- يواجه منوتشين انتقادات بسبب استغلال منصبه السابق لمكاسب شخصية، في سياق يتعلق بالقلق حول الأخلاقيات والشفافية للمسؤولين الحكوميين السابقين.
- منوتشين معروف بتاريخه في الاستثمار بالمؤسسات المتعثرة، مثل شراء بنك IndyMac وتحويله إلى OneWest Bank، مما جلب له لقب "ملك حبس المقترضين" ويعكس نهجه المثير للجدل في الاستثمار.
أعلن وزير الخزانة الأميركي السابق ستيفن منوتشين الخميس الماضي عن سعيه لتكوين فريق من المستثمرين لتقديم عرض لشراء تطبيق الفيديوهات القصيرة الشهير "تيك توك"، الأمر الذي أثار جدلاً في أروقة واشنطن، في وقت شدد فيه المشرعون الأميركيون على أن حظر التطبيق في الولايات المتحدة سيمضي قدماً بحذر في مجلس الشيوخ، بعدما تم تمريره في مجلس النواب.
وبدا الأمر غريباً حين أعرب المسؤول السابق عن رغبته في شراء التطبيق الشهير بعد أيام فقط من قيادته لمجموعة ضخت مليار دولار في بنك "نيويورك كوميونيتي بنكورب" المتعثر، رغم أن البعض اعتبره متماشياً مع الحياة المهنية المعقدة لمنوتشين.
فالرجل الذي شغل منصب وزير الخزانة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب يتمتع بعلاقات جيدة في عالم التمويل. ومن عام 1985 إلى عام 2002، عمل في بنك غولدمان ساكس، أحد البنوك الاستثمارية الأكثر شهرة، والأكثر تعرضاً للانتقادات أيضاً، في وول ستريت، كما تقول وكالة أسوشييتد برس.
وأوضحت الوكالة أن منوتشين يتمتع أيضًا بتاريخ في مجال الإعلام والترفيه، حيث أنتج أعمالاً في هوليوود، كان منها "Mad Max: Fury Road" و"The Lego Movie"، وهي إصدارات ذات ميزانية أكبر بكثير من مقاطع فيديو "تيك توك".
وسطر منوتشين تاريخاً في عالم الاستثمار، وتحديداً في استهدافه خوض المخاطر مع المؤسسات المتعثرة، ولم يكن انقضاضه على بنك IndyMac المتعثر، بعد إفلاسه وقت الأزمة المالية عام 2008، إلا واحدة من تلك المغامرات.
لكن بالنسبة للمنتقدين، فإن عقد منوتشين للصفقات يثير أيضًا مخاوف من الناحية الأخلاقية، حيث يشير روبرت وايزمان، رئيس مجموعة المراقبة Public Citizen، إلى ملف "تيك توك" على وجه الخصوص، الذي تتجه الحكومة الأميركية لإجبار أصحابه الصينيين على بيعه. ويقول وايزمان: "تخيل أن يحدث شيء مماثل في دولة أخرى، لينتهى الأمر بوزير ماليتها السابق ليصبح هو المشتري".
ونقلت "أسوشييتد برس" عن وايزمان قوله: "عندما تكون على قمة التسلسل الهرمي لصنع السياسات المالية، فإنك لا تقفز من ذلك لتشرع في العمل لحسابك الخاص".
واتجه وزراء خزانة سابقون آخرون إلى وول ستريت بعد انتهاء فترة ولايتهم، بما في ذلك روبرت روبين، المسؤول التنفيذي في بنك غولدمان ساكس، الذي خدم في عهد الرئيس بيل كلينتون. وقال وايزمان إنه "في جميع الحالات، فإن هذه الخطوة تحمل مظهر الاستفادة من عملهم في الحكومة".
ولم تكن "تيك توك" أولى القضايا التي يثير فيها منوتشين الجدل، حيث سبق له إطلاق صندوق الأسهم الخاصة في يناير/ كانون الثاني 2021 "ليبرتي ستراتيجي كابيتال Liberty Strategy Capital"، بعد تركه وزارة الخزانة، والذي جمع من خلاله 2.5 مليار دولار بحلول سبتمبر/ أيلول من ذلك العام، وفقًا لتقارير إخبارية.
