روسيا تجني عوائد صعود أسعار النفط جراء التصعيد الإيراني الإسرائيلي

11 أكتوبر 2024
منصة نفط روسية، 10 أبريل 2011 (ميخائيل مورداسوف/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- ارتفاع أسعار النفط: تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل أدى إلى زيادة أسعار النفط العالمية، حيث تجاوز خام برنت 79 دولارًا للبرميل، مدفوعًا بتصريحات الرئيس الأمريكي حول احتمال ضرب مواقع نفطية إيرانية وزيادة الطلب في فلوريدا بسبب إعصار ميلتون.

- توقعات مستقبلية: يتوقع خبراء الطاقة قفزة كبيرة في أسعار النفط قد تصل إلى 200 دولار للبرميل إذا استمر التصعيد، رغم أن بعض المحللين يرون أن التأثير قد يكون محدودًا.

- تداعيات اقتصادية: تصاعد التوترات قد يؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي وارتفاع التضخم، بينما قد تستفيد روسيا من الوضع بزيادة الاعتماد على الممر البحري الشمالي.

مع ترقب تطورات الوضع في الشرق الأوسط وسط تصعيد التوتر بين إيران وإسرائيل، تجني روسيا وغيرها من الدول المنتجة عوائد إضافية جراء تفاعل أسعار النفط العالمية مع النزاع في المنطقة وتوجه سعر نفط برنت نحو عتبة الـ80 دولارا للبرميل مقابل ما يزيد عن 77 دولاراً أمس الخميس بعد إقرار الرئيس الأميركي، جو بايدن، بأن واشنطن ناقشت احتمال ضرب إسرائيل لمواقع نفطية إيرانية.

وما يعزز المخاطر الناجمة عن الاضطرابات المحتملة في إمدادات النفط الإيراني، هو استعادتها حجم إنتاج النفط ما قبل العقوبات الغربية، مما يجعلها لاعبا مؤثرا في السوق العالمية.

وارتفعت أسعار النفط الخميس، على خلفية مخاوف من احتمالات تعطل إمدادات من منطقة الشرق الأوسط، وسط تقارير عن عزم إسرائيل توجيه ضربة لإيران، وذلك إلى جانب زيادة الطلب على الوقود في ظل عاصفة كبيرة بفلوريدا. وعند التسوية أمس الخميس، زادت سعر برميل العقود الآجلة لخام برنت 2.82 دولار أو 3.68% إلى 79.4 دولاراً، كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 2.61 دولار أو 3.56% مسجلة 75.85 دولاراً.

وتتعرض الولايات المتحدة، أكبر دولة منتجة ومستهلكة للنفط في العالم، لعاصفة كبيرة أخرى، وهي الإعصار ميلتون، الذي وصل إلى الساحل الغربي لفلوريدا، مما تسبب في رياح عاتية واحتمالات بارتفاع منسوب مياه البحر. ورفعت العاصفة الطلب على البنزين في الولاية، إذ نفدت الإمدادات من نحو ربع محطات الوقود، مما ساعد في دعم أسعار الخام.

كما تلقت أسعار النفط دعما من استمرار حذر المستثمرين من زيادة محتملة لحدة التوتر بين إسرائيل وإيران، إذ توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إيران بضربة ستكون "فتاكة ودقيقة ومفاجئة". لكن رغم تصدر التهديدات المتعلقة بالإنتاج من منطقة الشرق الأوسط الاهتمام، لا يزال ضعف الطلب يطغى على التوقعات الأساسية وفق رويترز. فقد خفضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية يوم الثلاثاء توقعاتها للطلب في العام 2025 بسبب ضعف النشاط الاقتصادي في الصين وأميركا الشمالية.

تكهنات بقفزة في أسعار النفط

بموازاة التطورات الأخيرة، هرع خبراء في شؤون الطاقة للتكهن باتجاهات أسعار النفط في حال استمر التصعيد وما إذا كانت ستقفز إلى 100 أو 150 أو حتى 200 دولار للبرميل، ووصولا إلى مقارنة الوضع بصدمة أسعار النفط في عام 1973، حين فرضت الدول العربية حظرا على توريد النفط إلى الغرب على خلفية حرب أكتوبر لثني الدول الغربية عن دعم إسرائيل.

وفي وقت ستلبي فيه صدمة نفطية جديدة، وبزيادة، مصلحة كبار المصدرين ضمن مجموعة "أوبك+" ومنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة على حد سواء، ثمة تحذيرات من مغبة الإخلال بتوازن السوق ونشوب أزمة طاقة عالمية.

وتشير الأرقام الصادرة عن وزارة التنمية الاقتصادية الروسية إلى أن متوسط سعر نفط "يورالز" بلغ في سبتمبر/أيلول الماضي 63 دولارا للبرميل بتراجع نسبته نحو 10% بعد أن كان يفوق 70 دولارا للبرميل في الشهر السابق. ومع ذلك، بقيت أسعار النفط الروسي أعلى من السقف الذي تحدده الدول الغربية بـ60 دولارا للبرميل، خاصة وأن روسيا تورد إلى آسيا الخام من نوع "إسبو" الأعلى ثمنا من "يورالز". لكن في الأسابيع الأولى من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ارتفعت أسعار "يورالز" إلى أكثر من 65 دولارا للبرميل، مشكّلة دعما إضافيا للخزانة الروسية.

