زراعة الأنفاق البلاستيكية تنتشر في إدلب... بدائل لزيادة دخل السوريين

18 ابريل 2024
مزارع في إدلب حيث يلجأ الكثيرون إلى بدائل تقنية لزيادة المحاصيل (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في إدلب، يستخدم المزارعون الأنفاق البلاستيكية لزيادة العوائد المالية وتلبية حاجات السوق، مما يوفر بيئة مثالية لنمو المحاصيل وحمايتها من الآفات وتقلبات الطقس.
- الزراعة تحت الأنفاق تتطلب استثماراً يتراوح بين 350 و500 دولار لكل دونم، لكنها تعود بربح يصل إلى 2000 دولار لكل دونم، رغم التحديات مثل الصقيع والأمطار الغزيرة.
- تساهم الأنفاق البلاستيكية في تحسين الإنتاج الزراعي والاقتصاد المحلي، وتوفر فرص عمل للنساء والشباب، وتسهم في توفير الخضروات بأسعار مقبولة في الأسواق المحلية، مما يعود بالنفع على المستهلكين.

يقبل مزارعون في إدلب شمال غربي سورية على الزراعة ضمن ما يعرف بـ"الأنفاق البلاستيكية"، بهدف زيادة عوائدهم من أراضيهم، وتغطية حاجة السوق من مختلف أنواع الخضار.

وتوفر هذه النوعية من التقنية الزراعية بيئة مناسبة لنمو المحاصيل، وتؤمّن حماية النباتات من جميع الآفات وتقلبات الطقس، بهدف إنتاج ثمار صيفية مبكرة وطرحها في الأسواق قبل موسمها المعتاد.

يقول المهندس الزراعي كمال الحسن (44 عاماً) من مدينة إدلب لـ"العربي الجديد" إن "زراعة الأنفاق البلاستيكية باتت مصدر الدخل الأساسي لأكثر من 70% من سكان ريف إدلب، ولها الدور الأكبر في الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية".

ويضيف الحسن أن "هذه التقنية باتت ذات جدوى اقتصادية مهمة وأضحت واسعة الانتشار في الشمال السوري، رغم أنها تحتاج إلى رعاية وظروف بيئية معيّنة".

ويشير الحسن أن المزارعين يستخدمون شكلاً واحداً من الأنفاق، بينما يختلف طولها تبعاً لطبيعة الأرض المراد زراعتها.

ويتكون النفق البلاستيكي من سلك معدني مقوس، يقوم المزارعون بوضع قطع من أكياس النايلون الشفّاف المخصّص لذلك الغرض فوق الأسلاك المعدنية، ويتم تثبيت طرف منه بالتربة، فيما يتم تثبيت الطرف الآخر بأكياس مليئة بالتراب، وذلك لتسهيل فتح النفق وإغلاقه أثناء متابعة نمو المحاصيل، وفق المهندس الزراعي السوري.

ويؤكد أن كل دونم (يعادل ألف متر مربع) يحتاج إلى رأسمال يتراوح بين 350 و500 دولار، فيما يجني منه المزارع مبلغا يتراوح بين 1500 و2000 دولار تقريباً، مبيناً أن هذه الزراعة تحتاج إلى مواد معينة منها الحديد والنايلون إلى جانب ثمن البذور والأسمدة والمبيدات ومياه الري وتكلفة الأيدي العاملة.

وحول العوامل التي تؤثر على المحصول، يوضح الحسن أن المزارعين قد يواجهون العديد من المخاطر والصعوبات التي تهددهم بخسائر كبيرة منها الصقيع والأمطار الغزيرة التي تسبب السيول وانجراف التربة، فيما تتسبب العواصف الهوائية بتمزيق النايلون الذي يغطّي الأنفاق، ما يجعل شتلات الخضروات مكشوفة، وعرضة للتّلف تحت درجات الحرارة المنخفضة.

