دائرة مخاطر الشحن البحري تتوسع عالمياً من باب المندب إلى السويس وبنما

18 يناير 2024
تحديات تاريخية تواجه النقل بحراً نتيجة مخاطر جيوسياسية وطبيعية متصاعدة (Getty)
+ الخط -

تتسع يوماً بعد آخر دائرة المخاطر المحيطة بخدمات الشحن البحري عالمياً، نتيجة التحديات المتصاعدة من البحر الأحمر إلى قناتَي السويس وبنما. فما الجديد؟

في تحديث للعملاء اليوم الخميس، قالت شركة "إيه.بي مولر ميرسك" إن الاضطرابات الناتجة عن الطقس في موانئ شمال أوروبا وتحويل السفن بعيدا عن البحر الأحمر تسببت في اختناقات في أرصفة استقبال الحاويات في الموانئ.

ولفتت الشركة إلى أن عواصف شتوية وأثر موسم العطلات الأحدث في شمال أوروبا أدت لإغلاق بعض الموانئ وتعليق الملاحة، وتوقعت "أن تؤثر الظروف الجوية الشتوية، وكذلك الأحداث الطارئة في البحر الأحمر، على العمليات في جميع أنحاء أوروبا والموانئ الرئيسية".

وهذه الظروف، بحسب الشركة، "أسفرت عن ارتفاع الكثافة في أرصفة الحاويات بالموانئ، ونهيب بالعملاء استلام شحناتهم في أقرب وقت ممكن بعد التفريغ لدعم سيولة الحركة"، حسب ما نقلت "رويترز". كما أملت "في حل مستدام في المستقبل القريب، ونفعل ما بوسعنا لنساهم في التوصل إليه. نحث العملاء على الاستعداد لمواصلة التعرض لتعقيدات في المنطقة ووجود تعطل كبير في الشبكة العالمية".

وأشارت "ميرسك" إلى أنها عرضت على العملاء خيار تحويل بعض الشحنات من السفن إلى الشحن الجوي في موانئ في سلطنة عمان والإمارات، لنقل السلع جوا إلى وجهاتها في أوروبا أو الولايات المتحدة.

وسبق أن حوّلت "ميرسك" وغيرها من شركات الشحن مسار السفن بعيدا عن البحر الأحمر وخليج عدن إلى رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا، بدلا من المرور عبر قناة السويس، أقصر طريق بحري بين آسيا وأوروبا، وذلك بسبب هجمات تشنها جماعة الحوثي في اليمن على سفن في المنطقة.

وأمس الأربعاء، قال الرئيس التنفيذي لـ"ميرسك" إن التعطل الذي تشهده حركة الشحن العالمية بسبب الهجمات على سفن في البحر الأحمر سيستمر على الأرجح بضعة أشهر على الأقل.

أزمة البحر الأحمر تقلص صادرات الزراعة الأوكرانية

وعلى صعيد متصل، قال وزير الزراعة الأوكراني ميكولا سولسكي، اليوم الخميس، إن الوضع في البحر الأحمر أدى إلى تباطؤ الصادرات الزراعية الأوكرانية في يناير/ كانون الثاني.

وفي تصريح للتلفزيون الوطني، قال سولسكي: "جرى تصدير كمية كبيرة في ديسمبر.. لكن المعدل في يناير سينخفض"، مشيراً إلى أن "هناك مشاكل في البحر الأحمر، وجزءاً من صادراتنا ذهب ويمر عبر البحر الأحمر إلى الصين وآسيا ودول أفريقية، وبالتالي تباطأت حركة السفن كثيرا". والسبب الإضافي لانخفاض الشحنات، بحسب سولسكي، هو عطلة رأس السنة الجديدة.

وصدرت أوكرانيا 4.8 ملايين طن متري من المواد الغذائية عبر ممرها على البحر الأسود في ديسمبر/ كانون الأول، وهو ما يتجاوز الحد الأقصى للكمية الشهرية المصدرة بموجب اتفاق الحبوب السابق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة.

وقبل الغزو الروسي في فبراير/ شباط 2022، كانت أوكرانيا تصدر نحو 6 ملايين طن من المواد الغذائية شهرياً عبر البحر الأسود. وتعتمد الآن على الممر الممتد على طول ساحلها الغربي على البحر الأسود بالقرب من رومانيا وبلغاريا، وموانئها الصغيرة على نهر الدانوب، وتصدر براً عبر أوروبا الشرقية.

وتعتقد كييف أنها تمكنت من طرد القوات الروسية من الجزء الغربي من البحر الأسود، وتأمين صادرات الحبوب التي تعتبر حيوية لاقتصادها، وكذلك للواردات المهمة.

تراجع حركة قناة السويس

وسط تصاعد التوترات جنوبي البحر الأحمر، أوردت شبكة "بلومبيرغ" أن حركة الملاحة في قناة السويس تراجعت 41% عن ذروة عام 2023.

ونقلت الوكالة، مساء الأربعاء، عن منصة بيانات يديرها صندوق النقد الدولي وجامعة أكسفورد، أن انخفاضا طرأ على متوسط عدد السفن إلى 49 يومياً اعتباراً من الأحد الماضي، مقارنة بالذروة اليومية في 2023 البالغة 83 حالة عبور، حسب ما نقلت "الأناضول".

وأرقام التراجع المسجلة في قناة السويس خلال الأيام الماضية من العام الجاري هي الأدنى منذ أزمة جنوح سفينة "إيفرغرين" خلال مارس/ آذار 2021، بحسب بيانات الصندوق وجامعة أكسفورد.

وتسلط هذه الأرقام الضوء على مدى إعادة توجيه الهجمات على السفن القريبة من البحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء الصالح، جنوب دولة جنوب أفريقيا. وتظهر البيانات أيضا ارتفاعا مماثلا في عدد السفن التي تمر عبر رأس الرجاء الصالح قرب الطرف الجنوبي لأفريقيا.

ودخلت التوترات في البحر الأحمر مرحلة تصعيد لافتة منذ استهداف الحوثيين، في 9 يناير/ كانون الثاني الجاري، سفينة أميركية بشكل مباشر، بعد أن كانوا يستهدفون في إطار التضامن مع قطاع غزة سفن شحن تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من إسرائيل وإليها.

والجمعة، أعلن البيت الأبيض، في بيان مشترك لـ10 دول، أنه "ردا على هجمات الحوثيين (..) ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، نفّذت القوات المسلحة الأميركية والبريطانية هجمات مشتركة ضد أهداف في مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن".

قناة بنما تخفض حركة المرور نتيجة الجفاف

وأجبر الجفاف الشديد في بنما، والذي بدأ العام الماضي، السلطات على تقليص عدد السفن المارة من قناة بنما بنسبة 36%، وفقاً لما نقلت "أسوشييتد برس" اليوم الخميس.

وتُعد القناة من أهم طرق التجارة في العالم، وتشير توقعات إلى أن هذا القرار سيوجه ضربة اقتصادية لبنما أكبر مما كان متوقعا في السابق.

ويُقدر مسؤولو القناة الآن أن انخفاض منسوب المياه قد يكلفهم ما بين 500 و700 مليون دولار في عام 2024، مقارنة بالتقديرات السابقة التي بلغت 200 مليون دولار.

وأثارت إحدى أشد موجات الجفاف، التي ضربت الدولة الواقعة في أميركا الوسطى، فوضى في الممر البحري الذي يبلغ طوله 50 ميلا، ما تسبب في اكتظاظ مروري للسفن، وألقى ذلك بظلال من الشك على موثوقية القناة بما يخص حركة الشحن الدولي، وأثار مخاوف بشأن تأثير ذلك على التجارة العالمية.

وأمس الأربعاء، قال مدير قناة بنما ريكورتي فاسكيز إنه سيخفض عدد السفن التي ستعبر يوميا إلى 24، وذلك بعد أن خفض العدد تدريجيا بالفعل العام الماضي بعد أن كانت 38 سفينة تمر يوميا في الأوقات العادية.

وأضاف أنه "من المهم أن تبعث السلطات رسالة مفادها أننا سنتعامل مع هذا الأمر ونجد حلا لمشكلة المياه التي لدينا". وذكر أن القناة شهدت انخفاضا في البضائع المارة بنسبة 20% و791 سفينة في الربع الأول من العام المالي مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.

وقال: "هذا انخفاض ضخم للغاية. لكن إدارة المياه بشكل أكثر فعالية، والقفزة في هطول الأمطار في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أمور مكنتنا على الأقل من ضمان ارتفاع مستويات المياه بما يكفي لعبور 24 سفينة يوميا حتى نهاية إبريل/ نيسان المقبل، وهو بداية موسم الأمطار التالي".

وأرجعت سلطات القناة الجفاف إلى "ظاهرة النينيو" المناخية وتغير المناخ، وقالت إنه من الضروري أن تبحث بنما عن مصادر مياه جديدة من أجل عمليات القناة والاستهلاك البشري.

وتوفر نفس البحيرات، التي تملأ القناة، المياه لأكثر من 50% من سكان البلاد، الذين يزيد عددهم عن 4 ملايين نسمة. وقال فاسكيز إن "مشكلة المياه مشكلة وطنية، وليست مشكلة القناة فقط. علينا حل هذه المشكلة في جميع أنحاء البلاد".

المساهمون