رسالة "استعجال" من وفد صندوق النقد الدولي للمسؤولين اللبنانيين

20 سبتمبر 2022
وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام (حسين بيضون)
+ الخط -

يستكمل وفد صندوق النقد الدولي جولاته على المسؤولين اللبنانيين للاطلاع على الإجراءات التي تعهَّد لبنان القيام بها بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في إبريل/نيسان الماضي على مستوى الخبراء وسط امتعاض خارجي مُعلَن من تأخر السلطات اللبنانية في تنفيذ التدابير الضرورية للجم الانهيار وتأدية التزاماتها الإصلاحية.

وكشف وزير الاقتصاد اللبناني في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام أن وفد صندوق النقد يحمل رسالة شديدة الوضوح وهي الاستعجال في إقرار القوانين الإصلاحية التي يطلبها، وتحديداً قوانين الكابيتال كونترول، السرية المصرفية، إعادة هيكلة المصارف، وموازنة عام 2022 وإنهائها، لأنه من دون إقرارها لن نستطيع السير إلى الأمام وصولاً إلى اتفاق نهائي معه.

وفي 11 إبريل/نيسان الماضي، تم الإعلان عن توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية مع لبنان للاستفادة من تسهيل الصندوق الممدد لمدة أربع سنوات، مع طلب إتاحة موارد من الصندوق بقيمة 2173.9 مليون وحدة حقوق سحب خاصة، أي ما يعادل 3 مليارات دولار أميركي، بيد أن كل المشاريع الإصلاحية التي تعهد بها لبنان لا تزال موضع خلاف كبير بين القوى السياسية ولا سيما على جبهتي البرلمان والحكومة.

وكان آخر الإشكالات حول ترحيل النقاش بموازنة 2022، وإسقاط اللجان النيابية المشتركة مشروع "الكابيتال كونترول"، في وقتٍ يؤكد فيه مطلعون اقتصاديون، وجمعيات وروابط المودعين، على أن كل المشاريع التي تطرح ترقيعية وتضرّ بمصلحة المواطنين والمودعين بالدرجة الأولى وتحمي المصارف اللبنانية وتجنّبها المساءلة.

نوايا وضبابية

وأتى تصريح سلام خلال مؤتمر صحافي عقده اليوم الثلاثاء بعد لقائه مع وفد صندوق النقد الدولي برئاسة أرنيستو راميريز الذي يزور لبنان "لمتابعة تفاصيل مشاريع القوانين والشروط المسبقة التي كان قد طلبها من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي"، وفق تعبيره.

وقال وزير الاقتصاد اللبناني إنه "بغض النظر عن ضبابية الأمور، كانت رسالة إيجابية من صندوق النقد الدولي اليوم أنه لا يزال ملتزماً بالاتفاق الذي بدأنا به منذ قرابة الخمسة أشهرٍ، ولديه كامل النية بالوصول إلى اتفاق نهائي مع لبنان".

ولفت سلام إلى أن أعضاء الوفد طرحوا بدء النظر بموازنة 2022، باعتبار أن الصندوق سيتخذ أيضاً العديد من قراراته "بناء على ما سنقوم به أيضاً في عام 2023، وهو ينظر سنوات إلى الأمام".

تجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري دعا مجلس النواب إلى عقد جلسة يوم الاثنين المقبل لمتابعة درس وإقرار مشروع الموازنة العامة لعام 2022، وذلك بعدما رحّلت من الأسبوع الماضي نتيجة إسقاط نصاب الجلسة من قبل الكتل السياسية التي عارضت التعديلات التي طرأت عليها وأرقامها غير الواقعية، وافتقادها إلى أي رؤية اقتصادية واجتماعية كما عدم استنادها إلى خطة إنقاذية فعلية.

كما تركز النقاش مع صندوق النقد الدولي حول مسألة الأمن الغذائي، الذي أبدى، بحسب وزير الاقتصاد، كامل الدعم للبنان في هذا المجال، نظراً لحاجة لبنان لرعاية خاصة لتحقيق الأمن الغذائي، مشيراً إلى أنه حصل على تطمينات بأن صندوق النقد سيتشاور مع البنك الدولي حتى يستفيد لبنان من الثلاثين مليار دولار التي رصدها لدعم المشاريع التي تتعلق بالأمن الغذائي في العالم وخصوصاً للدول الأكثر حاجة.

استمرار التدقيق الجنائي

على صعيدٍ متصل، استقبل الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم في مقرّ الرئاسة اللبنانية – قصر بعبدا، سفراء الاتحاد الأوروبي في لبنان برئاسة السفير رالف طراف، حيث تم بحث الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الراهنة في البلاد.

وكشف عون أن "التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان مستمرّ على أمل أن يقدم التقرير الأول في نهاية شهر سبتمبر/أيلول الجاري"، مشدداً على أن لبنان يحتاج إلى إصلاح سياسي وسيادي بالإضافة إلى تغييرات بنيوية في النظام الذي لا بد من تعزيزه وإصلاحه، لافتاً إلى أنه من الصعب إدارة دولة بثلاثة رؤوس، غامزاً من قناة الرئاسات الثلاث، الجمهورية، النواب، والحكومة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

من جهته، كانت للسفير طراف نبرة حادة تجاه طريقة تعاطي السلطات اللبنانية مع الأزمة الراهنة، وأن لا عذر لتأجيل الإصلاحات، مؤكداً أنه ليس هناك من حل أفضل من صندوق النقد الدولي، وهو ما أكدت عليه أيضاً السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو خلال الاجتماع.

وقال طراف، وفق ما نقل عنه بيان الرئاسة اللبنانية: "نلاحظ أنه بعد مضي أكثر من 3 سنوات على بدء تراجع النظام الاقتصادي وأكثر من سنتين ونصف على تخلف لبنان عن تسديد ديونه السيادية وتقديم الحكومة خطة التعافي المالي، ما زال صانعو القرار اللبنانيون عاجزون عن تنفيذ التدابير الضرورية لإخراج لبنان من المأزق الذي يمرّ به".

كما رأى أنه رغم مضي حوالي نصف سنة على توقيع الحكومة اللبنانية الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وسنتين ونصف على تحديد الحكومة التدابير الضرورية لمعالجة الوضع، لم يتم تنفيذ الخطوات تمهيداً للموافقة على برنامج خاص بالصندوق، واصفاً ذلك بـ"الأمر غير الجيد".

المساهمون