"رويترز": قطر قد تسيطر على 25% من سوق الغاز الطبيعي المسال في 2030

27 فبراير 2024
قطر تعتزم رفع إنتاجها من الغاز 85% إلى 142 مليون طن سنوياً بحلول 2030 (قطر للطاقة)
+ الخط -

يقول خبراء السوق إن التوسع الذي تخطط له قطر في إنتاج الغاز الطبيعي المسال يمكن أن يجعلها تسيطر على حصة 25% تقريباً من السوق العالمية بحلول عام 2030 وتضغط على المشروعات المنافسة بما في ذلك في الولايات المتحدة حيث أوقف الرئيس الأميركي جو بايدن موافقات التصدير الجديدة.

وتخطط قطر، وهي من أكبر مصدّري الغاز الطبيعي المسال في العالم، لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنسبة 85% من الإنتاج الحالي لحقلها الشمالي البالغ 77 مليون طن متري سنوياً، لتصل إلى 142 مليون طن متري سنوياً بحلول عام 2030، من 126 مليون طن متري سنوياً كانت متوقعة في السابق.

وقال بعض خبراء السوق وفقاً لوكالة "رويترز"، إن هذه الخطوة سيكون لها تأثير في المشروعات العالمية في الولايات المتحدة وشرق أفريقيا وأماكن أخرى، الأمر الذي يتطلب تمويلاً إلى جانب التزام عملاء المدى الطويل باتخاذ (قرار الاستثمار النهائي) نظراً لتميز قطر باعتبارها المنتج الأقل تكلفة في العالم.

وصرّح إيرا جوزيف، كبير الباحثين في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا لـ"رويترز"، بأن "القطريين أدركوا أنهم يجب أن يكونوا قادرين على تقديم الأسعار الأكثر تنافسية إلى حد كبير".

وأشار إلى أن لدى القطريين "الاحتياطيات والتكاليف الأقل لبناء القدرات الإضافية والعلاقات مع الشركات الهندسية والعملاء الحاليين، فلماذا يتوقفون عند هذا الحد؟".

وأضاف أن "هذا يشير إلى أنهم إما يعززون استغلال هذا أو يخسرونه. إذا كنت المنتج الأقل تكلفة في العالم، فلماذا لا تضرب بقوة وتُبعد أي منافسة تتطلب عملاء على المدى الطويل وتمويلاً؟"، على حد قوله.

من جهته، قال فريزر كارسون، كبير محللي الأبحاث العالمية للغاز الطبيعي المسال في شركة "وود ماكنزي" للوكالة ذاتها، إن توقيت الإعلان القطري جاء "من حسن الحظ"، مع تعطل المنافسين الرئيسيين الآخرين في قطاع الغاز الطبيعي المسال في ضوء تعليق إدارة بايدن لموافقات تصدير الغاز الطبيعي المسال الأميركي وفرض عقوبات على الغاز الطبيعي المسال الروسي واستمرار الاضطرابات الداخلية في موزمبيق.

واشتدت المنافسة بين قطر والولايات المتحدة بعد قرار أوروبا بالتوقف التدريجي عن الاعتماد على خط أنابيب الغاز الروسي بعد غزو موسكو لأوكرانيا، إذ برز موردو الغاز الأميركيون لسدّ الفراغ الناتج من ذلك في العرض، وأثبتوا أنفسهم كأكبر مصدرين للغاز الطبيعي المسال في العالم في عام 2023، متجاوزين قطر على الرغم من مساهمة قطر في سدّ هذا الفراغ أيضاً.

وستتضاعف سعة إنتاج الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال تقريباً خلال السنوات الأربع المقبلة، لكن القرار بإيقاف الموافقات مؤقتاً على طلبات إنشاء محطات جديدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، الذي يتعلق بالمراجعات البيئية، أدى إلى تحذيرات من مستوردي الغاز من أن هذه الخطوة ستضر بأمن الطاقة المستقبلي على مستوى العالم، بحسب "رويترز".

وقال كوشال راميش، نائب رئيس أبحاث الغاز الطبيعي المسال في "ريستاد إنرجي" لـ"رويترز" إن "الإشارة التي يجب على المشروعات الأميركية أن تستوعبها من هذا، هي أنه إذا لم تمضِ قدماً، فإن غيرها سيفعل". 

آفاق سوق الغاز الطبيعي المسال في آسيا

قال أليكس فرولي، كبير محللي بيانات الغاز الطبيعي المسال، في شركة "آي.سي.آي.إس" لـ"رويترز"، إن "التوسع الجديد من المتوقع أن يؤدي إلى فترة تشهد أسعاراً أكثر استقرار وانخفاضاً تمتد لبقية العقد وأن يشجع على زيادة إقبال المشترين الآسيويين على الغاز الطبيعي المسال".

