في أكبر زيادة خلال 22 عاماً، وكما كان متوقعاً على نطاق واسع، رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) الأميركي، اليوم الأربعاء، سعر الفائدة القياسي لأموال ليلة واحدة بمقدار نصف نقطة مئوية، وما لبثت دول خليجية، مثل قطر والإمارات والسعودية، أن اتخذت خطوة مشابهة.
وفي قرار اتخذه بالإجماع، حدد البنك النطاق المستهدف لفائدة الأموال الفدرالية بين 0.75% و1%، وهي أعلى نقطة منذ تفشي جائحة كورونا قبل عامين، فيما من المرجح أن تعقبه زيادات إضافية في تكاليف الاقتراض ربما بنفس القدر، وهذا ما أكده رئيسه جيروم باول، في مؤتمر صحافي، قائلاً إنّ "زيادات إضافية بمقدار 50 نقطة أساس ينبغي أن تكون على الطاولة في الاجتماعين القادمين لمجلس الاحتياطي الفدرالي"، كما نقلت عنه "رويترز".
وشدد باول على أنّ "تركيزنا الرئيسي هو خفض التضخم ليعود إلى 2%"، بينما أعلن البنك في بيان أنه سيبدأ تقليص حيازاته من السندات، الشهر المقبل، كخطوة إضافية في معركته لخفض التضخم.
وعقب الخطوة الأميركية المنتظرة، سارع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي إلى اتخاذ قرار بزيادة سعر الفائدة الأساسي بمقدار 50 نقطة أساس، وهي بداية شبه أكيدة في سلسلة من القرارات المشابهة التي تتخذها عادة المصارف المركزية، لا سيما في دول الخليج.
كما رفع مصرف قطر المركزي سعر الفائدة الرئيسي للإيداع 50 نقطة أساس إلى 1.5%، وسعر فائدة إعادة الشراء 50 نقطة أساس إلى 1.75%، وسعر فائدة الإقراض 25 نقطة أساس إلى 2.75%.
كذلك، زاد البنك المركزي السعودي أسعار الفائدة الرئيسية 50 نقطة أساس، وقال، في بيان له، إنه قرر رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) ومعدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) بواقع نصف نقطة مئوية إلى 1.75% و1.25% على الترتيب. وأوضح أنّ هذه الخطوة تأتي "إتساقاً مع هدف البنك المركزي السعودي في المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي".
وقرأت "أسوشييتد برس" في هذه الخطوة "تصعيداً من مجلس الاحتياطي لمعركته في سبيل مكافحة أسوأ تضخم منذ 40 عاماً، من خلال رفع سعر الفائدة القياسي قصير الأجل بمقدار نصف نقطة مئوية اليوم الأربعاء، في خطوة تشير إلى المزيد من الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة في المستقبل".
وأعلن البنك أيضاً أنه سيبدأ في خفض ميزانيته العمومية الضخمة البالغة 9 تريليونات دولار، والتي تتكون أساساً من سندات الخزانة والرهن العقاري. زادت هذه الحيازات بأكثر من الضعف بعد أن ضرب ركود جراء كورونا، حيث اشترى الاحتياطي الفدرالي تريليونات من السندات، لمحاولة خفض معدلات الاقتراض طويلة الأجل، بينما سيكون لتقليل سندات بنك الاحتياطي الفدرالي تأثير في زيادة تكاليف القروض في جميع أنحاء الاقتصاد.
ومن المرجح أن يؤدي تشديد قيود الائتمان من جانب بنك الاحتياطي الفدرالي إلى ارتفاع معدلات القروض للعديد من المستهلكين والشركات بمرور الوقت، بما في ذلك الرهون العقارية وبطاقات الائتمان وقروض السيارات.
ومع تسارع أسعار المواد الغذائية والطاقة والسلع الاستهلاكية، فإنّ هدف الاحتياطي الفدرالي هو تهدئة الإنفاق- والنمو الاقتصادي- من خلال زيادة تكلفة الاقتراض للأفراد والشركات. وهو يأمل في أن يؤدي ارتفاع تكاليف الاقتراض إلى إبطاء الإنفاق بما يكفي لترويض التضخم ولكن ليس بقدر التسبب في الركود.
