خنق المصريين وإفقارهم بفعل فاعل

08 ديسمبر 2016
لن تتوقف الحكومة عن خنق المصريين وإفقارهم (العربي الجديد)
+ الخط -



لم يفق المصريون بعد من ضربات تعويم الجنيه، وزيادة أسعار الوقود من بنزين وسولار وبوتاغاز وغيرها، حتى فوجئوا بزيادة الجمارك على 364 سلعة بنسب تبدأ من 60 % وحتى 5000%، وهو القرار الثاني من نوعه في عام، حيث تم في يناير/كانون الثاني زيادة الجمارك على نحو 600 سلعة.

ولم يودع المصريون بعد قرارات 3 نوفمبر/تشرين الثاني المشؤومة القاضية بتحرير سوق الجنيه أمام الدولار حتى فوجئوا بزيادات قياسية في أسعار السلع والخدمات تفوق بكثير قدرات الغالبية العظمى منهم.

ولم يودّع المصريون بعد الآثار السلبية الخطيرة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة من زيادات في الأسعار وكساد وركود في الأسواق وإفلاس شركات وتعثر تجار، حتى فوجئوا بقرارات صادمة فقدوا على أثرها الجزء الأكبر من مدخراتهم المحلية.

ودفعت صدمة فقدان أكثر من 100% من قيمة العملة المحلية الجنيه المصريين للهرولة بحثاً عن أدوات استثمار شبة مضمونة تحفظ ما تبقى من مدخراتهم المحدودة، وكان من أبرز هذه الأدوات الدولار والذهب والعقارات والأراضي.

وفي الوقت الذي لم يفق فيه المصريون بعد من أزمة حليب الأطفال حتى فوجئوا بأزمات معيشية أخرى ربما تكون أكثر شعبية منها اختفاء السكر ثم ارتفاع سعره بشكل متواصل، وحدوث ارتفاعات قياسية في أسعار العدس والزيوت وغيرها من السلع التموينية.

وفي الوقت الذي يكتوي فيه المصريين بنيران الزيادات الملحوظة في فواتير الكهرباء فوجئوا بتصريحات أخرى مستفزة تؤكد كلها عزم الحكومة على خفض الدعم المقدم للسلع الرئيسية مثل الوقود والكهرباء والسلع التموينية، ومن عينة التصريحات ما ذكره وزير البترول طارق الملا عن إلغاء دعم الطاقة نهائياً، وهو ما سيترتب عليه زيادات جديدة في أسعار البنزين والسولار، وكذلك تصريحات وزيرة التعاون الدولي سحر نصر ببيع جزء من أسهم شركات المرافق العامة التي تقدم خدمات جماهيرية منها المياه والكهرباء والنقل والمواصلات.

وفي الوقت الذي فشلت فيه الحكومة فشلا ذريعاً في علاج أزمة البطالة التي تجاوزت 27% حسب الأرقام الرسمية، أو احتوائها خاصة بين فئة الشباب، إذا بها تصدم المصريين بقانون الخدمة المدنية الذي سيتم بموجبه خروج آلاف الموظفين من الجهاز الإداري للدولة وعدم تعيين خريجين جدد في المصالح الحكومية.

وفي الوقت الذي لا يزال فيه قرار بيع بنك الإسكندرية، رابع أكبر بنك في البلاد، لمصرف إيطالي ماثلاً في الاذهان حتى فوجئ المصريون بإعلان حكومي عن بدء إجراءات بيع بنك القاهرة، ثالث أكبر بنك، وهو القرار الذي تراجعت عنه الحكومة في العام 2008 تحت ضخم الرأي العام وعقب مهاجمة وزير الدفاع الأسبق المشير محمد حسين طنطاوي للصفقة، ورغم أن الحكومة وعدت بعدم طرح هذا الصرح المصرفي للبيع مرة أخرى، الا أنها تراجعت لتدرجه ضمن برنامج الخصخصة.

وقريبا ستشهد الأسواق مفاجآت جديدة للحكومة منها إجراء زيادات في أسعار الأدوية، وربما في تذاكر المترو والقطارات والمواصلات العامة، وبعدها أسعار البنزين والسولار والكهرباء والدواجن واللحوم والأرز، ولن تتوقف الحكومة عن خنق المصريين وافقارهم طالما اطمأنت أنهم لا يحركون ساكنا.

الحكومة لا تخنق فقط حاضر المصريين، بل تخنق مستقبلهم عن طريق التوسع الكبير في الاقتراض الخارجي، وزيادة الالتزامات المستقبلية على الدولة بديون تزيد عن 60 مليار دولار.

المصريون باتوا على موعد مع ارتفاعات مستمرة ومتلاحقة في الأسعار، والحكومة باتت في سباق مع الزمن لفرض مزيد من الأعباء والضغوط المعيشية على المصريين، وكيهم بقرارات وصدمات متلاحقة، وسحب ما تبقى في جيوبهم عن طريق زيادات مستمرة في الجمارك والضرائب والرسوم، وفي نفس الوقت لا تقدم لهم البديل الذي يحميهم، بل تركتهم في العراء لا يصارعون فقط برودة القرس ولكن يصارعون الأزمات من فقر وبطالة وارتفاع أسعار وغيرها.

ويبدو أن الحكومة استغلت عدم خروج المصريين للتظاهر يوم 11 – 11 الماضي وقررت الاستمرار في سياستها الاقتصادية التقشفية والعنيفة تحت زعم رضاهم عن خطط الحكومة للإصلاح الاقتصادي كما قال رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، رغم أن الجميع يعرف أن هؤلاء لم يخرجوا في هذا اليوم خوفاً من الاعتقالات والسجون والتصفية الجسدية في الشوارع.

هل سترحم الحكومة المصريين يوما ما، أم ستواصل خنقهم وإفقارهم تحت زعم رضاهم عن الجرائم التي تقوم بها؟

المساهمون