دورة الفائدة قرب النهاية.. الذهب يحلق والعملات تكسب على حساب الدولار

03 فبراير 2023
متعاملون في سوق "وول ستريت" (Getty)
+ الخط -

رحبت أسواق المال الأميركية والعالمية بخفض بنك الاحتياط الفيدرالي وتيرة رفع أسعار الفائدة أول من أمس الأربعاء، رغم أنه أكد مرة أخرى أن لديه المزيد من العمل للقيام به في جهوده المستمرة للسيطرة على التضخم. ورفعت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية قصيرة الأجل بمقدار 25 نقطة أساس، أو 0.25% إلى النطاق المستهدف من 4.50% إلى 4.75%.

ولم تكن الخطوة مفاجئة لخبراء الأسواق والاقتصاد الذين كانوا يراهنون على مزيد من التراجع في معدل الفائدة الأميركية خلال العام الجاري.

وأكبر دليل على ترحيب الأسواق بخطوة الاحتياط الفيدرالي، تحول جميع المؤشرات الرئيسية الأميركية في سوق "وول ستريت" الثلاثة من الأحمر إلى الأخضر بعد المؤتمر الصحافي لرئيس بنك الاحتياط الفيدرالي، جيروم باول.

وحسب بيانات "وول ستريت"، أنهى كل من مؤشر داو جونز الصناعي، ومؤشر "ستاندرد أند بورز" وناسداك المركب تعاملات الأربعاء محققين مكاسب كبيرة، حيث ارتفع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنسبة 1.05%.

كما أضاف مؤشر ناسداك المركب 2%، مدعومًا بالمكاسب التي حققتها شركات الشرائح الإلكترونية بقيادة الأرباح القوية لشركة "أدفانسد مايكرو ديفايسس". كما ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي 6.92 نقطة أو 0.02%.

ويرى محللون أن مجلس الاحتياط الفيدرالي بات واثقاً من أنه يخطو في الاتجاه الصحيح للسيطرة على التضخم وأنه يأخذ منحى جديداً يبتعد عن مكافحة التضخم في اتجاه دفع النمو الاقتصادي في البلاد.

ويستهدف مجلس الاحتياط خفض التضخم إلى نسبة 2. 0% ودفع النمو الاقتصادي خلال العام الجاري. ويتوقع محللون أن يرفع الاحتياط الفيدرالي الفائدة بنسبة ربع نقطة خلال الشهر الجاري وفي شهر مارس/آذار المقبل، ثم يتوقف بعد ذلك.

في هذا الشأن قال الاقتصادي بمصرف "ويلز فارغو"الأميركي، جاي بريسون، في تعليق على موقع البنك: "من المتوقع أن يرفع البنك الفائدة بربع نقطة خلال الشهر الجاري وكذلك في شهر مارس/ آذار المقبل".

من جانبه، توقع الاقتصادي بشركة "أل بي أل فاينانشيال" الأميركية، على موقع الشركة، أن يتراجع التضخم أكثر خلال الشهور المقبلة، ما يعني أن مجلس الاحتياط الفيدرالي ربما سينهي دورة الزيادات في نسبة الفائدة.

أما محلل الأدوات الثابتة بشركة "بلاك روك"، ريك رايدر، فيرى أن مجلس الاحتياط الفيدرالي بدأ رحلة الخفض البطيء للفائدة وربما بنسبة 0.25% وربما لمرة واحدة وبربع نقطة.

وكان مجلس الاحتياط الفيدرالي رفع تكاليف الاقتراض بأسرع وتيرة منذ أوائل الثمانينيات في محاولة لترويض أسوأ تضخم شهدته الولايات المتحدة منذ أربعة عقود. ولكن بدا أن التضخم قد بلغ ذروته في عام 2022، وبالتالي لجأ بنك الاحتياط الفيدرالي إلى تخفيف موقفه المتشدد في السياسة النقدية والاتجاه نحو دفع الاقتصاد للنمو وتفادي الوقوع في مستنقع الركود الاقتصادي.

ولكن كيف استجابت أسواق المال والعملات والذهب والاقتصادات الناشئة لتوجهات البنك الجديدة بطي فترة الفائدة؟

الدولار

واصل الدولار خسائره أمس الخميس، وتراجع مقابل معظم العملات الرئيسية بينما ارتفعت عملات الأسواق الناشئة. وهبط الدولار إلى أدنى مستوى في تسعة أشهر مقابل سلة من العملات بعد أن أكد رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي، جيروم باول إحراز تقدم في خفض التضخم، رغم تحذيره من احتمال خطوات أخرى من رفع الفائدة خلال الشهور المقبلة.

في هذا الشأن قال كبير محللي السوق في شركة "أونادا" في نيويورك إدوارد مويا: "الأسواق عازمة إلى حد كبير على أن يرى بنك الاحتياط الفيدرالي انخفاض التضخم، ويبدو أنه واثق تمامًا من أنه سيستمر".

