تنتظر الدول الخليجية التي تعاني بسبب جائحة كورونا انعكاسات إيجابية على اقتصاداتها، على خلفية أجواء المصالحة وانعقاد قمة دول مجلس التعاون في السعودية، أمس الثلاثاء.
وأكد مراقبون لـ "العربي الجديد" أن إنهاء الأزمة الخليجية جاء في ظرف دقيق للغاية، حيث تشهد الدول الخليجية ركودا اقتصاديا جراء الجائحة الصحية وانهيار أسعار النفط وتعليق التجارة البينية ووقف العديد من الأعمال والأنشطة خلال الأشهر الماضية.
من جانبه، قال رئيس وحدة البحوث في مركز الكويت الدولي للاستشارات الاقتصادية، عبد العزيز المزيني، إن المصالحة ستنعكس إيجابا على الأسواق الخليجية بشكل عام، وستمنح الاقتصاديات الخليجية دفعة كبيرة في ظل التحديات غير المسبوقة التي تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضاف المزيني خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" أن جميع دول مجلس التعاون ستحقق استفادة كبيرة من المصالحة الخليجية، ولا أحد خاسر من الخطوة الجديدة التي تحققت بفضل جهود الوساطة الكويتية، في حين تشير التوقعات إلى أن هناك قطاعات اقتصادية تنتظر تلك الانفراجة، لتعويض خسائرها جراء الأزمة الخليجية أو جائحة كورونا.
وذكر المزيني أن قطاع الطيران الخليجي هو أكثر القطاعات الاقتصادية التي ستحقق استفادة كبيرة، حيث تكبدت شركات الطيران خسائر فادحة، ستحاول تعويضها من خلال المصالحة والتوافق والتعاون بين الأشقاء في دول الخليج وعودة فتح الأجواء مجددا، كما أكد أن قطاع السياحة الخليجية سيشهد انتعاشة متوقعة أيضا، ولكن بعد انتهاء الإجراءات الاحترازية بسبب جائحة كورونا.
من ناحية أخرى، يقول الباحث الاقتصادي السعودي المتواجد في لندن، نواف الشهري، إن التوافق بين الدول الخليجية يجب أن يتبلور في صورة قرارات وتعاون اقتصادي، مشيرا إلى أن اللحظة الراهنة تتطلب تكاملا وتعاونا اقتصاديا من أجل رفاهية الشعوب الخليجية.
وأضاف الشهري خلال اتصال عبر سكايب مع "العربي الجديد" أن الفترة الماضية أثبتت أن الدول الخليجية بحاجة إلى التكامل الاقتصادي، فيما دعا المستثمرين الخليجيين إلى إعادة ضخ رؤوس الأموال في دول مجلس التعاون، لتحقيق انتعاشة اقتصادية خليجية بدلا من توجيه الاستثمارات إلى الخارج.
وعقب الإعلان عن فتح الحدود بين السعودية وقطر، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية "ستكون جامعة للكلمة موحدة للصف ومعززة لمسيرة الخير والازدهار، وستترجم من خلالها تطلعات خادم الحرمين الشريفين وإخوانه قادة دول المجلس في لم الشمل والتضامن في مواجهة التحديات التي تشهدها منطقتنا".
إلى ذلك، قال الباحث الاقتصادي العماني هيثم خلدون لـ "العربي الجديد" إنه ينبغي على الزعماء في دول مجلس التعاون الخليجي الدفع باتجاه الانتهاء من الملفات الاقتصادية المعطلة، والمضي في استكمال شبكة الربط الكهربائي والسوق الخليجية المشتركة، والاتحاد الجمركي وحرية تنقل رؤوس الأموال.
وشدد خلدون على أهمية تعزيز جميع مجالات التعاون والتكامل الخليجي من أجل إعادة التعافي الاقتصادي، واستعادة النمو وعودة الحياة إلى طبيعتها بعد الجائحة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، متوقعا أن تؤسس المصالحة الخليجية لمستقبل اقتصادي جديد، مما يصب في صالح الشعوب الخليجية التي تنشد تلك الانفراجة منذ سنوات. وبين أنه من بين الملفات التي يجب التوافق عليها خلال الفترة المقبلة هو ملف التطعيمات ضد كورونا واستيراد اللقاحات، مشيرا إلى أن نجاح حملة التلقيح في دول الخليج سيساعد على استعادة حركة التنقل والزيارات المتبادلة بين الدول الخليجية.
وقال مسؤول أميركي، في تصريحات لرويترز إن اتفاق المصالحة يقضي برفع السعودية والإمارات والبحرين ومصر الحصار عن قطر، وفي المقابل تتخلى الدوحة عن الدعاوى القضائية المرتبطة به، بحسب ما أوردته وكالة رويترز.
وأضاف المسؤول أن مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر ساعد في التفاوض على الاتفاق، وسيحضر مراسم التوقيع مع اثنين من المسؤولين الآخرين.
من جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي الكويتي، ناصر بهبهاني، لـ "العربي الجديد" إن قادة التعاون يجب أن يتوافقوا حول العديد من القضايا الاقتصادية، ومن بينها أزمة انهيار أسعار النفط وإمدادات السوق، مشيرا إلى ضرورة إيجاد حلول بشأن تنويع مصادر الدخل في دول الخليج وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل. كما دعا بهبهاني رجال الأعمال في دول الخليج إلى الاستثمار في العديد من القطاعات التي شهدت ركودا خلال الفترة الماضية مثل قطاعات العقارات والطيران والأغذية، لافتا إلى أن إعادة ضخ الاستثمارات الخليجية قد تساهم في حراك اقتصادي ومحاربة البطالة.
وقالت الباحثة المقيمة في معهد إنتربرايز الأميركي، كارين يونج، لرويترز، أمس الثلاثاء: "أعتقد أن المنفعة بشكل عام تعود على المنطقة ودول مجلس التعاون الخليجي ككل". وأضافت "قطر وصندوق ثروتها السيادي هما أصول يمكن توظيفها للاستثمار في المنطقة. تريد السعودية أن تكون قادرة على الوصول إلى ذلك، لكن سيكون مفيدا أيضا أن تكون قادرة على الاعتماد على قطر لتحمل بعض أعباء دعم دول مجلس التعاون الخليجي الأضعف". ويرتقب أن تحيي القمة الخليجية مشروعات التعاون المشتركة، ومنها إنشاء السوق الخليجي المشترك، والاتحاد الجمركي، والاتحاد النقدي، والربط الكهربائي، وهيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية، والهيئة القضائية الاقتصادية، وغيرها من الهيئات المتخصصة في مختلف المجالات التنموية. وكان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح مبارك الحجرف، أكد يوم الأحد الماضي، على أهمية تعزيز جميع مجالات التعاون والتكامل الخليجي، دافعين بالملف الاقتصادي كعنوان للعقد الخامس من مسيرة مجلس التعاون عبر تعزيز ودعم العمل المشترك للإسهام في إعادة التعافي الاقتصادي واستعادة النمو.