أعلن زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو أنه سيمتنع عن دفع فواتير الكهرباء التي تصل إليه مستقبلا احتجاجا على زيادة تعرفة أسعار الكهرباء، التي تؤثر على جميع القطاعات، وتزيد من الضغوط على المواطنين، حتى يلغي الرئيس رجب طيب أردوغان الزيادات المفروضة على أسعار التعرفة بدءا من هذا العام.
ونشر كلجدار، وهو زعيم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، ليلة الخميس، فيديو مسجلاً له على حسابه الرسمي على "تويتر"، كشف فيه عن قراره هذا بعد فترة من المناقشات حول تعرفة الكهرباء التي زادت بما يقارب من 130% هذا العام، رغم إعلان الرئيس أردوغان قبل أيام عن زيادة التعرفة المدعومة للمواطنين من 150 كيلواطا إلى 210 كيلواطات، وتقديمه وعودا بمزيد من الإجراءات.
Neden elektrik faturalarınız şişirildi?
— Kemal Kılıçdaroğlu (@kilicdarogluk) February 9, 2022
Bir dilim kuru ekmeğinize kim göz dikti?
Bu zulme ancak birlikte son verdirebiliriz. Buyurun bu ibret tablosunu konuşalım… pic.twitter.com/N3ziJef1VQ
وتأتي خطوة كليجدار أوغلو بعد أيام من قليلة من إصدار 11 بلدية تابعة للمعارضة بيانا ثانيا بعد بيان أول تطالب فيه بدعم حكومي بإلغاء الضرائب المفروضة على تعرفة الكهرباء، وهي ضريبة القيمة المضافة وضريبة الاستهلاك، من أجل عدم رفع أسعار المواصلات التي تعتمد على الكهرباء، وهي خطوط النقل الحديدية من المترو والترام، والتي بدورها سيكون تأثيرها على الوضع المالي للمواطنين، فضلا عن تأثير ذلك على أسعار المياه والخبز المدعوم، وهو ما سيزيد من صعوبة تقديم الخدمات.
وقطاع الكهرباء في تركيا هو قطاع خصخصته حكومات حزب العدالة والتنمية في السنوات السابقة، تماما كما خصخصت قطاعات أخرى، وهو أمر يثير انتقادات المعارضة على الدوام، معتبرة أن ما حصل من زيادة في أسعار التعرفة أمر مفروض من قبل الشركات المسيطرة على قطاع الكهرباء في البلاد.
وقال كليجدار أوغلو في تسجيله المصور: "قدمت عدة مرات مقترحات للقصر (الرئاسة) من أجل حلول عاجلة لفصل الشتاء وفواتير الكهرباء، حيث إن الجميع يمر بمرحلة صعبة، ومن أجل ألا تصل الأمور إلى هذه المرحلة، ناشدت القصر عدة مرات، حيث يعيش هؤلاء حياة الأغنياء داخله، فيما الملايين يعانون من الفقر ووصلوا إلى خط المجاعة، وقدمت مقترحات لصندق دعم للشتاء بكل خطواتها (لم يكشف عنها) ولكن لم يستمعوا لنا لنصل إلى هذه النتيجة الحالية".
وأضاف: "بدأت القصة من خلال خصخصة الكهرباء وسيطرة مجموعة شركات على القطاع، والسؤال ماذا يتم فعله في ما يأخذونه من أموال، هل هو لتمويل حملاتهم الإعلامية، لتخرج هذه الأموال من جيوب المواطنين، فيما خزينة الدولة الآن فارغة وناقصة، ولهذا يعملون على رفع الأسعار والفواتير من جيوب المواطنين".
وشدد على أن "ولاية إسبرطة، وسط البلاد، عانت من انقطاع الكهرباء مدة خمسة أيام متواصلة (الأسبوع الماضي) ولم تفتح الطرقات، وستكون لهذه الشركات خطوات مقبلة لقلب الرأي العام، الوقت بات متأخرا من أجل الصندوق، لذا يجب اتخاذ الإجراءات، ومنها تغيير ضريبة القيمة المضافة من 18% إلى 1% وصولا إلى فصل الصيف، وهو حل مؤقت لإيقاف النزيف، والباقي ستحله المعارضة بعد الانتخابات، أدعوك (أردوغان) للتراجع عن القرارات المتخذة برفع الأسعار لما قبل رأس السنة، من أجل أن تعود الفواتير لسابق عهدها، الزيادات أنت من وقع عليها وأنت من يجب عليه التراجع عنها لرفع الظلم عن الناس".
وختم مؤكدا: "الآن الدور عند أردوغان، أرسلوا (الشعب) فواتيركم وأرقام حساباتكم لأردوغان، لنرى إن كان سيساعدكم، وأدعوا البلديات لدعم فواتير أسر ذوي الدخل المنخفض، لن أدفع أي فواتير اعتبارا من اليوم إلى حين تراجع أردوغان عن قراره بإلغاء الزيادات على أسعار تعرفة الكهرباء".
