روسيا ترسّخ تواجدها في سورية بعقد سياحي طويل الأمد

08 يوليو 2022
حصلت شركة “سينارا غروب” الروسية على الموقع السياحي السوري بعقد مدته 45 سنة (فرانس برس)
+ الخط -

بعد ثماني سنوات من المفاوضات، استحوذت روسيا على ما يوصف بأهم المواقع السياحية على ساحل مدينة اللاذقية، غربي سورية، لتحوّل موقع "جول جمال" الشهير، عبر عقد استثماري طويل الأمد، إلى مجمّع سياحي من درجة 4 نجوم وفندق يتضمن 300 غرفة.

وحصلت شركة “سينارا غروب” الروسية على الموقع السياحي السوري عبر عقد مدته 45 سنة، بحسب ما أكد رئيس مجلس مدينة اللاذقية، حسين زنجرلي، لوكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، منوهاً إلى أن المفاوضات مستمرة منذ عام 2014 مع الشركة الروسية الخاصة التي تأسست عام 2011، قدمت خلالها "سينارا إنت" مخططات لتنفيذ مجمع سياحي بكلفة 5 مليارات ليرة سورية.

ويضيف زنجرلي، الذي وقّع العقد قبل يومين مع مدير عام الشركة الروسية ديمتري أوبارين، أن "سينارا إنت" أعادت مباحثات سابقة حول استثمار الموقع الذي تسعى إليه روسيا ليعيد إطلاقه المباحثات منذ عام 2014، قبل أن يتم توقيع العقد قبل يومين.

ويرى المختص في النقل والاستثمار البحري، معد حسون، أن موقع "جول جمال" من أهم المواقع البحرية في مدينة اللاذقية، فهو محازٍ للشاطئ الأزرق ويقصده السياح العرب والأجانب قبل الحرب، ولكن خلال السنوات الأخيرة لم يعد يزوره إلا قلة من السوريين والروس، مبيناً أن الاستثمار الروسي يتضمن إنشاء منتجع سياحي يتكون من فندق كبير من فئة 4 نجوم وعدد كبير من الشاليهات ومسابح صيفية وشتوية ومطاعم وأنشطة سياحية. ما يعني، برأيه، الاستحواذ على أهم شاطئ في مدينة اللاذقية.

ويكشف حسون، من مدينة اللاذقية، لـ"العربي الجديد"، أن شركة "سينارا إنت" الروسية تتوسع في أعمالها واستثماراتها بسورية، خاصة في القطاع السياحي والنقل والخدمات المالية، معتقداً أنها "أداة حكومية بيد الرئيس الروسي" لتحصيل الأموال التي تدفعها روسيا لنظام الأسد، سواء من خلال القمح أو النفط أو الأسلحة.

ويشير حسون إلى أن شركة "سينارا إنت" لديها خبرة بالمطارح الاستثمارية وتشارك في المعارض السياحية السورية "متواجدة في السوق السورية منذ عام 2005 عبر فرعها أينتوريست سينارا بريف دمشق، وحصلت على استثمارات في قطاع النقل والعقارات والسكك الحديدية".

من جهته، يقول وزير السياحة في حكومة بشار الأسد، محمد رامي مرتيني، بعد التصديق على العقد، إن الشركة الروسية قدمت جميع التسهيلات لإنجاح توقيع العقد الذي يتضمن نسباً من الدخل لصالح مجلس مدينة اللاذقية، وسيسهم في تطور متسارع للقدوم السياحي من الجانب الروسي إلى سورية، خاصة مع وجود عدة شركات روسية تستثمر في القطاع السياحي السوري".

ويتساءل الاقتصادي السوري محمود حسين، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، عما أسماه سر الاستثمارات طويلة الأمد مع الشركات الروسية، مستذكراً استثمار مرفأ طرطوس لمدة 49 سنة. وعن سر تأكيد العقود على عبارة قابل للتجديد، ثم رأى أن "تلك الاستثمارات تأخذ طابع الأبدية، إن لم نقل تتمة ملامح الاستعمار الروسي".

ويضيف حسين متسائلاً ما هي نسبة سورية "مجلس مدينة اللاذقية" من العقد ولماذا اكتفى وزير السياحة بالتعميم "نسباً من الدخل" وهل الفترة الراهنة، بالنسبة لسورية أو لروسية، مناسبة للاستثمار السياحي "من سيأتي للسياحة بسورية حتى يفكروا في تحويل اللاذقية إلى نسخة من أنطاليا التركية كما يدعي مسؤولو السياحة".

وكانت روسيا، عبر شركة "ستروي ترانس غاز"، قد حصلت منتصف عام 2019 على "عقد تأجير" مرفأ طرطوس، الأكبر في سورية، من خلال نظام "بي أو تي" لمدة 49 عاماً وبكلفة تتجاوز 500 مليون دولار، لتوسيع الجزء الشمالي من المرفأ الذي بنته شركة دنماركية عام 1960، وتحديث بنيته التحتية وإنشاء مرفأ جديد.

كما وقّعت الشركة الروسية نفسها "ستروي ترانس غاز"، في نيسان/إبريل من عام 2017، عقد استثمار وإدارة الشركة العامة للأسمدة بحمص، بعد عقد آخر مع “المؤسسة العامة للجيولوجيا” التابعة لوزارة النفط والثروات المعدنية على حق استخراج الفوسفات من مناجم “الشرقية” في تدمر شرق حمص، لمدة 50 عاما وبحجم إنتاج 2.2 مليون طن سنويا. وهو ما يراه مراقبون، السيطرة على مقدرات سورية الاقتصادية لتعويض الأموال والقروض والبقاء على الأراضي السورية لأطول فترة ممكنة.

المساهمون