الواجبة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقصور واضح في بذل العناية الواجبة، وعدم الالتزام بالضوابط المعمول بها في هذا الشأن، وضعف إجراءات المراجعة والضبط الداخلي في المصارف.
وفي سياق متصل، حصلت 1538 شركة ليبية على اعتمادات مستندية بقيمة 6.97 مليارات دولار خلال السبعة أشهر الأولى من العام، وفقا لبيان مصرف ليبيا المركزي.
وأوضح المصرف المركزي تفاصيل الاعتمادات المستندية التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، وتصدرت شركة طريق القارة لاستيراد المواد الغدائية قائمة الشركات التي فتحت اعتمادات مستندية، بقيمة 109.7 ملايين دولار، تلتها شركة النسيم للصناعات الغذائية بقيمة 100.7 مليون دولار، ثم شركة تويوتا لتجارة السيارات بقيمة 94.3 مليون دولار.
وحسب بلد المستفيد للقطاع الخاص، تصدرت دولة الإمارات العربية بقيمة 2.79 مليار دولار، تليها تركيا بقيمة 577 مليون دولار، ثم مصر بقيمة 551 مليون دولار، ضمن 71 دولة عربية وأجنبية.
ومن ناحية بلد المنشأة، تصدرت تركيا المرتبة الأولى بقيمة 1.521 مليار دولار خلال سبعة أشهر، ثم مصر بقيمة 958 مليون دولار، ثم الصين بقيمة 788 مليون دولار، ضمن 84 دولة.
وأما من ناحية تصنيف السلع والخدمات لعدد 50 سلعة، فجاءت مستلزمات الإنتاج والتشغيل بقيمة 1.4 مليار دولار من الاعتمادات المستندية، تليها مستلزمات إنتاج سلع أساسية بقيمة 811 مليون دولار.
وبلغ إجمالي استخدامات المصارف التجارية 12.4 مليار دولار، منها 6.97 مليارات دولار اعتمادات مستندية، و120 مليون دولار حوالات خارجية، و5.3 مليارات دولار للأغراض الشخصية.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد أبو سنينة إن الاعتمادات المستندية المفتوحة استحوذت على ما نسبته 55.9% من إجمالي استخدامات المصارف التجارية من النقد الأجنبي، بينما استحوذت استخدامات النقد الأجنبي للأغراض الشخصية ما نسبته 42.5% من إجمالي استخدامات النقد الأجنبي، واستحوذت الحوالات المباشرة على النسبة الباقية التي تقدر بحوالي 1.52% من إجمالي الاستخدامات.
وأوضح، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الإنفاق بالنقد الأجنبي، باعتبار ما ينفق من الدخل القومي على الخارج، يشكل نوعا من التسرب في الدخل، نجد أن الاقتصاد الوطني لم يستفد منه بصورة مباشرة، وأن الاستفادة في صورة سلع نهائية ومستلزمات إنتاج لا تتجاوز 55.7% من إجمالي استخدامات النقد الأجنبي، والنسبة الباقية تعتبر تسربا من الدخل، لأغراض غير إنتاجية، كالسفر والسياحة والعلاج بالخارج، والحج والعمرة، والدراسة على النفقة الخاصة، أو ما يعرف بالأغراض الشخصية، والتي جاءت في معظمها نتيجة تنفيذ البطاقات الإلكترونية بمبلغ 10 آلاف دولار للبطاقة الواحدة.
وأضاف "السياسة التي يتبعها المصرف المركزي في إدارة النقد الأجنبي وإدارة السيولة، والسياسة المالية التي تتبعها الحكومة، يبدو أنها لا تكفل المحافظة على استقرار سعر الصرف إلا على حساب احتياطيات النقد الأجنبي".
من جهته، أكد المحلل الاقتصادي عبد الناصر الكميشي أن بيان مصرف ليبيا المركزي يفتقر إلى الإفصاح الكامل بشأن الشركات المتحصلة على الاعتمادات والسلع الموردة للسوق الليبي. وقال لـ"العربي الجديد" إن هناك تهريب عملة يحدث عبر الاعتمادات المستندية، وسط غياب التنسيق بين السياسات التجارية والنقدية والمالية بالبلاد، فضلا عن الانقسام الحكومي.
وعرّج المحلل المالي محمود سالم إلى أن التجاوزات لا تقتصر على الاعتمادات المستندية فقط، بل تمتد للحوالات المالية وبطاقات الفيزا التي تباع في السوق الموازية. وقال لـ"العربي الجديد" إن السماسرة والمضاربين في السوق لديهم دور بتمويل شراء بطاقة 10 آلاف دولار للاستفادة من الفرق بين سعر المصرف (4.77 دينارات للدولار) وسعر السوق الموازية (5.15 دينارات للدولار).
ورأى المصرفي معتز هويدي أن هناك طلبا متزايدا على النقد الأجنبي بنفس الفترة من العام الماضي. وقال لـ"العربي الجديد" إن استخدامات النقد الأجنبي قفزت بنحو 40% خلال سبعة أشهر من العام الحالي، بقيمة زيادة تصل إلى 9.38 مليارات دولار"، ما وصفه بالزيادة غير المنطقية مع الاستقرار العالمي في الأسعار، مشيراً إلى أن ليبيا تستورد أكثر من 80% من احتياجاتها من الخارج.
وكشف مصرف ليبيا المركزي أن إجمالي استخدامات والتزامات النقد الأجنبي للفترة من الأول من يناير 2023 إلى 31 يوليو من العام ذاته بلغت 23.3 مليار دولار، بعجز في ميزان المدفوعات يبلغ 10.5 مليارات دولار.