بينما رأى راميش أن "توفير 16 مليون طن سنوياً من المنتج منخفض التكلفة أمر إيجابي بالنسبة إلى آسيا، وهو تحديداً ما تحتاجه سوق الغاز الطبيعي المسال لضمان مستقبل طويل الأجل في (سوق) آسيا الناشئة".

ومن المنتظر نموّ سوق الغاز العالمية إلى ما بين 580 و600 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، من 400 مليون طن سنوياً حالياً، مدعومة في المقام الأول بالطلب الآسيوي. ومن المتوقع أن تسيطر قطر على 24 إلى 25% من هذه السوق بحلول ذلك الوقت.

وفي هذا الإطار، قال هنينغ جلويستاين، مدير الطاقة والموارد في "أوراسيا غروب" لرويترز إن "قطر تتمتع بموقع جغرافي جيد يمكنها من تلبية الطلب المرتفع الحالي في شمال شرق آسيا في الصين واليابان وكوريا والطلب المستقبلي في منطقة النمو الحقيقي الوحيدة المتمثلة بجنوب آسيا، وخصوصاً في الهند".

وقال وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، الرئيس التنفيذي لـ"قطر للطاقة"، سعد بن شريدة الكعبي، خلال مؤتمر صحافي يوم الأحد، إنه لا يزال يعتقد أن هناك فرصة كبيرة لأن يصبح الغاز جزءاً من مزيج الطاقة في المستقبل.

وأضاف الكعبي: "لا نزال نعتقد بوجود مستقبل كبير للغاز لمدة 50 عاماً على الأقل، وكلما تمكنا من القيام بالمزيد من الناحية الفنية، سنفعل... نرى أن أوروبا ستحتاج إلى الغاز لفترة طويلة جداً جداً. لكن النمو في آسيا سيكون بالتأكيد أكبر منه في أوروبا مدفوعاً بشكل أساسي بالنمو السكاني".

من المنتظر نمو سوق الغاز العالمية إلى ما بين 580 و600 مليون طن سنويا بحلول 2030، من 400 مليون طن سنويا حاليا، مدعومة بالطلب الآسيوي

وقال فرولي إنه بالرغم من المخاوف بشأن التأثير الإضافي لانبعاثات الكربون الناتجة من الإنتاج العالمي الجديد للغاز الطبيعي المسال، يرى آخرون أنه لا يزال هناك احتمال كبير لأن يعمل الغاز على تقليل الانبعاثات بأن يحل مكان الفحم والنفط.

وأضاف نقلاً عن أرقام وكالة الطاقة الدولية، أنه "على الرغم من كونها أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم العام الماضي، فإنّ نصيب الغاز في مزيج الطاقة الإجمالي في الصين لا يتجاوز 8% تقريباً مقابل 61% للفحم و18% للنفط، على سبيل المثال".

واضطلعت أكبر شركات الطاقة في العالم، بما في ذلك "إكسون موبيل" و"شل" و"توتال إنرجيز" و"كونوكو فيليبس" بدور محوري في صناعة الغاز الطبيعي المسال في قطر لعقود من الزمن.

وتملك جميع هذه الشركات حصصاً في مرافق الإنتاج القائمة، واستحوذت في السنوات الماضية على حصص في مراحل التوسعة الجديدة، إذ قدمت أموالاً مقابل الحصول على كميات من الغاز الطبيعي المسال.

ومع أن العقود الجديدة ليست مربحة مثلما كانت في الماضي، وفقاً لمصادر في القطاع، فإنها توفر للشركات موطئ قدم مهماً في صناعة الغاز الطبيعي المسال والتي تتوقع المصادر أن تستمر في النمو في العقود المقبلة مع تحول الاقتصادات من الفحم إلى الغاز الطبيعي الأقل تلويثاً، بحسب "رويترز".

ووفقاً لـ"رويترز"، تتوقع مصادر في القطاع أن تواصل قطر البحث عن الشراكات مع أطراف عالميين، نظراً لأن لديها الكثير من كميات الغاز الطبيعي المسال للبيع.

ويرجّح أحد المصادر أن تسعى شركة "وودسايد" الأسترالية، التي صار مشروعها في مدينة "ليك تشارلز" الأميركية مهدداً بسبب قرار بايدن وقف الموافقات، لأن تصبح شريكاً لقطر، نظراً لأنها أوقفت في الآونة الأخيرة خططاً لشراكة بقيمة 52 مليار دولار مع منافسها الأصغر سانتوس. 

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون