استمع إلى الملخص
- **التحديات والآفاق المستقبلية**: يواجه القطاع الصناعي تحديات مثل جذب الاستثمارات وتحسين التنافسية. مشاريع كبرى مثل مصنع الحديد الأخضر في الدقم تعزز الآفاق الواعدة، مع التزام الحكومة بتنمية الصناعات التحويلية.
- **مشاريع صناعية كبرى وتحديات مستمرة**: شهدت صحار تطوراً من الصناعات الخفيفة إلى الثقيلة، تماشياً مع رؤية عمان 2040. التحديات تشمل جذب الاستثمارات والخبرات الأجنبية، وتحسين التنافسية، مع دعوات لزيادة الدعم الحكومي وتخفيض التكاليف التشغيلية.
"لم أكن أتخيل أن أعمل في مثل هذا المصنع المتطور في بلدي"... بهذه الكلمات عبّر سالم البلوشي، العامل في مصنع للألمنيوم في مدينة صحار الصناعية، لـ"العربي الجديد"، عن سعادته بخط الإنتاج الحديث في المصنع، واصفاً المشهد بأنه يجسد التحول الصناعي الذي تشهده سلطنة عُمان، حيث أصبحت الصناعات التحويلية محور اهتمام وطني.
ووفقاً لإحصائيات صادرة عن وزارة التجارة والصناعة العمانية في إبريل/نيسان الماضي، ارتفعت مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 15% مقارنة بالعام السابق، ما يعكس تحولاً استراتيجياً على صعيد الصناعة في الدولة الخليجية.
وبلغت مساهمة الصناعات التحويلية نحو 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية في العام الماضي، وارتفعت تلك المساهمة إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة و10.5% بالأسعار الجارية في الربع الأول من العام الجاري، بحسب إحصائيات الوزارة.
لكن على الرغم من التطور الملحوظ الذي يشهده القطاع الصناعي في عُمان منذ العقد الأخير من القرن العشرين، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، فوفقاً لتقرير صادر عن الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، في مارس/آذار الماضي، تتمثل أبرز هذه التحديات في جذب المزيد من الاستثمارات وتحسين تنافسية السلطنة.
مع ذلك، تبدو الآفاق واعدة مع المشاريع الكبرى قيد التنفيذ، مثل مصنع إنتاج الحديد الأخضر في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، والذي من المتوقع أن يدخل مرحلة الإنتاج بحلول عام 2027، مما يعزز مكانة عُمان كمركز صناعي إقليمي رائد.
وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي العماني خلفان الطوقي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن الصناعات التحويلية في عُمان تشهد آفاقاً واعدة للازدهار، لا سيما بعد اعتماد الاستراتيجية الصناعية الوطنية قبل شهرين، معتبرا تلك الخطوة بمثابة رسالة من الحكومة بالتركيز على تنمية الصناعات في الفترة المقبلة.
ويفتح هذا التوجه آفاقاً جديدة للاقتصاد العماني، حيث يساهم في تقليل الاعتماد على النفط والغاز كسلعة رئيسية، ويعزز التبادل التجاري مع الدول الأخرى، بما يرفع من مكانة السلطنة على الصعيد الدولي ويساعد في تحقيق فائض في الميزان التجاري، بحسب الطوقي.
وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي العماني مرتضى حسن علي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن القطاع الصناعي في سلطنة عمان يشهد تطورًا ملحوظًا منذ العقد الأخير من القرن العشرين، إذ بدأت الصناعات الخفيفة في مدينة صحار الصناعية، ثم تطورت لتشمل الصناعات الثقيلة في السنوات الأخيرة.
وتضم هذه الصناعات، وفقاً لما ذكره علي، مصفاة صحار ومصنع الألمنيوم ومصنع عمان بروبيلين ومجمع البتروكيماويات، إضافة إلى مشاريع كبيرة أخرى. وشهدت الخطة الخمسية التاسعة (2016-2020) ظهور صناعات جديدة، تماشياً مع جهود الحكومة لتحقيق رؤية عمان 2040 للتنويع الاقتصادي، وهو التوجه الذي يعتبره علي نابعا من إدراك خطورة الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، لافتا إلى وضع الأسس لإقامة مشاريع عديدة في إطار هذه الجهود، من أبرزها مصنع إنتاج الحديد الأخضر من الهيدروجين في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، الذي يتطلب استثمارات تتجاوز 3 مليارات دولار.
ومن المتوقع أن يدخل إنتاج الحديد الأخضر في الدقم مرحلة الإنتاج بحلول عام 2027، بالتزامن مع تشغيل مشروع الحديد في صحار. ويرى علي أن هذه المشاريع تمثل خطوة هامة في مسيرة التنمية الصناعية العمانية، لكنه يلفت في الوقت ذاته إلى عدة تحديات تواجه القطاع الصناعي في عمان رغم هذه التطورات الإيجابية. ومن هذه التحديات: التمكن من جذب المزيد من الاستثمارات في قطاع الصناعات التحويلية، وجذب الخبرات الأجنبية، وتحسين تنافسية السلطنة.
ولذا يدعو علي إلى زيادة الدعم الحكومي في مجال القروض، وتخفيض الفوائد البنكية، فضلاً عن تخفيض رسوم الكهرباء والمياه والغاز. كما يعد استغلال وفرة المقومات على مساحات كبيرة في عمان تحديا ثانيا أمام الصناعات التحويلية بالسلطنة، إلى جانب التركيز على تعزيز الصناعات التكميلية في مجالات البتروكيماويات والمعادن والمواد غير المعدنية والصناعات الغذائية، حسبما يرى علي.
وأشار إلى أن سلسلة الإنتاج للمواد المصدّرة خارج السلطنة عادة ما تتوقف عند المراحل الأولية. ويشدد الخبير الاقتصادي العماني على تقليل التكاليف التشغيلية، وإيجاد قوانين صديقة لبيئة الاستثمار، والتركيز على التقدم التكنولوجي الصناعي ضمن "الأولويات القصوى" للاقتصاد العماني.