ما زالت قضية التعثر المالي لعدد كبير من المواطنين والشركات في الأردن في تصاعد، بسبب تداعيات جائحة كورونا وعجز مدينين عن تسديد التزاماتهم المالية للبنوك ومؤسسات التمويل وغيرها.
واستنادا إلى بيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي الأردني ومؤسسات مالية، فإن عدد المتعثرين ماليا في الأردن يتجاوز مليون شخص مدينين لبنوك أو جهات أخرى بموجب شيكات بدون رصيد.
وكشف مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني ضرار الحراسيس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن توجه لمجلس النواب للضغط على الحكومة لتعديل قانون التنفيذ القضائي، بما يتيح المساهمة في معالجة مشكلة المتعثرين ماليا، خصوصا في هذه المرحلة التي تنطوي على كثير من التحديات والصعوبات الناتجة عن جائحة كورونا.
وقال إن التوجهات تنصب باتجاه إعطاء المتعثر ماليا فرصة كافية لتصويب وضعه مع الجهات الدائنة، في الوقت الذي تتوجب فيه المحافظة على حقوق الدائن.
وأضاف النائب البرلماني أن التعديلات التي يطالب النواب بإدخالها على القانون تستهدف معالجة أوضاع شريحة كبيرة من المتعثرين ماليا من المواطنين والقطاعات المختلفة، بدلا من إبقاء الوضع على ما هو عليه.
وفيما يخص المطالب بإلغاء حبس المدين بيّن الحراسيس أنه سيتم الإبقاء على النصوص القانونية المتعلقة بذلك لضمان حق الدائن، ولكن ضمن محددات معينة وبعد إعطاء المتعثر الفرصة لتسوية الحقوق المالية المترتبة عليه.
وحسب تقرير للبنك المركزي، فقد بلغ مجموع حجم الأقساط المؤجلة من قبل البنوك لكل من العملاء الأفراد والشركات خلال الفترة من شهر مارس/ آذار ولغاية يونيو/ حزيران من العام الماضي حوالي 1.7 مليار دينار (2.4 مليار دولار تقريباً)، منها 573.186 مليون دينار للأفراد، و1.113 مليار دينار للشركات.
كذلك أصدر البنك المركزي أوامر تم السماح بموجبها للبنوك بتأجيل أقساط قروض العملاء المتأثرين بالجائحة حتى نهاية عام 2020، وذلك بدون فوائد أو عمولات، والسماح للبنوك بإجراء جدولة لمديونيات العملاء الذين ينطبق عليهم مفهوم الجدولة بدون دفعة نقدية وبدون فوائد تأخير.
ورغم تلك الإجراءات التي قام بها البنك المركزي إلا أن عضو غرفة تجارة عمّان، علاء ديرانية، يؤكد ضرورة اتخاذ قرارات مماثلة هذا العام لتأجيل الأقساط وتخفيض أسعار الفائدة، وذلك للحد من حالات التعثر المالي المرتفعة جدا وغير المسبوقة.
وقال ديرانية لـ"العربي الجديد" إن الوضع الاقتصادي في الأردن بشكل عام ما زال يمر بمرحلة صعبة، خاصة مع آثار الجائحة والإجراءات التي اتخذت لمواجهتها، ما يعني أن أعداد المتعثرين سواء من أفراد أو رجال أعمال وغيرهم سيرتفع بشكل مؤكد خلال العام الحالي.
ووفقا لبيانات البنك المركزي، فقد ارتفعت قيمة الشيكات المرتجعة من قبل البنوك الأردنية العام الماضي لتبلغ 2.3 مليار دولار وبزيادة نسبتها 4 في المائة عن عام 2019، وذلك من إجمالي قيمة الشيكات المتداولة في الأردن والتي بلغت قيمتها 48.4 مليار دولار.
وقال مصدر مطلع لـ"العربي الجديد": "سيتم استئناف محاكمة بعض المتعثرين ماليا والمقامة ضدهم قضايا في المحاكم، وذلك بعد توقف النظر فيها خلال الأشهر الماضية بسبب جائحة كورونا".
وحسب بيانات رسمية، ارتفعت مديونية الأفراد في الأردن لتتجاوز 15 مليار دولار، وتتوقع مواصلتها الارتفاع بشكل كبير هذا العام.
وتقدّم عدد من النواب سابقا بمذكرة العام الماضي، لإجراء تعديلات تضمن عدم تطبيق عقوبة الحبس بحق الشخص المدين وإتاحة المجال له لإجراء التسويات المالية اللازمة مع الدائن.
ونبه الخبير الاقتصادي، محمد الرواشدة، إلى خطورة ارتفاع أعداد المتعثرين ماليا والذي يعكس حالة التردي الاقتصادي التي يمر بها الأردن حاليا، وتفاقمت بسبب أزمة كورونا.
وأشار إلى ضرورة إيجاد آلية لمعالجة هذه المشكلة حتى يتم تفادي تأزم أوضاع أعداد كبيرة من الأفراد وأصحاب الأعمال.
ووفق توصية صادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي (هيئة استشارية تقدم للحكومة استشارات حول القضايا والسياسات الاقتصادية والاجتماعية)، فإن هناك حاجة إلى تعديل قانون التنفيذ القضائي، لتحقيق الغاية منه، مشيراً إلى أنه لا يجوز حبس المدين، إلا إذا كان ميسوراً رافضاً لدفع حقوق الدائن دون سبب مقبول، لأنه بذلك يلحق الظلم بالدائن.
وتوقع البنك الدولي أن يزيد عدد الفقراء في الأردن خلال العام الحالي جراء تأثيرات جائحة كورونا، ومن المتوقع أن تزيد نسبة الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 1.3 دينار يومياً (1.83 دولار)، وهو خط الفقر المدقع عالمياً، خلال العام الحالي 2021 عن 27%. كذلك توقع البنك ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 2.25 دينار يومياً إلى 19%.