دعم أوروبي للبنان بمليار يورو: الاقتصاد واللاجئون أولوية

دعم أوروبي للبنان بمليار يورو: الاقتصاد واللاجئون أولوية

02 مايو 2024
ميقاتي وفون ديرلاين وخريستودوليدس في السراي الحكومي اليوم (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية عن دعم مالي للبنان بقيمة مليار يورو حتى 2027 لدعم الاستقرار ومواجهة أزمة اللاجئين، مع التركيز على تعزيز الأمن والاستقرار عبر دعم الجيش والأجهزة الأمنية وتوفير المعدات والتدريب.
- وديع الأسمر ينتقد الدعم الأوروبي معتبراً أن المبلغ المعلن لا يمثل زيادة كبيرة عن الدعم السنوي المعتاد، ويشير إلى الطبيعة الارتجالية للحكومة اللبنانية في التعامل مع الأزمات.
- خلال مؤتمر صحافي، أكدت فون دير لاين على الرغبة في المساهمة بالاستقرار في لبنان، مع التأكيد على أهمية الإصلاحات الاقتصادية والمالية، بينما شدد رئيس الحكومة اللبنانية على رفض لبنان أن يكون وطناً بديلاً للنازحين.

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أوسولا فون دير لاين، اليوم الخميس، عن دعم أوروبي للبنان بقيمة مليار يورو (1.07 مليار دولار)، سيكون متاحا اعتباراً من السنة الجارية وحتى عام 2027، وذلك في إطار دعم الاستقرار اللبناني والتصدّي لأزمة اللاجئين السوريين.

وأكدت أوسولا فون دير لاين أن "الأمن والاستقرار أساسيان للاستثمار، وسندعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى. وسيركز هذا البرنامج أساساً على توفير المعدّات والتدريب لإدارة الحدود. إلى ذلك سيكون من المفيد جداً للبنان أن يبرم ترتيبات عمل مع الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل، خصوصاً بشأن تبادل المعلومات والوعي بالأوضاع"، مشددة على أن "لبنان بحاجة إلى قوّة دفع اقتصادية إيجابية، لإتاحة الفرص لشركائه ومواطنيه".

في الإطار، يقول وديع الأسمر، رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك أساساً دعماً أوروبياً للبنان بين 200 إلى 350 مليون يورو سنوياً كمساعدات تحت عنواني: تحمّل نتائج أزمة اللجوء السوري، وتمويل لبنان لمعالجة نتائج الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت".

ويلفت إلى أن "مبلغ المليار يورو الذي أعلن عنه، سيكون متاحاً اعتباراً من هذه السنة حتى عام 2027، ما يعني حوالي 250 مليونا كل سنة، أي نفس المبالغ المقدّمة، وكأننا بالتالي لسنا أمام أي تعهّد"، مشيراً أيضاً إلى أن "هذه الأموال لن تذهب كذلك إلى الدولة مباشرة، بل إلى المؤسسات الدولية التي تعمل مع لبنان".

ويرى الأسمر أن "جولة رئيسي قبرص والمفوضية الأوروبية بشكل خاص، وإعلانهما عن تقديم دعم أوروبي للبنان، جزء لا يتجزأ من حملتهما الانتخابية الأوروبية، ولا سيما بالنسبة إلى أوسولا فون دير لاين، للإضاءة على العمل الحاصل وإظهار الجهود المبذولة للتخفيف من الهجرة غير الموثقة على أوروبا، في حين يستفيد رئيس حكومة لبنان من هذه الخطوة للقول بإنه تمكّن من جلب مساعدات للبنان".

ويضيف الأسمر "للأسف هذا نوعٌ من إبرة تخديرية للجميع، ما يظهر مرّة جديدة أن الحكومة اللبنانية وسياسيي النظام لا خطة استراتيجية لديهم لمعالجة أزمة اللجوء السوري، ولا لمعالجة أي أزمة من أزمات البلاد، بل كل ما يحصل ما هو إلا ارتجاليات".

دعم أوروبي للبنان لهذه الأسباب

وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية إلى أننا "نريد أن نساهم في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في لبنان، من خلال تعزيز الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة، وسنواكب لبنان في المضي قدماً في الإصلاحات الاقتصادية والمالية والمصرفية، والتي تعدّ أساسية لتحسين الوضع الاقتصادي العام للبلاد في المدى الطويل".

يأتي حديث أوسولا فون دير لاين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس ورئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي عُقد اليوم الخميس، بعد اجتماع موسّع في السرايا الحكومية في بيروت، حضرته وفود رسمية، وبحث بشكل أساسي ملف اللاجئين السوريين وكيفية تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية ودعم أمن لبنان واستقراره.

ويجول الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضية الأوروبية أوسولا فون دير لاين، اليوم، على المسؤولين اللبنانيين، لإجراء مباحثات موسَّعة حول ملف اللاجئين السوريين على وقع دعوة لبنان المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في سياساته بشأن أمن سورية، ودعم اللاجئين في بلادهم لتشجيعهم على العودة الطوعية.

