دول الخليج تعمق التعاون مع دول وتكتلات اقتصادية عبر اتفاقات التجارة الحرة

29 أكتوبر 2023
اتفاقات التجارة الحرة تحقق مصالح اقتصادية مشتركة للأطراف الموقعة عليها (Getty)
+ الخط -

تزايدت في الأسابيع الماضية وتيرة مفاوضات مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع دول وتكتلات اقتصادية كبرى للدخول في اتفاقات تجارة حرة تسهل عمليات التبادل التجاري. ويضم المجلس دول السعودية وقطر والكويت والإمارات وسلطنة عمان والبحرين.

وقال وزير الخارجية البريطاني أوليفر دودين، في تصريحات إعلامية الأسبوع الماضي، إن بلاده تعمل على عقد اتفاقات تجارة حرة مع دول الخليج.

كما ناقش المجلس الوزاري المشترك بين دول المجلس ودول الاتحاد الأوروبي، في اجتماعهم الأخير في العاصمة العمانية مسقط، سبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية المشتركة وتوسيع التعاون الاقتصادي والطاقة المتجددة، وتبادل الخبرات وتعظيمها بين التكتلين.

وأكد البيان الصادر في 10 أكتوبر/ تشرين الأول عن الاجتماع الاهتمام باستمرار علاقة تجارية واستثمارية متميزة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لزيادة تحفيز التعاون التجاري، وتعزيز الوصول إلى الأسواق، ودعم السياسات المحفزة للاستثمار.

كما اختتمت أعمال الجولة الثامنة من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي وجمهورية كوريا الجنوبية، في 28 أكتوبر/تشرين الأول، في مدينة سيول.

ووفقا لوكالة "يونهاب" الكورية، فإن دول مجلس التعاون تزود كوريا الجنوبية بـ59.8% من وارداتها من النفط الخام، ولذا فإن منطقة الخليج ذات أهمية خاصة للاقتصاد الكوري، ما دفع الجانبين إلى الاتفاق في عام 2007 على التفاوض من أجل توقيع اتفاقية تجارة حرة.

وأعلن أمين عام المجلس جاسم محمد البديوي، في 22 أكتوبر/ تشرين الأول، أن التفاوض جار أيضا بشأن اتفاقية للتجارة الحرة بين دول الخليج والصين، وأكد على أهمية اتفاقية التجارة الحرة مع بكين، والتي انطلقت كأحد مخرجات "الاتفاقية الإطارية للتعاون الاقتصادي بين دول المجلس والصين" الموقعة عام 2004.

وفي سياق ذي صلة، وقع البديوي اتفاقية بالأحرف الأولى للتجارة الحرة مع وزير التجارة الباكستاني، جوهر إعجاز، في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في الرياض.

الاستثمارات الخارجية 

وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن دول الخليج العربية تحاول زيادة حجم التبادل التجاري مع باكستان، إضافة إلى الصين وكوريا الجنوبية، لكن زيادة واردات البلدان الآسيوية إليها تواجه تحديات، على رأسها البديل الهندي.

ويرى الخبير الاقتصادي أن الاستفادة الأكبر لدول الخليج من اتفاقيات التجارة الحرة ستكون عبر زيادة من استثماراتها وتنويع مصادر دخلها عن طريق تنفيذ استراتيجيات في زيادة نسبة اقتصادها غير النفطي حتى العام 2030.

وأشار إلى أن الاتفاقية مع باكستان ستشجع على المزيد من التبادل التجاري بين الجانبين، والذي بلغ حجمه في آخر إحصائية لعام 2021 نحو 21 مليار دولار، ما جعل باكستان في المرتبة 11 في ترتيب التبادل التجاري ما بين دول مجلس التعاون الخليجي وأي دولة أخرى.

وتحتل باكستان المرتبة السابعة عالميا في استقبال الصادرات الخليجية، بحسب الشوبكي، مشيرا إلى أن قيمة الواردات الخليجية من باكستان تبلغ قرابة المليارين و600 مليون دولار، معظمها مواد ومنتجات زراعية، ما يجعل ترتيب باكستان في الواردات إلى الخليج الـ35 عالميا.

مصالح مشتركة 

ويشير الخبير الاقتصادي والمستشار المصرفي، علي أحمد درويش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الدول تبني التبادل الاقتصادي بناء على المصالح المشتركة.

وأكد أنه في هذا الإطار كان تشجيع المسؤولين الباكستانيين والصينيين والكوريين في الفترة الأخيرة للاستثمارات الخليجية داخل بلادهم التي تعاني من ضائقة اقتصادية وعدم استقرار سياسي.

ويوضح درويش أن "مصالح دول الخليج في الاستثمار بباكستان، على سبيل المثال، تهتم ببعض القطاعات الصناعية، بينها المعادن ومصافي النفط، باعتبارها القطاعات التي تمثل المواد الأولية لبلد كبير يبلغ تعداد مواطنيه حوالى 240 مليون نسمة، وبالتالي لديه حجم استهلاكي ضخم".

ولفت درويش إلى وجود أعداد كبيرة من العمال باكستانيين يعملون في الخليج، ويحولون الأموال منها، وبالتالي هناك تداخل في المصالح، ويمكن لكلا الطرفين الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة.

وبحسب بيانات رسمية للمركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي، فقد بلغ عدد العمالة الباكستانية في دول المجلس 2.2 مليون عامل في عام 2022، وتصل قيمة التحويلات المالية التي يرسلونها إلى بلدهم سنويا أكثر من 10 مليارات دولار. 

وتشكل التحويلات من دول مجلس التعاون نحو 30% من إجمالي التحويلات التي تتلقاها إسلام آباد من جميع أنحاء العالم، ولها إسهام كبير في تحسين الأمن الاقتصادي والاجتماعي للأسر الباكستانية.

المساهمون