دمشقيون يشكون من ارتفاع تعرفة سيارات الأجرة

08 فبراير 2021
ارتفاع كبير بكلفة النقل في دمشق (Getty)
+ الخط -

تغص شوارع العاصمة السورية دمشق بمواطنين يسعون إلى إيجاد مكان لهم في باص للنقل العام. الانتظار قد يطول من دون أن يحصل الشخص على تلك الفرصة، فمع وصول الباص إلى محطة الوقوف، يتسابق المنتظرون إلى باب الصعود، يتزاحمون ويستخدمون كل ما يعرفونه من حيل للتسلل إلى داخله. 

البعض يحصل على مكانه، فيما يبقى الكثيرون على الرصيف، مستبعدين احتمال استقلال سيارات أجرة، بعد أن تضاعفت تعرفة الركوب فيها، في ظل تغاضي النظام عن تطبيق التعرفة الرسمية.  

يقف أبو أحمد تقي الدين (68 عاماً) إلى جانب زوجته (59 عاماً)، في وقت ذروة الازدحام عند الظهيرة، أمام مشفى ابن النفيس العام في منطقة ركن الدين في الطرف الشمالي من دمشق، بعد أن أجرى عملية جراحية في العين، ينتظران أن يجدا وسيلة نقل إلى المنزل في جنوب دمشق. وبعد أن أصابهما اليأس من أن يحصلا على فرصة الصعود إلى باص النقل الداخلي، جراء الازدحام الشديد، قررا أن يستقلّا سيارة أجرة.

يقول أبو أحمد، لـ"العربي الجديد": "لقد صدمنا بالأجرة التي يطلبها السائقون، ففي حين أجرة الباص مئة ليرة سورية، يطلب السائقون ما بين 4 إلى 5 آلاف ليرة، وهو رقم كبير جداً على موظف متقاعد راتبه القاعدي لا يزيد على 55 ألف ليرة (سعر صرف الدولار الواحد نحو 3300 ليرة سورية)". 

وأضاف: "منذ أن انتشرت الحواجز الأمنية في شوارع دمشق قبل سنوات، وأصبحت المسافة التي كانت تستغرق 15 دقيقة تحتاج إلى أكثر من ساعة، لم يعد سائق سيارة الأجرة يلتزم التعرفة الرسمية التي تظهر على العداد، بحجة الوقت الطويل الذي يستغرقه. ومن ثم بدأ الوضع بالتدهور، فأصبحت أسعار قطع الغيار والزيوت وأجور الصيانة ترتفع بشكل متسارع وفي بعض الفترات بشكل يومي، إضافة إلى غلاء المعيشة بشكل عام. كل هذه الأسباب أدت إلى رضوخ الركاب لمبررات السائقين في طلب مبلغ محدد بحسب المنطقة التي يريد التوجه إليها من دون النظر إلى العداد". 

مشهد تجمهر الركاب في دمشق يتشابه في المناطق. إذ يغصّ جسر الرئيس والبرامكة والفحامة والمنطقة الصناعية وباب شرقي وباب توما وساحة العباسيين وكراجات حلب، والآداب وركن الدين وغيرها بالمواطنين الذين ينتظرون الباصات العامة.

ويقول مؤيد عسكر، وهو موظف في دمشق، في حديث مع "العربي الجديد": "لا تقل كلفة طلب سيارة أجرة في دمشق عن ألفي ليرة سورية، ومن الطبيعي أن يطلب منك السائق 3 أو 4 أو 5 آلاف ليرة، فقبل أيام كنت في ساحة باب توما وأريد التوجه إلى جرمانا، التي تبعد عنها نحو 3 كيلومترات، أفضل سعر حصلت عليه كان 3 آلاف ليرة، بعد أن أوقفت أكثر من 10 سيارات، في حين أن أجرة النقل العام 100 ليرة، لكن الازدحام والضغط أمر غير معقول". 

وأضاف: "اليوم من يستقل سيارة أجرة هم قلة قليلة جداً من سكان دمشق، فأكاد أجزم بأنّ إيقاف سيارة أجرة خيار اضطراري لغالبية من يجبرهم الازدحام أو التأخر عن أمر هام جداً، فراتب الموظف لا يمكن أن يحتمل أجور سيارات الأجرة". 

وكانت محافظة دمشق قد أقرّت آخر تعديل لتعرفة سيارة الأجرة، في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حيث حُدِّد سعر الكيلومتر الواحد بـ115 ليرة. أما الساعة الزمنية، فتبلغ ألفي ليرة سورية، مقابل 75 ليرة لفتحة العداد.  

التعديل اعتبره سائقو سيارات الأجرة غير عادل، بحسب السائق أبو أجود العلي، قائلاً، في حديث مع "العربي الجديد": "نحن لسنا سعداء عندما نطلب آلاف الليرات من الزبون، ونتمنى أن يعود الزمن بنا عندما كان أكبر طلب ممكن أن تأخذه في دمشق بـ300 ليرة، لكن كان ثمن كرتونة البيض 50 ليرة، اليوم ذات الصحن سعره أكثر من 6 آلاف ليرة، وهنا لا أتحدث عن قطع الغيار ولا الإطارات، التي ارتفعت من مئات أو آلاف الليرات إلى مئات آلاف الليرات". 

وأضاف: "إذا كانت السلطة تريد أن تحدد تعرفة سيارات الأجرة، عليها بالبداية تأمين الوقود الكافي للعمل، وأن تثبت أسعار قطع الغيار وحتى أجور الصيانة"، معتبراً أنّ "المشكلة ليست لدى السائقين، فهم بالكاد يواكبون الغلاء، لكن بإصرار السلطة على عدم رفع الرواتب لتتناسب مع الغلاء الفاحش الذي وصلنا إليه". 

ولفت إلى أنّ "شرطة المرور والركاب يعلمون تلك الحقيقة، لذلك قلما تجد أحد الركاب يشتكي من سائق بسبب الأجرة، أو أن يغرّم شرطي سائقاً، وخاصة أنّ هؤلاء العناصر أيضاً في معظمهم يستفيدون عبر الرشى التي يتقاضونها من السائقين لتجاوز العديد من المخالفات".

المساهمون