وبلغ التضخم، وفقاً للمقياس المفضل لمجلس الاحتياطي الفدرالي، 6.6% الشهر الماضي، وهي أعلى نقطة في 4 عقود. وتسارعت وتيرة التضخم بفعل مزيج من الإنفاق الاستهلاكي القوي واختناقات العرض المزمنة والارتفاع الحاد في أسعار الغاز والغذاء، والتي تفاقمت بسبب الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
واعتباراً من أول يونيو/حزيران المقبل، قال البنك إنه سيسمح بما يصل إلى 48 مليار دولار من السندات حتى تنتهي مدتها دون استبدالها، وهي وتيرة قد تصل إلى 95 مليار دولار بحلول سبتمبر/أيلول. وبوتيرة سبتمبر، ستتقلص ميزانيته العمومية بنحو تريليون دولار سنوياً.
ارتفاع حاد لعوائد سندات الخزانة الأميركية
وقبل قرار البنك المركزي، قفزت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى أعلى مستوى في أكثر من 3 سنوات. ومنذ بداية العام صعد العائد على سندات الخزانة لأجل عامين، وهو الأكثر حساسية لتوقعات أسعار الفائدة الأميركية، أكثر من 200 نقطة أساس.
وارتفع اليوم إلى 2.844%، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وغير بعيد عن المستوى النفسي المهم البالغ 3%، علماً أنّ المرة السابقة التي لامس فيها العائد لأجل عامين هذه النسبة كانت في يونيو/حزيران 2008.
ومن ناحية أخرى، تخطى عائد سندات الخزانة القياسية لأجل 10 أعوام مستوى 3% لثالث يوم على التوالي ليصل إلى 3.011%، وهو أعلى مستوى له منذ ديسمبر/كانون الأول 2018.
ارتفاع قوي للأسهم الأميركية عقب زيادة الفائدة
هذا وأغلقت الأسهم الأميركية على ارتفاع حاد بعدما سجلت ارتفاعاً متأخراً، اليوم الأربعاء، عقب إعلان البنك المركزي زيادة أسعار الفائدة.
ووفقاً لبيانات أولية، ارتفع مؤشر ستاندرد أند بورز500 بمقدار 124.97 نقطة أو 2.99% ليغلق عند 4300.45 نقطة، في حين ارتفع مؤشر ناسداك المركب 398.73 نقطة أو 3.17% إلى 12962.49 نقطة. وارتفع المؤشر داو جونز الصناعي 927.75 نقطة أو 2.8% إلى 34056.54 نقطة.
كما ارتفعت أسعار النفط عند الإغلاق، حيث سجل سعر برميل عقود برنت ارتفاعاً بمقدار 5.17 دولارات، أو ما نسبته 4.93%، ليبلغ 110.14 دولارات في ختام التعاملات اليوم الأربعاء.
عجز تجاري قياسي أميركي في مارس
وفي مؤشر سلبي للاقتصاد الأميركي، قفز العجز التجاري إلى مستوى قياسي في مارس/آذار المنصرم، مما يؤكد أنّ التجارة كان لها تأثير سلبي على نمو الاقتصاد في الربع الأول وقد تظل كذلك لفترة مع قيام الشركات بإعادة ملء مخزوناتها بسلع مستوردة.
وأظهرت بيانات وزارة التجارة، اليوم الأربعاء، أنّ العجز التجاري تسارع 22.3% إلى 109.8 مليارات دولار في مارس/آذار، وسط زيادة قياسية في الواردات، بعدما كان خبراء اقتصاديون استطلعت "رويترز" آراءهم قد توقعوا أن يبلغ العجز 107 مليارات دولار.
وارتفعت واردات السلع والخدمات 10.3% إلى 351.5 مليار دولار، في حين زادت الصادرات 5.6% إلى 241.7 مليار دولار.