رأس المال الجريء.. مغامرة سعودية "محسوبة" بشركات المستقبل؟

29 ابريل 2023
تمثل مدينة نيوم المستقبلية مصباً أساسياً لاستثمارات هذه الشركات (فرانس برس)
+ الخط -

خصصت شركة "سنابل"، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، 50% من محفظة الاستثمار للاستثمار في رأس المال المغامر (الجريء)، بواقع ملياري دولار سنوياً، منذ مطلع الشهر الجاري، ما سلّط الضوء على تنامي دور هذا النوع من الشركات في المسار التنموي للمملكة، خاصة مع زيادة ضخ الاستثمارات فيها.

وشركات رأس المال الجريء هي تلك التي تستثمر في الشركات الناشئة، التي تعتبر عالية المخاطر وتحتاج إلى تمويل للنمو والتوسع، ويتم جمع أموالها من المستثمرين الذين يبحثون عن "عوائد عالية" لزيادة ثروتهم، أو صناديق استثمارية، بنكية أو سيادية. 

وارتفع نشاط هذه الشركات في السعودية بنسبة 72% على أساس سنوي، وبلغ 987 مليون دولار، تم ضخها في تمويل 144 صفقة، وفقاً لتقرير حديث صدر عن "MAGNiTT"، وهي منصة تقنية للأعمال الناشئة وريادة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

شركات المستقبل 

ويشير الخبير الاقتصادي سليمان العساف إلى أنّ صندوق الاستثمارات العامة (السيادي) ركز اهتمامه، منذ إنشائه في بداية السبعينيات من القرن الماضي، على الاستثمار المتحفظ أو قليل المخاطر، لكن هذا النهج تغير منذ الإعلان عن رؤية 2030 الاستراتيجية عام 2016.

ويشير العساف، في حديث لـ"لعربي الجديد"، اليوم السبت، إلى أنّ "الصندوق بات يهتم اليوم كثيراً بشركات رأس المال المخاطر لأسباب منها تنويع الاستثمارات السعودية بين المتحفظة والمخاطرة والمختلطة، والسبق في الاستثمار بمجال القطاع التكنولوجيا الجديدة، التي تعتبر مستقبل الاقتصاد العالمي، من جانب آخر".

ويوضح الخبير الاقتصادي أنّ "شركات التكنولوجيا الجديدة تبدأ واعدة وتؤول لاحقاً إلى شركات قوية وكبيرة، ولذا فهي مستقبل الاستثمار في العالم حالياً، خصوصاً شركات الذكاء الاصطناعي والسيارات الكهربائية وتقنية المعلومات". 

كما أنّ "ضخ الاستثمارات في شركات رأس المال المخاطر من شأنه جذب الاستثمارات الأجنبية إلى السعودية، وبالتالي تعظيم العائد من استثمارات الصندوق السيادي السعودي"، بحسب العساف. 

ويشير الخبير الاقتصادي، في هذا الصدد، إلى أنّ "رؤية 2030، تستهدف بالأساس جذب الاستثمارات وتوطين الصناعة والتقنية وخلق الوظائف للسعوديين، وهو ما يتأتي بالتركيز على شركات التكنولوجيا الجديدة والمتقدمة، وهي على رأس شركات رأس المال المخاطر في العالم". 

انتشار إقليمي 

ويلفت المستشار الاقتصادي والخبير المالي، هاشم الفحماوي، إلى أنّ "شركات رأس المال المغامر انتشرت في شمال أفريقيا والشرق الأوسط خلال العامين الماضيين، وتركز استثماراتها على قطاع التكنولوجيا".

ويتم ترخيص أغلب هذه الشركات إقليمياً في الإمارات أو السعودية، و"تعمل في السوق بطريقة أشبه بالبحث عن فريسة"، بحسب تعبير الفحماوي، إذ "تبحث استثمار أوضاع شركات متعثرة بدول فشلت في إدارتها". 

ويدخل رأس المال المغامر لشراء 50% على الأقل من أسهم هذه الشركات بهدف تحقيق عوائد ربحية عالية من شركات تمتلك مقومات النجاح، "لكن واقع إدارتها جعلها خاسرة في السنوات الماضية، كما جرى في مصر والأردن أخيراً"، بحسب الفحماوي. 

ويضيف أنّ "نجاح رأس المال المغامر في إعادة الشركات، المستثمر فيها، إلى تحقيق عوائد ربحية غالباً ما يكون متبوعاً بطرح أسهم تلك الشركات في أسواق المال، وهو ما تكرر في شمال أفريقيا منذ عام 2017، خاصة بقطاع تكنولوجيا المعلومات".

ويشير الفحماوي إلى أنّ "هذا القطاع واعد جداً، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأنه لايزال في بداية تطوره، وهو ما تهتم به السعودية كثيراً، خاصة مع طرح أكثر من 140 شركة تكنولوجية عالمية تراخيص لفروع أو شركات تابعة لها في مدن سعودية، على رأسها: الرياض وجدة".

وتمثل مدينة نيوم المستقبلية مصباً أساسياً لاستثمارات هذه الشركات، التي حققت عوائد ربحية عالية جداً، تفوق الـ 55%، عامي 2021 و2022، بحسب الفحماوي، مشيراً إلى أنّ "شركات رأس المال المغامر تقدم ملاءة مالية قبل طرح أسهم الشركات المستثمر فيها بأسواق المال المحلية أو العالمية، وهو ما يجعلها جذابة للدول التي يتم طرح تلك الأسهم فيها". 

ويلفت الفحماوي إلى أنّ "حجم استثمارات شركات رأس المال المغامر بمنطقة الشرق الأوسط لم يتعد المليار دولار عام 2020، بينما قفز إلى 2.5 مليار دولار حتى الربع الثالث من عام 2022، ما يؤشر إلى نمو قوي جداً لهذا النوع من الشركات إقليمياً". 

ويتوقع الفحماوي أن يتراوح حجم استثمارات شركات رأس المال المغامر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين 10 إلى 15 مليار دولار عام 2023، ما يمثل بداية "طفرة" تدعم التنويع الاقتصادي السعودي بعيداً عن الاعتماد الأحادي على إيرادات النفط.

المساهمون