في الوقت الذي يسعى فيه اليمن إلى عودة الاندماج في النظام الاقتصادي والمصرفي العالمي بعد عزلة بسبب الحرب والصراع الدائر في البلاد منذ سبع سنوات، تبرز بعض المطبات والعقبات التي تصعب عملية تصحيح مسار الاقتصاد خلال الفترة المقبلة.
وتستعد دول العالم والاقتصادات الناشئة في المنطقة العربية للتعامل مع توجه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لرفع سعر الفائدة بواقع 4 مرات خلال العام الحالي 2022، في حين يغرق اليمن في سلسلة من الأزمات الاقتصادية والمصرفية التي يعمل لتجاوزها بمساعدة المانحين والمجتمع الدولي.
ويستبعد مسؤول مصرفي في الحكومة اليمنية تحفظ عن ذكر اسمه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن يكون هناك تأثير لرفع سعر الفائدة الأميركية على السوق المصرفية في اليمن، مؤكدًا أن اليمن متوقف منذ السنوات الأولى للحرب عن الاقتراض والتعامل مع الأسواق الخارجية الدولية.
ويشير الخبير المالي والاقتصادي مطهر عبد الله، في حديثة لـ"العربي الجديد"، إلى أن اليمن منذ خمس سنوات لا يدفع فوائد التأخير والأقساط للديون الخارجية.
ويقول إن اليمن ليس مندمجاً في الاقتصاد العالمي منذ نحو ست سنوات، إضافة إلى أن الحرب قطعت أوصال اليمن وعلاقته بالاستثمارات الأجنبية وألحقت أضرار بالغة بنظامه المالي والمصرفي وعصفت به أزمات اقتصادية طاحنة، وهو ما جعل الاقتصاد اليمني وكأنه في جزيرة معزولة.
لكن تحركات المسؤولين الحكوميين المكثفة مؤخرًا في محاولة لإعادة ربط الاقتصاد اليمني والقطاع المصرفي بالنظام المصرفي الدولي تشير إلى عكس ذلك، ما قد يدفع إلى أخذ الاحتياطات اللازمة للتعامل مع أي ارتدادات من رفع سعر الفائدة الأميركية.
واحتضنت سلطنة عمان آخر اجتماع يصفه مطلعون بالمهم، عقدته اللجنة الحكومية المعنية بتسيير مشروع تعزيز الصمود الاقتصادي اليمني، مع وفد من الاتحاد الأوروبي، لمناقشة الدعم طويل الأمد الذي يقدمه المانحون لمساعدة اليمن في استعادة مؤسسات الدولة والتعافي الاقتصادي وإعادة إعمار البنى التحتية والتخفيف من الفقر والبطالة وتحقيق الاستقرار المالي.
ويعتقد الباحث بشار المقطري، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن ما قد يحدث من تطورات نتيجة لتوجهات الاحتياطي الأميركي برفع أسعار الفائدة في مختلف دول العالم، قد يؤثر على تفكير الدول في توسيع علاقتها المالية مع اليمن، الذي يسعى ليس فقط إلى الحصول على قروض وتمويلات ومساعدات المجتمع الدولي، بل إلى جلب الاستثمارات الأجنبية في مشاريع إعادة الإعمار وتحقيق التعافي الاقتصادي.
ويذكر المقطري في هذا الخصوص أن الحكومة اليمنية تواجه خطراً كبيراً مع رفع سعر الفائدة الأميركية، الذي سيؤثر على الأسواق الدولية، وتراجع أسعار النفط، إذ تعمل الحكومة اليمنية على استعادة تصدير كامل النسبة المتاحة من النفط والعودة إلى أسواق الغاز الطبيعي المسال، وهو ما قد يجعلها تراجع خططها المالية وبنود الموازنة العامة للدولة القادمة بالنظر إلى هذه التغيرات التي قد تطرأ.
ويتوقع أن يتركز جزء كبير من التأثيرات في الأسواق اليمنية، بسبب ارتفاع تكاليف الواردات في بلد يعتمد على الاستيراد في توفير جميع احتياجاته الغذائية والاستهلاكية.
ويؤكد عضو اتحاد الغرف التجارية والصناعية أحمد العماري، لـ"العربي الجديد"، أنه في حال لم تكن هناك أي خطط حكومية طارئة للتعامل مع التأثيرات المحتملة لرفع سعر الفائدة الأميركية، فإن استفحال الأزمة الغذائية قد تكون له عواقب كارثية على اليمن، الذي يعاني من عجز كبير في الميزان التجاري وارتفاع في تكاليف الاستيراد واضطراب سوق صرف العملة المحلية.