79 ألفاً انضموا إلى صفوف البطالة في المغرب العام الماضي. عدد العاطلين عن العمل أصبح 1.5 مليون وفق بيانات المندوبية السامية للتخطيط. ارتفاع نمو الاقتصاد المغربي العام الماضي لم ينعكس زيادة في مستويات التشغيل.
الخبراء في البلاد يطرحون العديد من السيناريوهات للخروج من هذه الوضعية، غالبيتها تدور حول تقوية الاستثمارات الإنتاجية وتنويعها وموائمة سوق العمل مع مخرجات التعليم.
إذ إن ضحايا البطالة الأساسيون هم الشباب البالغون بعمر بين 15 و24 سنة (31,8 في المائة)، والأشخاص الحاصلون على شهادات جامعية (19,6 في المائة)، والنساء (16,8 في المائة).
ويشير مكتب إنفوريسك، المتخصص في تتبع وضعية الشركات، إلى أن 10500 شركة أفلست في العام الماضي في سياق الجائحة، بسبب مشاكل التمويل التي تواجهها وطول مدة سداد مستحقاتها.
ارتفاع معدلات البطالة
في المقابل، خلص البحث الوطني حول الظرفية لدى الأسر، الصادر في منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى أن 84 في المائة من الأسر توقعت ارتفاعاً في مستوى البطالة خلال 12 شهراً المقبلة، بينما تترقب 6.4 في المائة فقط من الأسر انخفاضه.
ويلفت الاقتصادي رضوان الطويل إلى أن معدل النمو الذي تحقق في العام الماضي عند 7.2 في المائة لا يعدو أن يكون تداركاً للانكماش الذي سجل في العام الذي سبقه.
ولا يبدو أن النمو سيعود إلى مستوى 3 في المائة في العام الحالي حسب توقعات الحكومة، ما يشكل تكريساً للنمو الهش.
ويرى الطويل، في حديث مع "العربي الجديد"، أن النموذج التنموي الذي تبناه المغرب في العام الماضي يستوجب رفع معدل النمو من 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام كمتوسط سنوي إلى 6 في المائة، بهدف معالجة بعض صعوبات التشغيل، خاصة أن 350 ألف شاب وشابة يدخلون إلى سوق العمل سنوياً.
وعانت قطاعات اقتصادية متعددة من تداعيات الجائحة، خاصة السياحة، بعد إغلاق الحدود، حيث انعكس ذلك على فرص العمل، خاصة بين العمال المؤقتين الذين توفرهم وكالات التشغيل.
وتوقف عمل العديد من وكالات السفر وشركات النقل السياحي التي تشغل الآلاف بين سائقين ومتخصصين وموظفين في الأشهر الماضية، وهذا ما يؤكده الحسين أيت أزكاغ، المرشد السياحي، في حديث مع "العربي الجديد"، إذ يشير إلى أنه يعاني من البطالة بسبب ضعف تردد السياح على المناطق الجبلية التي تنتعش بفضل الوزن السياحي لمدينة مراكش.
وكانت الحكومة السابقة أكدت أن المخطط الوطني للنهوض بالتشغيل الذي يمتد من 2017 إلي 2021 تأثر بتداعيات كوفيد، حيث أفضى إلى غاية العام الماضي إلى إحداث حوالي 700 ألف فرصة عمل من قبل القطاعين العام والخاص، بعدما كان يراهن على إحداث 1.2 مليون فرصة عمل في نهاية 2021.
تشغيل غير مصرح به
ويرى محمد الهاكش، الكاتب العام السابق لاتحاد جامعة القطاع الزراعي، أن معدل البطالة المرتفع في العام الحالي يؤكد الصعوبات التي تواجه الاقتصاد المغربي، والذي كشفت عنها الجائحة أكثر.
ويلاحظ أن معدل البطالة في الأرياف في العام الماضي لا يعكس حقيقة التشغيل في تلك المناطق، على اعتبار أنها مناطق يسود فيها التشغيل الناقص والشغل غير المصرح عنه.
ويؤكد أن حقيقة البطالة في المغرب لا يعكسها الرقم المعلن عنه رسمياً، حيث إنه عند إضافة الذين يعملون في دوامات جزئية ومؤقتة، يرتفع عدد العاطلين عن العمل كثيراً.
وتعتبر الحكومة أن توفير 250 ألف فرصة عمل مؤقت يراد منه إتاحة العمل في موازاة عودة الحركة الاقتصادية، مشيرة إلى أنه تم ضخ 1.4 مليار دولار في خزينة الشركات برسم متأخرات الضريبة على القيمة المضافة، ما سينعكس على دينامية الاقتصاد والشغل.
تشغيل مؤقت
ويفترض على الحكومة الحالية، وفق الخبراء، توضيح الرؤية حول سبل إنعاش سوق الشغل بهدف امتصاص البطالة، رغم اعتمادها برنامج التشغيل المؤقت على مدى العامين المقبلين، والذي يطاول 250 ألف شخص من الذين فقدوا فرص عملهم من جراء الجائحة، أو الذين لا يتوفرون على شهادات، وكذا ربط الاختصاصات الجامعية بحاجات سوق العمل.
كما ينتظر أن يفضي تأخر التساقطات المطرية في العام الحالي، بما له من تداعيات على العديد من القطاعات المرتبطة بالزراعة، إلى تشديد الضغط على الحكومة من أجل توفير فرص عمل جديدة.
ويرى الاقتصادي على بوطيبة أنه يجب التوجه نحو تشجيع التشغيل في الصناعة، التي يمكنها استيعاب أعداد كبيرة من أصحاب الشهادات والفنيين، معتبرا أنه لا يمكن الاكتفاء بالمشاريع الصناعية التي لا تتيح فرص عمل كبيرة، علما أن الصناعة، بما فيها الصناعة التقليدية، فقدت 119 ألف منصب شغل في العام الماضي.
ويؤكد ضرورة المضي في التصنيع عبر تفعيل المشاريع التي يراد منها استبدال الواردات بالإنتاج المحلي، معتبراً أن تفعيل السياسات العمومية في مجال الصناعة يبقى خياراً من شأنه إنعاش سوق الشغل، خاصة إذا ما عاد الطلب الخارجي.