روسيا تقاوم التخلف عن سداد ديونها رغم شدة العقوبات

27 مايو 2022
روسيا تملك الأموال لكن العقوبات تحول دون سداد دفعات الديون بانتظام وسهولة (فرانس برس)
+ الخط -

من المرجح أن يدفع تضييق الخناق على روسيا بالعقوبات التي تفرضها دول الغرب، رداً على غزوها أوكرانيا، إلى التخلف عن سداد ديونها لاحقاً، لكن موسكو تبدو متماسكة على هذا الصعيد حتى اليوم الجمعة، فيما تشير المعلومات إلى أن الدفعة المستحقة اليوم، والبالغة 71 مليون دولار، قد تكون سُددت بعملات تحتفظ بها خارج المؤسسات المالية الأميركية، قبل أن تلغي واشنطن هذا الأسبوع إعفاءً سمح لها بسداد دينها الخارجي بالدولار.

لكن مع استحقاق دفعات أخرى في وقت لاحق، سيكون العالم على الأرجح أمام أول حالة تخلف دولة بعكس إرادتها عن السداد بسبب عقوبات دولية، وليس بسبب عدم حيازتها الأموال الضرورية للتسديد.

فما هو التخلف عن سداد الديون السيادية؟

تُعتبر دولة ما متخلفة عن السداد عندما لا تفي بالتزاماتها المالية، إما إلى دولة أخرى أو إلى مؤسسات مالية دولية مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، أو إلى مستثمرين اشتروا سنداتها. ويعدّ التخلف جزئياً في حالة عدم تسديد جزء من الدين.

ويمكن لحكومة ما إعلان تخلفها عن السداد بالتصريح بأنها لن تسدد دينها، على غرار ما فعلت سريلانكا الشهر الماضي، وكما فعلت روسيا في 1998 بخصوص دينها الداخلي.

كما يمكن أن يُعلن التخلف عن السداد من جانب وكالة تصنيف بعد نهاية فترة سماح آلية من 30 يومياً، في أعقاب استحقاق موعد الدفعة. لكن في حالة روسيا فإن وكالات التصنيف الثلاث توقفت عن تغطية هذا البلد التزاماً بالعقوبات الغربية.

ويمكن إعلان التخلف عن السداد رسمياً من جانب جهة مقترضة خاصة تقول علناً إن دولة ما لم تسدد الدفعة، أو عبر الاتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات (إسدا)، والذي يمكن لقراره المتعلق بعدم السداد أن يؤدي إلى تحرير دفعات تأمين مقايضات التخلف عن السداد (سي دي إس) ، وهو شكل من أشكال تأمين سداد الديون.

ما الوضع بالنسبة لديون روسيا؟

حتى هذا الأسبوع، سمح إعفاء من العقوبات الأميركية لروسيا بتسديد الدفعات لحاملي السندات بالدولار، لكن إدارة بايدن ألغت الإعفاء. ومع ذلك، كررت روسيا الأربعاء استعدادها لتسديد كل ديونها بالروبل، لكن شروط بعض السندات تحدد أن تكون الدفعات بالدولار أو بعملات أخرى.

وتستحق الجمعة دفعة فائدة قيمتها 71 مليون دولار، وبحسب الأستاذ في كلية كان للأعمال IAE سليم سويسي، فإن بنود السندات "لا تشمل الدفع بالروبل، فقط بالدولار واليورو والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري". وقد تعتبر دفعة بالروبل تخلفاً عن السداد، حسبما قال خبير لدى وكالة فيتش للتصنيف الائتماني.

وربما تكون الدفعة قد سُددت قبل إلغاء الإعفاء الأميركي من العقوبات. فقد أعلنت وزارة المال الروسية، في بيان الأسبوع الماضي، أنها حوّلت المبالغ لتوزيعها على حاملي السندات. وقالت: "تم الوفاء بواجب السداد بالنسبة لسندات الاتحاد الروسي بالكامل، ووفقاً لوثائق سندات يوروبوند من جانب وزارة المال الروسية".

وأضافت أن دفعة ثانية قدرها 26.5 مليون يورو مستحقة الجمعة تم تسديدها أيضاً، رغم أن الدفعة يمكن تسديدها بالروبل بموجب شروط السندات.

وتستحق 3 دفعات فوائد يبلغ مجموعها أقل بقليل من 400 مليون دولار بنهاية يونيو/ حزيران، بحسب بيانات جمعتها وكالة بلومبرغ. بعض تلك السندات يمكن أن تدفع فقط بالدولار.

وفي المجموع يتعين على الحكومة الروسية تسديد 14 دفعة بحلول نهاية العام.

تملك روسيا أموالاً لكن العقوبات تصعّب سداد الديون

لدى روسيا الأموال الضرورية للسداد وتريد أن تسدد، لكنها لا تستطيع بسبب العقوبات الغربية.

ويقول خبراء إنها الحالة الأولى من نوعها. فعندما تخلفت الأرجنتين عن السداد في 2014، كانت لديها الأموال، لكنها رفضت الدفع لصناديق التحوط التي رفضت قبول صفقة، لأنها كانت ستقوض مجمل عملية إعادة التفاوض على ديونها.

وقد هددت وزارة المال الروسية باللجوء إلى القضاء إذا أُعلنت روسيا في حالة تخلف عن السداد، لإثبات أنها سعت إلى التسديد للدائنين.

ويعني التخلف عن السداد عادة فقدان دولة ما قدرتها على الاقتراض في أسواق راس المال الدولية لعدة سنوات حتى تستعيد ثقة المستثمرين.

في هذه الحالة، فإن العقوبات الدولية المفروضة تحول دون تمكن روسيا من الاقتراض. وبينما لا تمثل ثقة الدائنين بقدرة روسيا على السداد مشكلة في الوقت الحالي، إلا أنها يمكن أن تصبح مشكلة إذا ما دفعت العقوبات باقتصاد هذا البلد إلى الركود الحاد.

روسيا قد تبني مزيداً من السفن لتصدير الحبوب

على صعيد آخر، قال وزير الزراعة الروسي دميتري باتروشيف، في مؤتمر اليوم الجمعة، إن روسيا قد تبدأ في بناء المزيد من السفن لتصدير الحبوب، فيما تتنافس روسيا مع الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا لتزويد الشرق الأوسط وأفريقيا بالقمح.

وتواصل موسكو التصدير على الرغم من الصعوبات المتعلقة بالخدمات اللوجستية والمدفوعات الناجمة عن العقوبات الغربية عليها بسبب ما تسميه روسيا "عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا.

(فرانس برس، رويترز)

المساهمون