خلاف شركات الطيران يؤجج الحرب التجارية الأميركية الصينية

01 مايو 2023
بكين تريد زيادة عدد الزوار (Getty)
+ الخط -
بعد مضي نحو خمسة أعوام من الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين، بدأت بعد إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في عام 2018 عن فرض رسوم جمركية على السلع الصينية وما تلاه من ردود أفعال صينية مماثلة، تبرز في الساحة هذه الفترة إشكالية سلطت الضوء عليها صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية حول خطوط الطيران بين الولايات المتحدة والصين كنقطة شائكة أخرى في الجهود المبذولة لتحسين العلاقات بين البلدين، بعد أن اتفق الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على أن استقرار العلاقات بين البلدين يعد أمرا ضروريا.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها، إن الولايات المتحدة عرضت منح شركات الطيران الصينية نفس عدد الرحلات الأسبوعية بين البلدين مثل شركات الطيران الأميركية، ولكنها ربطت هذا العرض بعدم تحليق الطيران الصيني في الأجواء الروسية.
ومنعت موسكو شركات الطيران الأميركية من التحليق فوق البلاد بعد أن منعت واشنطن شركات الطيران الروسية من السفر إلى الولايات المتحدة في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا، أما الخطوط الجوية الصينية فهي ليست ممنوعة من دخول المجال الجوي الروسي.
وذكرت الصحيفة أن شركات الطيران الأميركية لديها 12 رحلة أسبوعية إلى الصين، في حين أن الخطوط الجوية الصينية لديها ثماني رحلات إلى الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن شركات الطيران الأميركية تواجه تكاليف وقود أعلى من الشركات الصينية التي تكون طرقهم عبر روسيا إلى الولايات المتحدة أقصر بكثير.
وأكدت أن شركات الطيران الأميركية ضغطت على إدارة الرئيس بايدن لعدم منح الصين المزيد من الرحلات الجوية بسبب فرق التكلفة، حيث يتيح الطريق الأقصر فوق روسيا لشركات الطيران الصينية ميزة الطيران مباشرة إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول بالسفارة الصينية في واشنطن قوله، إن اقتراح بكين بمساواة أرقام الرحلات الأسبوعية للبلدين كان "معقولا للغاية"، ملقيا باللوم على واشنطن بسبب حالة الجمود في المفاوضات بهذا الخصوص، قائلا إن الصين لا تقبل عدم تحليق شركات الطيران الخاصة بها في الأجواء الروسية.

وأضاف المسؤول الدبلوماسي الصيني أنهم لا يريدون التقدم البطيء الذي تشهده المفاوضات في الوقت الحالي، محملا الجانب الأميركي مسؤولية صعوبة التوصل لاتفاق. وأوضح الدبلوماسي الصيني أن القضية بين الولايات المتحدة وروسيا ليست قضية بين الولايات المتحدة والصين، مضيفا أنه لا ينبغي حتى استخدامها كأساس للمطالبة بما يسمى "المعاملة بالمثل".

وأشار إلى أن شي وبايدن اتفقا على الحاجة لمزيد من التواصل الشعبي بين البلدين عندما التقى الزعيمان في قمة مجموعة العشرين في بالي في نوفمبر الماضي، وشددا على الحاجة إلى المزيد من الرحلات الجوية لتحقيق هذا الهدف.

لكن شركات الطيران الأميركية، بدعم من بعض أعضاء الكونغرس، تريد من إدارة بايدن مقاومة منح شركات الطيران الصينية المزيد من الرحلات الجوية.

وصرح روبرت إيسوم رئيس شركة أميركان إيرلاينز هذا الأسبوع لشبكة "سي إن بي سي"، أنه لا يمكن أن يكون هناك "ملعب غير مستو". وقال "يجب أن تكون لدينا القدرة على الطيران بنفس المسافة وعدم حرق المزيد من الوقود وزيادة الوقت". لكنه أضاف أنه يأمل أن تجد بكين وواشنطن حلا نظرا لوجود "طلب كبير".

وأكدت الصحيفة أن مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية الأميركية رفضا التعليق على وضع المفاوضات بين الولايات المتحدة والصين. لكن متحدثا باسم مجلس الأمن القومي قال إنهم "على دراية" بمخاوف شركات الطيران الأميركية.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، إنه لا يمكن أن تسير الأمور كالمعتاد مع موسكو في مواجهة الحرب الروسية في أوكرانيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن الخلاف يعد أحدث شوكة في خاصرة العلاقات الأميركية الصينية، مضيفة أنه بعد قمة بالي، كان من المقرر أن يسافر أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي إلى بكين، لكنه ألغى رحلته، بعد أن طار بالون تجسس صيني مشتبه به فوق الولايات المتحدة.

وقال المسؤول الصيني، إن سبباً آخر لعدم قبول الشرط الأميركي بشأن عدم التحليق في الأجواء الروسية هو أن شركات طيران من دول أخرى، حلقت فوق روسيا دون مواجهة تداعيات في الولايات المتحدة. وتابع، نأمل أن يمتنع الجانب الأميركي عن تسييس القضية والتشاور معنا لحل مناسب.

وتريد الصين زيادة عدد الزوار من رجال الأعمال في الوقت الذي تحاول فيه جذب الاستثمار من الشركات الأجنبية بعد إنهاء سياسة كوفيد الصفرية، وتريد بكين في النهاية أن ترى زيادة كبيرة في عدد الرحلات الجوية بين الدول لكنها اقترحت زيادة أربع رحلات في الوقت الحالي.
وكان البنك الدولي قد حذر في وقت سابق من أن فك الارتباط التكنولوجي والقيود التجارية الناجمة عن التوترات بين الولايات المتحدة والصين تعمل على إحداث ضرر بتوليد المعرفة والابتكار في كلتا القوتين العظميين، مما يشكل تهديدا طويل الأجل للنمو في جميع أنحاء آسيا.

وشدد البنك الدولي على أن الهوة المتزايدة بين أكبر اقتصادين في العالم تشكل الآن "التحدي الأكثر إلحاحا" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مضيفاً أن "القيود الثنائية على تدفقات التكنولوجيا والتعاون بين الدول الكبيرة يمكن أن تقلل من توافر المعرفة على الصعيد العالمي"، وذكر أن الأدلة التجريبية أظهرت "الآثار السلبية للقيود الأخيرة" على الشركات في الصين والولايات المتحدة وشركائهم التجاريين الكبار، في وقت تراجعت العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها منذ تطبيع علاقاتهما الدبلوماسية عام 1979.

من جانبه، أشار تقرير مؤشر التواصل العالمي لشركة "دي آتش آل" في وقت سابق، إلى أنه بعد مرور خمس سنوات من الصراع الاقتصادي المفتوح بين واشنطن وبكين، بدأت العلاقة التجارية بينهما في إظهار "نمط عام" لفك الارتباط، حتى مع بقاء العولمة صامدة بشكل عام.

ولفت التقرير إلى أنه في عام 2022، انخفضت حصة السلع الصينية المستوردة كنسبة مئوية من إجمالي الواردات الأميركية إلى 16.6 بالمئة، بعد أن كانت في مستوى 21.6 بالمئة في عام 2017 وقبل قرارات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وفي الوقت نفسه، انخفضت قيمة السلع الأميركية المصدرة إلى الصين العام الماضي كنسبة مئوية من إجمالي الصادرات الأميركية إلى 7.3 بالمئة، بعد أن كانت تمثل 8.4 بالمئة في عام 2017.

(قنا، العربي الجديد)

المساهمون