خلافات حادة حول الموازنة الإيرانية الجديدة

21 ديسمبر 2020
إحدى جلسات البرلمان الإيراني في طهران
+ الخط -

لم يسبق أن أثار مشروع الموازنة الذي تقدمه الحكومة الإيرانية للبرلمان في هذا التوقيت كل عام تحفظات وخلافات كما يحصل اليوم. التحفظات لا تقتصر فقط على الطريقة التي قدمت بها الحكومة المشروع للبرلمان يوم 2 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

إذ لأول مرة لم يحضر الرئيس حسن روحاني الجلسة لتسلمه بنفسه، بحجة تعليمات اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا، وقد رفض رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف استلام المشروع، موكلاً المهمة إلى نائبه الثاني، بل إن الخلافات الحادة اليوم هي بشأن مضمون مشروع الموازنة الجديدة. 
المشروع الذي قدمته حكومة روحاني للعام المالي الجديد الذي سيبدأ مع 21 مارس/ آذار المقبل، هو الأخير في عهده، إذ جاء قبل 7 أشهر من انتهاء ولايته الثانية.

ولذلك اتهمه محافظون بأن المشروع يهدف إلى وضع الحكومة المقبلة التي ترجّح توقعات بأنها ستكون من نصيب التيار المحافظ، أمام واقع صعب وإغراقها في القروض وتحديد موارد للموازنة لا يمكن أن يتحقق في ظل الظروف الراهنة. 
ووفق برلمانيين وخبراء اقتصاد، فإن مشروع الموازنة لا يناسب المرحلة التي تعيشها إيران على ضوء الأزمة الاقتصادية التي تواجهها على خلفية العقوبات الأميركية القاسية. وقد دعا مركز بحوث البرلمان الإيراني أخيراً المشرّعين إلى رفضه بالكامل وإعادته إلى الحكومة لصياغته من جديد.
وفي الإطار، كشف رحيم زارع العضو في لجنة دراسة الموازنة البرلمانية، يوم الجمعة، عن رسالة بعثها رئيس البرلمان إلى روحاني، داعياً إياه إلى إجراء تعديلات في الموازنة.

إلا أن الرئيس الإيراني روحاني أكّد، الأحد، أن الموازنة الجديدة "أُعدت وفق رؤية واضحة لدعم معيشة المواطنين وتوسيع الاستثمارات"، معتبراً أن "الاهتمام بالإيرادات والمصاريف ودعم الشرائح الضعيفة من أهم أهداف الموازنة".

ويبلغ حجم الموازنة المقترحة 24350 تريليون ريال (سعر الصرف المعتمد 115 ألف ريال لكل دولار)، وللموازنة ثلاثة موارد: الإيرادات العامة 38%، والثاني 35%، من خلال بيع الممتلكات المالية والسندات وأسهم الشركات الحكومية والاستعانة بصندوق التنمية الوطني، والثالث 27% من خلال صادرات النفط وبيع أوراق النفط.

وأشار مركز بحوث البرلمان الإيراني الداعي إلى رفض المشروع إلى وجود "إشكالات أساسية" فيه، مشيراً إلى عجز متوقع بنسبة 50% من حجم الموازنة، وزيادة ربط الموازنة بالصادرات النفطية نحو 30%، وتراجع استثمارات الحكومة على حساب التمويل للمشاريع العمرانية من 15% في الموازنة السابقة إلى 11% في الموازنة الجديدة، فضلاً عن ارتفاع هائل في مصاريف الدولة بنحو 60%.
ومن أهم المآخذ على الموازنة الجديدة أن الحكومة حددت أحد أهم الموارد بناء على بيع 2.3 مليون برميل من النفط خلال العام المقبل، بسعر 40 دولاراً لكل برميل، وبطريقتين، الأولى من خلال التصدير، والثانية من خلال بيع النفط سلفاً في بورصة الطاقة في الداخل، في عقود آجلة مع آجال استحقاقها. 
لكن يقول الخبراء إن بيع الكمية غير ممكنة على ضوء الحظر الأميركي التام على الصادرات النفطية، مشيرين إلى أنه بعد فوز جو بايدن ليس واضحاً بعد السياسة التي ستتخذها إدارته في التعامل مع إيران، وسط ترجيحات مراقبين بأن تركة الرئيس الخاسر دونالد ترامب بشأن إيران تضع بايدن أمام واقع لا يمكنه تجاوزه بسهولة. 
وعليه، يرى مراقبون إيرانيون أن الحكومة بنت الموازنة على أوهام وفرضيات وليس على حقائق على الأرض، بينما ليس صحياً التعامل مع موضوع الاقتصاد والموازنات انطلاقاً من الفرضيات.

وحتى في حال افتراض تصدير كمية كبيرة من النفط خلال العام المالي المقبل، فإنه بسبب إدراج مجموعة العمل المالي الدولية FATF طهران على قائمتها السوداء خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فليس بإمكان إيران استعادة عوائد صادراتها النفطية. 

ويرى البرلمان الإيراني أن المشروع المقترح للموازنة الجديدة لا يتفق مع مبادئ "الاقتصاد المقاوم" الذي تطرحه السلطات في مواجهة العقوبات الأميركية، من خلال توطين الاقتصاد وزيادة الاعتماد على القدرات الداخلية وتقليل الاعتماد على الصادرات النفطية.

المساهمون