في خطوة غير مسبوقة، تتجه الصين إلى طرح جزء من احتياطاتها الاستراتيجية من النفط في مزادات يبدأ أولها في 24 سبتمبر/أيلول الجاري، حسب بيان إدارة الاحتياطات من الطاقة والغذاء في بكين.
ويشير البيان إلى أن الخامات التي ستعرض في المزاد المقبل معظمها من الخامات الخليجية التي تم شراؤها في العام الماضي.
وكانت شركات الطاقة الحكومية الصينية قد راكمت كميات ضخمة من الخامات النفطية، في الربع الثاني من العام الماضي، حينما انهارت الأسعار إلى أقل من 20 دولاراً لبرميل خام برنت وأقل من الصفر لخام غرب تكساس الأميركي. وتمت هذه المشتريات لصالح الاحتياطي الاستراتيجي الصيني من النفط.
تتخوف الصين من تداعيات ارتفاع النفط فوق 70 دولاراً على النمو الاقتصادي، في وقت ارتفع فيه معدل التضخم، وتعيش أسواق المال حالة من الاضطراب
وتقدر شركة "أنيرجي أسبكتس" الأميركية حجم الاحتياطات الاستراتيجية لدى الصين بنحو 220 مليون برميل يومياً، لكن مصادر أخرى تقدر الكميات بأكبر من ذلك وتضعه في حدود 223.7 مليون برميل.
وتتخوف الحكومة الصينية من تداعيات ارتفاع النفط فوق 70 دولاراً على النمو الاقتصادي للبلاد، في وقت ارتفع فيه معدل التضخم، وتعيش أسواق المال حالة من الاضطراب.
وبلغ التضخم في الصين أعلى معدل له منذ 13 عاماً خلال شهر أغسطس/آب الماضي.
ويرى مسؤولون صينيون أن "من الأفضل استخدام الاحتياطي الاستراتيجي النفطي لخفض معدل التضخم وإحداث توازن بين العرض والطلب من الخامات النفطية في السوق".
وعادة ما تؤثر أسعار المشتقات النفطية على أسعار المواد الاستهلاكية المنتجة، حيث تعد من بين المكونات الرئيسية في حساب كلف الإنتاج.
وبحسب محللي طاقة، فإن الصين "ترسل عبر بيع هذه الكميات النفطية وبمزاد علني، إشارة واضحة إلى تحالف أوبك بلس، أنها ستتدخل في السوق لخفض أسعار النفط، في حال ارتفعت الأسعار بمعدلات تضر بنمو اقتصادها".
محللة نفط : هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها الصين عن بيع نفط من الاحتياطي الاستراتيجي
وقالت محللة النفط في شركة "أنيرجي أسبتكس"، أميريتا سين، في تعليق لصحيفة "فاينانشيال تايمز" أمس الأربعاء، "هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها الصين عن بيع نفط من الاحتياطي الاستراتيجي".
وتقدر مؤسسات دولية بأن يبلغ معدل النمو الاقتصادي للصين خلال العام الجاري نحو 8.44% في المتوسط.
الصين قلقة من زيادة الأسعار
ولا يستبعد محللون أن تكون الصين قد باعت في الماضي كميات من الاحتياطي الاستراتيجي من النفط، ولكنها لم تعلن عنها. ويذكر أن الشركات الصينية باتت، في الآونة الأخيرة، من كبار تجار المشتقات النفطية في السوق الآسيوية، وقد أتاحت لهم بورصة الطاقة في بورصة شنغهاي مساحات تخزين تمكنهم من التعامل بارتياح في العقود المستقبلية للبنزين والغازولين.
في هذا الصدد، نقلت وكالة بلومبيرغ عن مصادر قولها "إن الصين ضخت حوالي 3 ملايين طن، بما يعادل نحو 22 مليون برميل، من الاحتياطي الاستراتيجي إلى المصافي خلال العام الجاري".
وأضافت المصادر "هذه الخطوة تستهدف الحد من ارتفاع الأسعار والسيطرة على خطر التضخم المتزايد. ولكن بكين باعت هذه الكميات بشكل سري ومن دون أن تعلن عنها. وتعمل بكين على الحد من الطلب الصيني على النفط المستورد عبر التصرف في الاحتياطات لخفض الاستيراد حينما ترتفع الأسعار".
وباتت الصين، خلال السنوات الأخيرة، من كبار المستوردين للخامات النفطية في العالم التي تؤثر بمعدل كبير على حركة خامات الأسعار هبوطاً وصعوداً، وتأتي بعدها الهند. وبلغت واردات الصين في بعض الأحيان أكثر من 13 مليون برميل يومياً.
باتت الصين، خلال السنوات الأخيرة، من كبار المستوردين للخامات النفطية في العالم التي تؤثر بمعدل كبير على حركة خامات الأسعار هبوطاً وصعوداً
وخلافاً لسياسة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي التي تستخدم احتياطاتها الاستراتيجية من النفط في لحظات الأزمات والحروب التي تعاني فيها الأسواق من النقص الشديد وتزايد قلق المصافي، فإن الصين تستخدم الاحتياطي الاستراتيجي من النفط في الأغراض التجارية البحتة.
ويقول خبراء إن الحكومة الصينية تساهم في تعزيز حصة الشركات الصينية في سوق المشتقات الآسيوي، عبر توفير كميات كبيرة من الخامات وبسعر رخيص حينما ترتفع الأسعار. وهذا العامل يساهم في زيادة الهامش الربحي لديها، كما يعزز في ذات الوقت قدرتها التنافسية.
توقعات بتحسّن الأسعار
وتشير توقعات المصارف الاستثمارية إلى مواصلة أسعار الخامات النفطية الارتفاع خلال باقي شهور العام، ولم يستبعد بعضها أن يرتفع سعر خام برنت إلى 80 دولاراً للبرميل.
يذكر أن توقعات وكالة الطاقة الدولية بارتفاع الطلب العالمي خلال باقي شهور السنة تدعم الأسعار.
وتوقعت وكالة الطاقة، يوم الثلاثاء، انتعاش الطلب العالمي على النفط بمعدل 1.6 مليون برميل يومياً في أكتوبر/تشرين الأول المقبل إلى متوسط 99 مليون برميل يومياً، وأن الطلب العالمي يستمر في النمو حتى نهاية العام.
وقالت الوكالة ومقرها باريس في تقريرها الشهري، إنه من المتوقع الآن أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 5.2 ملايين برميل يومياً خلال العام الحالي، إلى متوسط 96.2 مليون برميل يومياً. وتوقع التقرير أن يظل المعروض ثابتاً في سبتمبر/أيلول.
ولكن هذه التوقعات تعتمد، إلى حد كبير، على السيطرة على التقدم العالمي في السيطرة على جائحة كورونا.
تستهلك أميركا يوميا نحو 20 مليون برميل من النفط صعدت العقود الآجلة لخام "برنت" بنسبة 0.64% إلى 74.07 دولارا للبرميل
وارتفعت أسعار النفط، خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد بيانات من معهد البترول الأميركي أظهرت انخفاضاً أكثر من المتوقع في المخزونات الأميركية.
وتستهلك أميركا يوميا نحو 20 مليون برميل من النفط صعدت العقود الآجلة لخام "برنت" بنسبة 0.64% إلى 74.07 دولارا للبرميل في التعاملات الصباحية.
وكانت العقود قد أنهت تعاملات الثلاثاء عند 73.6 دولارا للبرميل. فيما ارتفعت العقود الآجلة للخام الأميركي الخفيف، غرب تكساس الوسيط" بنسبة 0.62% إلى 70.90 دولارا للبرميل.