من جهته، يقول المزارع محمد الخلوف (55 عاماً) من مدينة حارم شمالي إدلب، إنه يقوم بزراعة الخضار ضمن أنفاق قبل موسمها ويكسب من ذلك مردوداً جيداً، مضيفا أن "زراعة الأنفاق الزراعية تعد أقل تكلفة بكثير من زراعة البيوت المحمية الكبيرة، إضافة إلى أن المردود الاقتصادي للمحصول المزروع بداخلها ممتاز مقارنة مع تكاليف إنشاء هذه الأنفاق، التي تعد بسيطة وفي متناول كل من يريد استثمار أرضه الزراعية بشكل أمثل".

يشير الخلوف إلى أنه يركز على زراعة أرضه التي تقدر نحو 5 دونمات بالخضروات لاسيما الخيار والكوسا والفاصولياء بشكل أساسي، لافتا إلى أنه يبدأ بالزراعة في منتصف شهر فبراير/شباط، وعادة ما تطرح إنتاجها بحلول إبريل/ نيسان وهو الشهر الذي تبدأ فيه زراعة الشتلات في الأراضي المكشوفة.

ويقول إنه يعمل على إعداد الأرض للزراعة قبل إقامة الأنفاق، حيث يقوم بحراثة الأرض ومد خراطيم الري بالتنقيط، ثم زراعة البذور أو الشتلات، ويتم فرد النايلون على الأقواس المعدنية المقامة فوقها، ويأخذ في الحسبان أن تكون الأنفاق في اتجاه الريح السائدة، وخاصة الريح القوية، ويفضل أن تكون في وضع يسمح بتعرضها لأكبر قدر من أشعة الشمس، كما يقوم بعملية تهوية المحاصيل حسب الظروف الجوية السائدة، بحيث يكون ذلك في الأيام الدافئة في وقت الظهيرة حتى العصر.

بدوره يقول عبد الرزاق السلوم (44 عاماً) من مدينة سرمدا شمالي إدلب، وهو تاجر في سوق الخضار بمدينة معرتمصرين شمالي إدلب إن "الأنفاق الزراعية تمكن المزارعين من زراعة المحاصيل في غير موسمها، كما تسهم في توفر الخضروات في الأسواق المحلية وانخفاض أسعارها بشكل تدريجي، فبعد تدفق المحاصيل المحلية إلى الأسواق، تنخفض الأسعار إلى النصف تقريباً، وتصبح مقبولة، ما يعود بالنفع على المستهلكين ويمكّنهم من شراء حاجاتهم من الخضروات".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويضيف السلوم لـ"العربي الجديد": "لقد أصبحت الحياة صعبة بالنسبة للفقراء وذوي الدخل المحدود الذين يزداد عددهم كل يوم، لذا نأمل أن تنخفض أسعار الخضار التي حلقت خلال الفترة الأخيرة، فيما كانت سابقاً طعام الفقراء لرخص ثمنها، ولكنها اليوم غدت غالية الثمن، ولا تستطيع الكثير من العوائل شراءها".

وتؤمن زراعة الأنفاق فرص عمل لعدد من النساء والشباب الذين يتعاقدون مع صاحب المشروع الزراعي منذ بداية الموسم ويلتزمون معه في الأعمال على امتداد الموسم.

كاملة السعيد (41 عاماً) نازحة من مدينة سراقب إلى مخيم كفربني شمالي إدلب، تجد فرصة عمل مع ابنتيها في زراعة الخضار.

وتقول لـ"العربي الجديد": "أعمل مع بناتي في حقل مزروع بالخضار ضمن أنفاق بلاستيكية، وتحصل كل منا على مبلغ 50 ليرة تركية يومياً، أي حوالى دولار ونصف، حيث يساعدنا هذا المبلغ في تأمين احتياجاتنا الأساسية في ظل النزوح والفقر وشح فرص العمل".

المساهمون