وقالت "بلومبيرغ" وقتها إن معظم الأموال التي حصل عليها صندوق "ليبرتي" جاءت من صناديق الثروة السيادية في دول الخليج العربي، التي زارها منوتشين بشكل متكرر عندما كان وزيراً للخزانة، ومنها صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
وأدى التحول السريع من سفره للخارج كممثل للحكومة الأميركية، إلى التعاملات التجارية الضخمة في البلدان التي زارها، لدعوة مجموعة المراقبة "مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق" في واشنطن لفرض حظر لمدة عام على قيام كبار المسؤولين الحكوميين بأعمال تجارية في الخارج بعد ترك مناصبهم.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، عاد منوتشين مرة أخرى إلى العناوين الرئيسية عندما قادت شركته للأسهم الخاصة استثمارًا بقيمة مليار دولار تقريبًا في "نيويورك كوميونيتي بنكورب" المتعثر.
وكان البنك يبحث عن شريان حياة، وانخفضت أسهمه في وقت ما بأكثر من 80% منذ بداية العام. ويعاني البنك من انخفاض قيم الاستثمارات المرتبطة بالعقارات التجارية، بعد عزوف الشركات عن التوسع في استئجار المكاتب، كما الآلام المتزايدة المرتبطة ببعض عمليات الاستحواذ السابقة.
وقالت "أسوشييتد برس" إن كل هذا يذكرنا بالخطوة التي ربما تكون قد حددت مسيرة منوتشين المهنية.
ففي عام 2009، اشترت مجموعة OneWest Bank Group، التي كان منوتشين رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لها، بنك IndyMac المتعثر، بعد أن استحوذت الجهات التنظيمية الفيدرالية عليه. وكان من بين الداعمين الآخرين للصفقة مجموعة من الأسماء الكبيرة من الصناديق المرتبطة بالمستثمر الشهير جورج سوروس، ومدير صندوق التحوط جون بولسون.
اشترت OneWest جميع ودائع وأصول بنك IndyMac بخصم قدره 4.7 مليارات دولار، بعد مزاد أجرته المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (FDIC)، التي وافقت أيضاً على المشاركة في الخسائر الناجمة عن تعثر بعض قروض الرهون العقارية التي قدمها البنك المفلس في وقت سابق.
ويقول كيفين كايزر، أستاذ التمويل المساعد في كلية وارتون، إن هؤلاء المستثمرين يحققون الأرباح الضخمة عن طريق الشراء بتخفيضات كبيرة، عندما تكون الأسواق في حالة من الذعر. وأضاف أنه "لضمان أن يؤتي الاستثمار ثماره، يتعين على المستثمرين مثل منوتشين أن يتعاملوا بقسوة مع المقترضين المعرضين لخطر التخلف عن السداد".
وقال كايزر: "إنهم حادون بعض الشيء"، في إشارة إلى مستثمري العقارات المتعثرة كمجموعة، مضيفاً: "وما يعنيه ذلك هو أنهم لا يخجلون من الدخول في حالة صراع".
منوتشين "ملك حبس المقترضين"
وبعد OneWest، كان منوتشين أكبر جامع للتبرعات لترامب في انتخابات عام 2016. وتعرض لانتقادات شديدة في الكونغرس عندما تم ترشيحه لمنصب وزارة الخزانة، بعد أن تبين أن OneWest قامت بمصادرة عشرات الآلاف من المنازل، التي لم يتمكن مشتروها من دفع أقساط قروضها، بالتزامن مع انفجار فقاعة الإسكان في الولايات المتحدة.
وفي ذلك الوقت، أطلق ماكسين ووترز، كبير الديمقراطيين في اللجنة المالية بمجلس النواب، على منوشين لقب "ملك حبس المقترضين".
وفي شهادته أمام لجنة بمجلس الشيوخ تدرس ترشيحه، قال منوتشين إنه عمل على مساعدة أصحاب المنازل على البقاء في منازلهم وأن شركته قدمت أكثر من 100 ألف تعديل على القروض للمقترضين.
وكان منوتشين وزيراً للخزانة في عام 2020، عندما توسطت إدارة ترامب في صفقة تحصل فيها "أوراكل" و"وولمارت" على حصة كبيرة في "تيك توك"، قبل أن تفشل الصفقة لأسباب عدة.
وقال كريس كولفيلد، الذي يدير الممارسات المصرفية في شركة "ويست مونرو" الاستشارية، إن لدى منوتشين الكثير من الأهداف المحتملة المتعثرة، بالنظر إلى مشاكل الصناعة المصرفية في الفترة الحالية.