وتسبب السماح للأزمة بالتفاقم في حرمان معظم اللبنانيين من الوصول إلى مدخراتهم، وانهارت العملة المحلية، وواجهت المؤسسات العامة من المدارس وحتى الجيش صعوبات جمة في مواصلة عملها.

ويقول باحثون إن ذلك تزامن مع زيادة قوارب المهاجرين التي تنطلق من شواطئ لبنان إلى أوروبا، متجهة بالأساس إلى قبرص القريبة وإيطاليا.

وقالت أوسولا فون دير لاين إننا "نتفهّم التحديات التي يواجهها لبنان نتيجة استضافته اللاجئين السوريين ونازحين آخرين، ومن الأساسي ضمان رفاه اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة. ومنذ عام 2011 هناك دعم أوروبي للبنان بمبلغ 2.6 مليار يورو، ليس فقط للاجئين السوريين، إنما أيضاً للمجتمعات المضيفة وسنستمرّ في دعمكم".

وأشارت إلى أننا "سننظر في كيفية جعل مساعدة الاتحاد الأوروبي أكثر فاعلية، ويشمل ذلك استكشاف كيفية العمل على نهج أكثر تنظيماً للعودة الطوعية إلى سورية، بالتعاون الوثيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفي الوقت نفسه ثمة حاجة إلى تعزيز الدعم من الأسرة الدولية لبرامج الإغاثة الانسانية والتعافي المبكر في سورية".

وأضافت "لمساعدة لبنان في إدارة الهجرة، نحن ملتزمون بإبقاء المسارات القانونية مفتوحة إلى أوروبا، وإعادة توطين اللاجئين من لبنان إلى الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه نعوّل على حسن تعاونكم لمنع الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب المهاجرين".

من جانبه، قال الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس إننا "هنا اليوم للإعلان عن رزمة دعم أوروبي للبنان، وهي تشمل مساعدة لبرامج دعم متعددة للشعب اللبناني، ومكافحة التهريب، وحماية الحدود، والإدارة والاقتصاد اللبناني، ومسائل أخرى".

وأشار الرئيس القبرصي إلى أن "هذه الرزمة التي تم الإعلان عنها ستساعد في تعزيز قدرة السلطات اللبنانية على التعامل ومواجهة التحديات المختلفة، بما في ذلك مراقبة الحدود البرية والبحرية، وضمان سلامة المواطنين، ومكافحة أيضاً تهريب الأشخاص، ومتابعة مكافحة الإرهاب".

وأضاف "علينا تعزيز العمل مع شركائنا لبحث مسألة العودة الطوعية للسوريين من لبنان، ونحن نتفهم بشكل عميق المشاكل والتحديات التي يواجهها لبنان والأزمة طويلة الأمد في سورية، والتي ضخّمت العواقب السلبية على لبنان وشعبه".

ميقاتي: لبنان ليس وطناً بديلاً

بدوره، شدد ميقاتي على أننا "نرفض أن يتحوّل وطننا إلى وطن بديل، وندعو أصدقاءنا في الاتحاد الأوروبي إلى الحفاظ على قيمة لبنان والمضي في حل هذا الملف جذرياً وبأسرع وقتٍ، انطلاقاً من المعرفة المتبادلة بيننا وبين الاتحاد الاوروبي ودول العالم بأن مدخل الحل سياسي بامتياز"، مشدداً على أن "أمن لبنان من أمن دول أوروبا والعكس".

وأشار ميقاتي إلى أنه "انطلاقاً من واقع سورية حالياً، فإنّ المطلوب كمرحلة أولى الإقرار أوروبياً ودولياً بأنّ أغلب المناطق السورية باتت آمنة، ما يسهّل عملية اعادة النازحين، وفي مرحلة أولى الذين دخلوا لبنان بعد عام 2016، ومعظمهم نزح إلى لبنان لأسباب اقتصادية بحتة ولا تنطبق عليهم صفة النزوح".

وجدّد رئيس الوزراء اللبناني مطالبة الاتحاد الأوروبي بـ"دعم النازحين في بلادهم لتشجيعهم على العودة الطوعية، ما يضمن لهم عيشاً كريماً في وطنهم"، مضيفاً "إذا كنّا نشدد على هذه المسألة فمن منطلق تحذيرنا من تحوّل لبنان إلى بلد عبور من سورية إلى أوروبا، وما الإشكالات التي تحصل على الحدود القبرصية إلا عيّنة مما قد يحصل إذا لم تعالج هذه المسألة بشكل جذري". 

وقال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري خلال استقباله رئيسي قبرص والمفوضية الأوروبية إن "اللقاء اليوم كان عملياً بامتياز، مقترحاً تشكيل لجنة بين لبنان والاتحاد الاوروبي لمتابعة الزيارة والاجتماعات التي واكبتها، وقد لاقى الاقتراح ترحيباً من رئيسة المفوضية الأوروبية".

وجدّد بري التأكيد على "أهمية التواصل من سائر الأطراف المعنية بمقاربة ملف النازحين مع الحكومة السورية التي بات حضورها على معظم أراضيها"، مشيراً إلى أن هذه هي المرّة الأولى التي يلمس فيها هذه الجدية بمقاربة ملف اللاجئين.

المساهمون