خيارات شراء كسوة العيد: اليمنيون يقبلون على الأسواق الشعبية والملابس المستعملة

21 يوليو 2021
انتعاش أسواق الملابس الشعبية لرخص أسعارها (محمد حمود/ Getty)
+ الخط -

اضطر كثير من اليمنيين بسبب ارتفاع الأسعار بصورة قياسية وتردي الأوضاع المعيشية إلى استخدام خيارات بديلة لمعايشة فرحة وأجواء العيد، وأبرز مظاهرها توفير احتياجاتهم الضرورية كملابس العيد والتي تحدد نوعيتها الخيار المناسب لتوفيرها.
وتوزعت هذه الخيارات على محال ومعامل ومشاغل الخياطة لتلبية بعض الملابس الضرورية، مثل "الأكوات" القمصان والأثواب والبنطلونات، وذلك بدلاً من شرائها من المحلات والمولات التجارية، نظراً لوجود فارق كبير في السعر يلمسه كثير من المواطنين محدودي الدخل، بينما تساهم مثل هذه المناسبات في تنشيط أسواق الملابس المستعملة التي تعاني من الركود معظم الفترات بسبب تداعيات فيروس كورونا وتهاوي القدرة الشرائية للمواطنين.

في السياق، يشرح الموظف في شركة خاصة، كمال عثمان، لـ"العربي الجديد"، أهمية هذه الخيارات بالإشارة إلى أن كثيراً من اليمنيين، وهو أحدهم، لديهم أكثر من خمسة أطفال ويضطرون مجبرين للتجاوب مع مطالباتهم الملحة بشراء كسوة جديدة للعيد. لذا، وفق حديثه، فإن عملية توفير ملابس جديدة لهذا العدد من الأفراد تحتاج إلى ما لايقل عن 70 ألف ريال (الدولار = نحو 600 ريال في صنعاء)، وهو مبلغ كبير لا تقدر عليه كثير من الأسر، ما يدفعها إلى مشاغل الخياطة والمحال المرتبطة بها وتوفير هذه المستلزمات بنحو 40 ألف ريال يمني وأحياناً أقل في حال تم اقتناء أصناف ذات جودة ونوعية متوسطة تناسب المبلغ المتوفر.

وفي وقت ساد فيه الركود مختلف الأسواق اليمنية في ظل الانخفاض الكبير في حركة المبيعات بأهم موسم تجاري في اليمن، كان هناك في الجانب الآخر انتعاش لافت في أسواق الحراج الخاصة بالملابس المستعملة التي ترتبط بعلاقة وثيقة مع كثير من المستهلكين الذين يجدون فيها خياراً وملاذاً أساسياً لتلبية احتياجاتهم، خصوصاً من متطلبات ومستلزمات العيد.
ودفع إصرار كثير من اليمنيين على عدم تفويت مناسبة عيد الأضحى دون توفير أهم مستلزماته التي يعتادون عليها ومنها ملابس الأطفال، إذ لا عيد بالنسبة لكثير من العوائل والمواطنين إلا بفرحة ذويهم وأطفالهم بكسوة جديدة من الملابس والألعاب والذهاب بهم إلى الحدائق والمتنزهات.
كثير من المتسوقين بعد أيام من جس نبض أسواق الملابس في المحال التجارية والمولات الكبيرة قرر التوجه إلى أسواق الحراج التي تبيع الملابس المستعملة، بسبب عدم القدرة على التعامل مع جحيم الأسعار في أسواق الملابس الجديدة.
من هؤلاء المواطن عمار الصلوي الذي يعيل 7 أبناء، والذي يقول لـ"العربي الجديد" إنه لولا هذه الأسواق لما استطاع شراء ملابس جديدة لأطفاله في هذا العيد، إذ كانت ملاذاً رئيسياً له ولكثير من محدودي الدخل الذين ساهموا في إنعاش الحركة التجارية في هذه الأسواق.

وتكتظ أرصفة الشوارع الرئيسية في عدد من المدن اليمنية مثل صنعاء وعدن وتعز بالباعة الجائلين لمختلف أنواع الملابس التي تباع بأسعار مناسبة نظراً لنوعيتها وجودتها المختلفة عن الأصناف التي تباع في الأسواق الرسمية للملابس، بينما هناك باعة جائلون متخصصون في الملابس المستعملة المكومة أمام المارة والتي يحيطون بها بصورة عشوائية لاختيار أي قطعة ودفع ثمنها الذي يكون عادةً موحداً لجميع الأصناف مع اختلاف طفيف من بائع لآخر.
ويفيد المواطن صلاح النجار من سكان إحدى المناطق الريفية في محافظة حجة شمال غربي اليمن في حديثه لـ"العربي الجديد"، بأنه توجه قبل حلول عيد الأضحى بأربعة أيام إلى مدينة صنعاء لشراء كسوة العيد له ولأبنائه وأفراد أسرته، لكنه اصطدم بالارتفاع القياسي للأسعار، فكان الباعة الجائلون ملاذه لشراء ما أمكن من الملابس الضرورية للأطفال بعد اختصار المستلزمات المحددة المطلوب توفيرها، في ظل ارتفاع تكاليف هذه الرحلة من الريف إلى داخل المدينة والتي استهلكت ثلث المبلغ الذي لديه بالذات أجور النقل الباهظة التي أصبحت تؤرق اليمنيين في مختلف المناطق والمحافظات في البلاد.
ويتوافد تجار ومواطنون من مختلف المحافظات شمال اليمن، مثل عمران وحجة وصعدة، إضافة إلى المناطق الريفية للعاصمة اليمنية، إلى صنعاء لشراء احتياجاتهم من السلع والبضائع مثل الملابس كما يلاحظ خلال الأيام التي تسبق الأعياد الدينية.
وفي المقابل، ينتشر عدد من الأسواق الشعبية في بعض المناطق والأماكن داخل المدن لبيع الملابس التي تناسب جميع الفئات العمرية وبأسعار لكثير من الشرائح المجتمعية، في ظل إقبال لافت عليها من قبل المواطنين، والتي كانت أحد أبرز الخيارات المفضلة لنسبة كبيرة من اليمنيين.
ويؤكد مختار الريمي، وهو بائع في سوق شعبي للملابس في شارع الكويت وسط العاصمة صنعاء، أن هناك فارق سعر يصل إلى النصف مقارنة بالمحال والمولات التجارية الأخرى، إضافة إلى أنهم يضطرون إلى تخفيف السعر إلى أدنى مستوى لمراعاة الظروف المعيشية الصعبة للمواطنين وتنشيط المبيعات.

ويوضح الريمي لـ"العربي الجديد" أنّ معظم البضاعة التي يبيعها هو ومختلف الباعة في هذه الأسواق مستورد من الصين. ويشدّد على جودة كثير من أصنافها التي تحظى بإقبال المواطنين خلال أيام العيد.
فيما يبدي بائع على أحد أرصفة شوارع منطقة التحرير في صنعاء التي تتصدر أماكن ومناطق التسوق التي يفضلها كثير من سكان العاصمة اليمنية، تذمره الشديد بسبب محاصرة السلطات المعنية لهم وإجبارهم في وقت الذروة ليلة العيد على التوقف ورفع بضائعهم في وقت مبكر بحجة إتاحة الفرصة لعمال النظافة مباشرة عملهم بوقت كافٍ قبل حلول يوم العيد.
وعلى الرغم من توسع الاستثمارات في القطاع التجاري خلال السنوات القليلة الماضية في اليمن واستقطاب رؤوس أموال ومستثمرين وأموال تكونت بطرق بعضها غير مشروع في ظل الحرب الراهنة الدائرة في اليمن والتي شكلت منافذ استغلها كثير من النافذين للتكسب مع انتشار المراكز والمولات الضخمة في مختلف المدن الرئيسية، إلا أنها لم تؤثر على ملاذات اليمنيين، خصوصاً محدودي الدخل، المتمثلة بالأسواق الشعبية وأسواق الحراج من ملابس مستعملة وغيرها من السلع والبضائع والباعة الجائلين على الأرصفة، والذين يرتبطون بعلاقة وطيدة معها، حيث يجدون فيها مختلف احتياجاتهم وليس فقط الملابس بأسعار مناسبه.
وبما تبقى من دخل بعدما عصفت الحرب الدائرة بمعيشة نسبة كبيرة من السكان وأفقدتهم ما كان متاحاً من سبل العيش ومصادر الدخل، يحاول محدودو الدخل إسعاد أسرهم وإدخال البهجة عليهم عبر البدائل المتاحة.

المساهمون