إلا أن الخبير في المعهد المالي التابع للحكومة الروسية، ستانيسلاف ميتراخوفيتش، يقلل من أهمية التوقعات باستمرار أسعار النفط العالمية في الارتفاع نظرا لعزوف أطراف النزاع في الشرق الأوسط عن مزيد من التصعيد، معتبرا أن استقرار ملاحة ناقلات الطاقة من نفط وغاز يشكل أهمية أكبر على الدول المنتجة مقارنة حتى مع أسعار الخام.

ويقول ميتراخوفيتش في حديث لـ"العربي الجديد": "تؤكد كل المؤشرات أن تداعيات التوتر الأخير على سوق النفط العالمية محدودة، إذ لا يتوقع التجار مزيدا من التصعيد في ظل عدم جاهزية إيران وإسرائيل والولايات المتحدة لحرب شاملة، ولذلك سجلت الأسعار ارتفاعا من دون قفزة كبيرة".

ويقلل من أهمية المزاعم أن روسيا ستكون رابحة جراء التصعيد في حال حدوثه، مضيفا: "الأهم بالنسبة إلى روسيا هو استقرار حركة ناقلات النفط كونه سيضمن استمرار تدفق عوائد الاقتصاد الوطني والخزانة عند مستويات مريحة. حاليا، يتصدر مرفأ نوفوروسيسك المطل على البحر الأسود الموانئ الروسية من جهة شحن الناقلات التي تمر عبر المضيقين التركيين، البوسفور والدردنيل، فالبحر الأبيض المتوسط وقناة السويس والبحر الأحمر وصولا إلى المحيط الهندي. واللافت أن الحوثيين لا يعرقلون حركة النفط روسي المنشأ المار في باب المندب والبحر الأحمر، ما يعكس قدرة موسكو على التوصل إلى اتفاقات مع أبرز اللاعبين في المنطقة".

لا رابحون من أزمة طاقة عالمية

يرسم رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، الأستاذ الزائر بالمدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، مراد صادق زاده، تداعيات السيناريو الأسوأ لتطور الأحداث، قائلا في تعليق لـ"العربي الجديد": "في حال بدء حرب إقليمية كبرى بضلوع الولايات المتحدة مع شن إيران ضربات على قواعد عسكرية إسرائيلية مختلفة، قد ترتفع أسعار النفط إلى ما بين 95 و120 دولارا.

وفي هذه الحالة، ستبقى هناك إمكانية لبيع النفط، ولكنه لن يشتريه أحد في حال ارتفعت الأسعار إلى أكثر من 150 دولارا، مما سيترجم إلى ركود الاقتصاد العالمي وارتفاع وتيرة التضخم عالميا".

ويحذر زاده من مغبة تحقق هذا السيناريو الخطر، مضيفا "في حال بلغت نسبة التضخم في الدول المتقدمة 15%، فهذا يعني أن التضخم الغذائي سيبلغ ما بين 30% و35%، وهذا سيشكل انهيارا عالميا حقا. ستتراجع قيمة الدولار مقابل صعود أسعار الذهب باعتباره ملاذا آمنا في أوقات الأزمات. ستبدأ أزمة غذائية في الصين نتيجة لنقص موارد الطاقة، فستسرع في الانتقال إلى مصادر الطاقة البديلة. قد تسرع مثل هذه التطورات التحول إلى مصادر طاقة جديدة في العالم أجمع".

ومع ذلك، اعتبر أن روسيا قد تجني بعض العوائد المالية من جهة زيادة الاعتماد على الممر البحري الشمالي الذي لا يمر بالشرق الأوسط، قائلا: "قد يحدث التوتر في الشرق الأوسط خللا في سلاسل إمدادات السلع، وستصبح هناك ضرورة تفعيل المسارات البديلة عبر آسيا الوسطى وروسيا والممر البحري الشمالي".

بدوره، قال الأستاذ في المدرسة العليا للإدارة بالجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية، أليكسي غريشينكو، لصحيفة فزغلياد الإلكترونية الموالية للكرملين: "تستفيد روسيا والميزانية الروسية من الوضع الراهن، لأن الميزانية تحصل على عوائد نفطية إضافية في ظروف ضعف الروبل أمام الدولار الذي يتم تداوله عند مستوى أكثر من 95 روبلا للدولار الواحد وارتفاع أسعار موارد الطاقة".

واللافت أن ارتفاع أسعار المواد الخام في الأيام الأخيرة لم يقتصر على النفط، إذ سجلت أسعار الغاز في أوروبا هي الأخرى زيادة بنسبة 3% بعد تعطل مشروعي إنتاج في إسرائيل. أما أسعار المعادن الثمينة وغير الحديدية، فسجلت زيادة بنسب ما بين 1.5% - 2.5% في أعقاب الضربة الإيرانية على إسرائيل في الأسبوع الماضي، نظرا لاستخدام المعادن بإنتاج الأسلحة. في المقابل، لم يسجل الذهب ارتفاعا، وظل الدولار مستقرا، بينما تسجل أسواق الأسهم تراجعا طفيفا.

المساهمون