استمع إلى الملخص
- تناول مدبولي تأثير سد النهضة على مصر، مؤكداً على المسار الدبلوماسي ومشاريع الري والصرف الصحي، مع الحفاظ على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل وعدم تأثر مخزون السد العالي.
- تجري مصر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول المراجعة الرابعة للموازنة، مع التزام بخفض دعم الوقود والكهرباء وتحرير سعر الصرف، مما أثار غضباً شعبياً.
قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأربعاء، إن "سعر صرف الجنيه مقابل الدولار متروك للعرض والطلب، وبالتالي لا حديث الآن عن تعويم جديد للعملة، في ظل التزام الدولة بتطبيق سعر صرف مرن"، مستدركاً بأن "الدولار يتحرك في البنوك مقابل الجنيه صعوداً وهبوطاً، أي إنه لن يكون هناك تعويم يؤدي إلى خفض قيمة الجنيه بنسبة تصل إلى 40%، كما حدث في السابق".
وذكر مدبولي، في مؤتمر صحافي عقده بمقر الحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة، أن "معطيات السوق هي التي تتحكم في سعر صرف الجنيه المصري، وهو وضع صحي تماماً، ويعتمد على العرض والطلب"، مطالباً المواطنين والقطاع الخاص والشركات بـ"وضع ثقتهم في مؤسسات الدولة، والتأكد بأنها لن تتدخل في هذا الشأن مستقبلاً".
وتابع أنه "لا يجب القلق حينما يرتفع سعر الدولار إلى 49 جنيهاً أو أكثر، لأنه من الممكن أن يتراجع مرة أخرى"، مضيفاً "أعلم أن الانطباع السائد لدى جموع المصريين أن الدولة هي التي تتحكم في سعر العملة، وهو ما أشارت إليه مديرة صندوق النقد الدولي، باعتبار ذلك موروثاً تاريخياً في الدولة المصرية".
واستطرد مدبولي أن "مديرة صندوق النقد، كريستالينا غورغييفا، التقت خلال زيارتها الأخيرة للقاهرة مجموعة من ممثلي مجتمع الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة، الذين قالوا إن مناخ الاستثمار إيجابي، ولكن يوجد تحديات ومشكلات قائمة، والحكومة تعرفها جيداً، وستعمل بقوة عليها خلال الفترة المقبلة".
وأكمل: "نعمل على إعداد مجموعة من الإصلاحات الضريبية التي تتعلق بالجمارك، والضرائب العقارية، من أجل التيسير على القطاع الخاص ورواد الأعمال من الشباب. والصندوق تفهّم الوضع الحالي في مصر، وفي ختام مناقشات مراجعته الرابعة سيبحث عدداً من المستهدفات، ومنها عدم تحميل أعباء إضافية على المواطنين".
وأردف مدبولي: "المستهدفات التي نضعها كحكومة مع الصندوق تخضع لتطورات الأوضاع في المنطقة، وما يستجد عليها من أحداث غير متوقعة. وجزء كبير من النقاش الدائر مع بعثة الصندوق عن تأجيل بعض المستهدفات، يهدف إلى رفع الضغوط عن المواطنين في المرحلة المقبلة".
وقال: "مصر ستتجاوز كل تبعات الأزمة الاقتصادية بنهاية عام 2025، والحكومة تعتبر العام المالي 2024-2025 هو عام التعافي. والدولة مستمرة في المسار الإصلاحي بقوة، والدليل على ذلك اتخاذها قراراً بإعادة تشكيل لجنة الدين برئاسة رئيس الوزراء، بغرض حوكمة الدين الخارجي، وخفض نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة المقبلة".
وأضاف مدبولي: "الدين الخارجي كان يمثل أكثر من 96% من الناتج المحلي الإجمالي، وتراجع لما دون 90% في العام المالي السابق، ونتوقع مزيداً من التراجع إلى ما دون 85% في نهاية العام المالي الجاري".
وعن الضرر الذي لحق ببلاده من جراء بناء سد النهضة، قال مدبولي: "القاهرة ظلت حريصة على اتباع المسار الدبلوماسي طوال مدة بناء السد الإثيوبي، ونفذت بالتوازي عدداً كبيراً من المشاريع في مجال الري والصرف الصحي، ومعالجة المياه، حتى يصبح الضرر الواقع على مصر من إنشاء السد بأقل قدر ممكن".
وأضاف: "لا بد من أن نعترف بحدوث تأثير على مصر بسبب بناء سد النهضة، ولكن المواطنين لن يشعروا بأي نقص في احتياجات المياه، وهو أمر كلف الدولة الكثير من المشروعات الضخمة. ومخزون ومستوى المياه في السد العالي لم يتأثر أو يتراجع حتى الآن، على الرغم من الإجراءات الأحادية التي اتخذها الجانب الإثيوبي"، في إشارة إلى مراحل ملء السد.
وزاد بالقول: "مصر لن تفرط في حقوقها التاريخية من مياه النيل، وقادرة على حماية هذه الحقوق. وقد حاولت مراراً التوصل إلى اتفاق يضمن لدول المصب عدم التأثر بالسلب من مشروع سد النهضة، ولكن الجانب الإثيوبي لم يتجاوب مع تلك الجهود". واستدرك: "مصر ليست ضد التنمية في دول حوض النيل، شرط ألا تؤثر هذه المشروعات بالسلب على الحقوق المصرية في مياه النيل".
وتجري الحكومة المصرية مفاوضات مكثفة حالياً مع بعثة صندوق النقد، التي تزور القاهرة على مدار أسبوع للانتهاء من المراجعة الرابعة للموازنة العامة، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الموقع بين الصندوق ومصر، مقابل قرض قيمته ثمانية مليارات دولار. ويبدي خبراء مخاوفهم من طلب الحكومة قروضاً إضافية من الصندوق، والجهات الداعمة الدولية، مستغلة حالة الاضطراب الجيوسياسي التي تشهدها المنطقة، ودفع شركاء مصر في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج إلى دعم المزيد من الاقتراض.
وبموجب اتفاق الحكومة وصندوق النقد، تلتزم مصر بخفض دعم الوقود والكهرباء، وسلع أولية أخرى، والسماح بتحرير سعر صرف الجنيه، وهي إجراءات أثارت غضباً شعبياً. ورفعت مصر الشهر الماضي أسعار مجموعة كبيرة من منتجات الوقود للمرة الثالثة هذا العام، مع زيادة أسعار السولار (الديزل) والبنزين بما يتراوح بين 11% و17%.
ويعتبر سعر الصرف المرن هو حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه مصر. ويتداول الجنيه في نطاق ضيق منذ خفض قيمته في أوائل مارس/ آذار الماضي، حينما سمحت السلطات له بالهبوط من نحو 30.95 جنيهاً إلى 49.30 جنيهاً للدولار في البنوك حالياً.