وأضاف مويا: "لدى البنك تقريران آخران للتضخم في اجتماع مارس/آذار، وإذا رأينا أن ضغوط التضخم مستمرة في التراجع ربما سيتعين على البنك رفع سعر الفائدة مرة أخرى".

ويرى محللون أن هذه الخطوة تمثل أخباراً سارة للأصول الخطرة والأسواق الناشئة وكذلك لعملات اليورو والين الياباني التي شهدت تراجعات تاريخية في العام الماضي. انخفض الدولار إلى أدنى مستوى له أمس مقابل سلة من العملات، وهو أدنى مستوى منذ 22 أبريل/ نيسان.

ووصل اليورو إلى 1.10020 دولار، وهو أعلى مستوى منذ 4 أبريل/ نيسان. كما انخفض الدولار مقابل العملة اليابانية إلى 128.55 يناً، وهو أدنى مستوى منذ 20 يناير/ كانون الثاني، وذلك وفقاً لبيانات بلومبيرغ.

السندات

بالنسبة للمستثمرين في الأدوات الثابتة، فإنهم أكبر مستفيدين من خطوة بنك الاحتياط الفيدرالي يوم الأربعاء، إذ إن التركيز تحول فجأة من السيطرة على التضخم المرتفع إلى معالجة تباطؤ النمو الاقتصادي بالبلاد، وذلك وفقًا لتعليقات نائب الرئيس المشارك للدخل الثابت بمصرف "غولدمان ساكس"، ويتني واتسون.

وتعتقد "غولدمان ساكس"، أن العلاقة بين السندات وأصول المخاطرة ستصبح أقل إيجابية، وربما تدخل في المنطقة السلبية. وقالت واتسون في مذكرة يوم الأربعاء إن "خصائص التحوط المحسّنة للسندات جنبًا إلى جنب مع الدخل المرتفع وإجمالي العائد المحتمل سيقدم للمستثمرين أكبر فرصة لتحقيق أرباح في أسواق السندات منذ أكثر من عقد".

أسواق
التحديثات الحية

الذهب

من الواضح أن المعادن النفيسة التي تباع معظمها بالدولار كانت أكبر الرابحين من خفض وتيرة الفائدة وربما ينهي البنك دورة رفع الفائدة تماماً بنهاية الربع الأول من العام الجاري، وهو ما يعني أن سعر صرف الدولار يتجه للتراجع، حسب مراقبين.

ومعروف أن لسعر الدولار علاقة عكسية مع الذهب، إذ كلما تراجع الدولار ارتفع سعر الذهب.

وبالتالي من المتوقع أن تقود خطوة الاحتياط الفيدرالي يوم الأربعاء إلى زيادة مشتريات الحلي والمجوهرات الذهبية في آسيا التي تعد من أكبر محركات أسعار الذهب إلى جانب مشتريات البنوك المركزية.

وارتفع سعر الذهب أمس الخميس إلى أعلى مستوى، لم يشهده منذ أبريل/ نيسان الماضي. وحسب بيانات بلومبيرغ، كسبت أوقية الذهب "الأونصة" في تعاملات نهار الخميس 25 دولاراً لترتفع إلى 1968.1 دولارا وتقترب من حاجز 2000 دولار. ويتوقع العديد من المحللين أن الذهب سيشهد ارتفاعًا حادًا خلال العام الجاري.

الأسواق الناشئة

تتأثر الأسواق الناشئة دائمًا وبدرجة كبيرة بتقلبات سعر صرف الدولار. ويتوقع رئيس تداولات العملات الأجنبية، تشارلز مانجين، أن الاحتياط الفيدرالي يقترب من قمة دورة تشديد أسعار الفائدة ولا يستبعد أن يتوقف في الربع الثاني من العام عن دورة الزيادات في الفائدة.

ويضيف أنه "إذا كان بنك الاحتياط الفيدرالي يقترب بالفعل من قمة دورة تشديد سعر الفائدة، فسوف يستمر الدولار في التراجع عن أعلى مستوياته ويستقر عند مستويات منخفضة بشكل ملحوظ.

وفي هذه الحالة، ستستفيد الأسواق الناشئة من تراجع سعر صرف الدولار عند مستويات دنيا.

ويعد الدولار المرتفع أكبر عدو للأسواق الناشئة التي تدهورت قيمة عملاتها في العام الماضي وشهد بعضها اضطرابات سياسية وسقطت حكومات.

وبالتالي هربت الاستثمارات الأجنبية من معظم الأسواق الناشئة وأثرت على قدرتها على تسديد ديونها الدولارية وكذلك على توريد السلع الرئيسية التي تباع بالدولار، مثل المحروقات والمواد الغذائية مثل القمح.

وكانت باكستان، آخر ضحايا الدولار المرتفع بعد أن أدت الاضطرابات في الماضي إلى سقوط حكومة سيريلانكا في العام الماضي.

وبالتالي فإن توقف الاحتياط الفيدرالي عن رفع سعر الفائدة سيلعب دوراً رئيسياً في النمو الاقتصادي بالاقتصادات الناشئة وعودة الاستثمارات إلى أسواقها.

المساهمون