واحتلت مواضيع الكهرباء المناقشات الجارية في البلاد بعد صدور أرقام عالية في الفواتير، حيث انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي أرقام لفواتير مرتفعة بلغت ضعفي ما كان العام الماضي لنفس الفترة من السنة، ومقابل ذلك، فإن وسائل الإعلام غطت، ولا تزال، بشكل مكثف، منذ بداية العام الجاري، مواضيع ارتفاع الأسعار.
الحكومة من جانبها أعلنت أن هناك إجراءات سيتم اتباعها لتخفيف الأعباء عن المواطنين، كان قد كشف عنها أردوغان بداية بزيادة النسبة المدعومة في الأسعار، وأن هناك خطوات أخرى ستأتي لاحقا ستقرها الحكومة في اجتماعها المقبل برئاسة أردوغان في أنقرة، حيث تجتمع الحكومة عادة كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، وينتظر أن يكون اجتماعها المقبل الأسبوع القادم إن لم يتم عقدها هذا الأسبوع.
وقال متحدث الحكومة إبراهيم قالن في لقاء تلفزيوني الثلاثاء: "نعلم أن هناك شكاوى من المواطنين تتعلق بفواتير الكهرباء، وأن الرئيس أردوغان سيعمل على مجموعة من التعديلات المتعلقة بهذا الأمر، وتم تعديل النسبة المدعومة، ما أراح قليلا المواطنين، وهناك تعليمات أخرى من الرئيس من أجل تخفيف الأعباء عن المواطنين وسيكشف عنها في الفترة المقبلة".
من ناحيته، أعلن وزير الطاقة والثروات الباطنية فاتح دونماز أنه سيعقد اجتماعا، الجمعة، مع مدراء شركات توزيع الكهرباء في البلاد، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
وعقب هذه التصريحات، نقلت وسائل إعلام تركية أن "الإجراءات الجديدة تشمل مؤسسات منظمات المجتمع المدني، من مثل الجمعيات والأوقاف وبيوت الجمع، من أجل تخفيف الأعباء عن كاهل هذه المنظمات، وأن العمل متواصل واقترب من نهايته، وأن أردوغان أصدر تعليماته في هذا الإطار إلى وزارة الطاقة والثروات الطبيعية، وأن إجراءات تخفيف أعباء هذه المنظمات تشمل إخراجها من صفتها التجارية، كما أن الإجراءات تشمل خطوات أخرى من أجل تخفيف أعباء المواطنين، وأنه سيتم إعلانها خلال مدة تصل إلى 10 أيام حدا أقصى".
ويبدو أن القصة لن تتوقف عند هذا الحد مع التفاعل الإعلامي الكبير بموضوع أسعار التيار الكهربائي، خاصة أن رفض كلجدار أوغلو دفع الفواتير يوحي بحالة من الدعوة إلى المقاطعة الشعبية من قبل أنصار المعارضة، ولكن هذه الدعوة، وإن لاقت قبولا، ستنعكس على المشاركين فيها بسبب عقود الكهرباء التي تنص على قطعها وفرض رسوم قطعها وإعادة ربطها في حال عدم تسديد الفواتير، لأن الشركات الخاصة تتابع عن كثب هذا الموضوع ولا تتسامح فيه مثل المؤسسات الحكومية الكهربائية في الدول الأخرى.
وتناول الكاتب الصحافي الشهير فاتح ألطايلي دعوة كلجدار أوغلو في مقاله الخميس بموقع خبر تورك، قائلا "لا يهم إن كان كلجدار سيدفع الفواتير التي تصل إليه أم لا، ولكن المؤكد أن كثيرا من المواطنين لن يستطيعوا دفع فواتير الكهرباء، وكل شيء بدأ مع عمليات الخصخصة التي انطلقت قبل 10-12 عاما عبر شركات مقربة من الحكومة، وحصلت على الخصخصة بأرقام كبيرة وبلغت قيمتها في الفترة من 2009 إلى 2012، في 21 منطقة فقط، 13 مليار دولار، وكان الحديث أن هذه الخصخصة ستزيد من المنافسة، ورفع جودة الخدمات بأفضل الأسعار، ولكن هذا لم يحصل، وعلى العكس، فإن الشركات تقاسمت الأدوار والمناطق لتحقيق مكاسبها في ظل صمت حكومي، فوصلت الأمور إلى أرقام باهظة في أسعار الكهرباء لا يمكن معها الحديث عن إمكانية تخفيضها".
وشهدت تركيا نهاية العام المنصرم تقلبات شديدة في سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، وهو ما أدى إلى زيادة كبيرة في الأسعار، ورافق ذلك ارتفاع في أسعار الطاقة والمحروقات، ومنها أسعار الكهرباء والغاز والوقود، وبلغت نسبة التضخم أكثر من 30%، الأمر الذي أثار استياء المعارضة ودفعها للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، فيما حاولت الحكومة التخفيف من عبء ما حصل عبر زيادات في الرواتب لم ترضِ المعارضة أيضا.