خفض الفائدة الكبير يضع "الفيدرالي الأميركي" أمام تحديات جديدة

19 سبتمبر 2024
جيروم باول بدا مرتبكاً في المؤتمر الصحافي، واشنطن 18سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلن جيروم باول عن خفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار نصف نقطة لمنع الركود وزيادة البطالة، مع تحقيق توازن بين التضخم والنمو الاقتصادي.
- يواجه الفيدرالي تساؤلات حول سرعة ووجهة خفض الفائدة، مع الإشارة إلى أن السعر المحايد قد يكون أعلى مما كان قبل الوباء، مما يزيد من عدم اليقين بين المستثمرين.
- يركز الفيدرالي على تجنب التباطؤ في التوظيف، مع مخاوف من أن خفض الفائدة بسرعة قد يرفع التضخم، بينما يحاول باول تهدئة التوقعات بشأن تخفيضات إضافية كبيرة.

دخل رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مرحلة جديدة في حملته لتحقيق الهبوط الآمن للاقتصاد الأميركي، بعد تفضيله إعلان بدء دورة التيسير أمس الأربعاء بنبرة قوية، من خلال خفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار نصف نقطة، الأمر الذي قد يعجب أسواق الأسهم والسندات، رغم ما قد يسببه من تحديات جديدة، يرى محللون أنها ستظهر أمام الفيدرالي الأميركي بعد قراره الأخير.

أرشد خفض أسعار الفائدة إلى الإجابة عن سؤال شديد الأهمية حول الهدف الأَولى للبنك الفيدرالي الأميركي في الوقت الحالي، حيث أكد رغبة باول في منع ارتفاع أسعار الفائدة من دفع الاقتصاد إلى الركود، وزيادة معدل البطالة، بعد أن بدا توجه التضخم نحو مستواه المستهدف قريباً.

ولن تكون الإجابة عن كل الأسئلة بهذه السهولة، حيث ما زال السؤال: "إلى أين يأخذ الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة وبأي سرعة سيصل إلى هدفه؟"، يؤرّق المستثمرين، بينما يؤكد البنك أن قرار كل مرة سيعتمد على البيانات التي تظهر قبل انعقاد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.

وغالبًا ما يضع المسؤولون في الفيدرالي الأميركي السياسة بهدف معرفة مكان سعر الفائدة الذي يطلق عليه "المحايد"، أي الذي لا يحفز النمو ولا يبطئه، وهو ما لا تسهل ملاحظته، حيث لا يظهر تأثير كل قرار إلا بعد مرور ستة أشهر على أقل تقدير. واعتقد معظم مسؤولي الفيدرالي الأميركي أن هذا المعدل المحايد قد انخفض إلى 2.5% أو أقل، لكن أغلب الأسواق تعكس حالياً اعتقاداً للمحللين بأن المعدل قد ارتفع، على خلفية ارتفاع عجز الحكومة وظهور مصادر جديدة للطلب على الاستثمار.

ووصف باول التخفيض الذي أجراه البنك الفيدرالي الأميركي أمس الأربعاء، والذي خفض سعر الفائدة الأساسي على الأموال الفيدرالية إلى نطاق 4.75% - 5%، بأنه "إعادة معايرة السياسة بمرور الوقت إلى مستوى أكثر حيادية". وعلى الرغم من تفضيله المعتاد لتجنب تقديم تصريحات محددة حول المكان الذي قد يكون فيه، فقد تطوع يوم الأربعاء بالقول إن "السعر المحايد قد يكون أعلى بكثير مما كان عليه قبل الوباء". وأضاف: "ما مدى ارتفاعه؟ لا أعتقد أننا نعرف".

وحاول باول إبعاد المستثمرين عن الرأي القائل بأن التخفيض بمقدار نصف نقطة مئوية يجب أن يكون المسار الافتراضي في الاجتماع المقبل للبنك المركزي في نوفمبر. وقال: "لا يوجد شعور بأن اللجنة في عجلة من أمرها للقيام بذلك. لا أعتقد أن أحداً ينبغي له أن ينظر إلى هذا، ويفترض أن تلك هي الوتيرة الجديدة". وأشارت أغلب تعليقات المحللين بعد إعلان قرار الفيدرالي إلى أن خفض الفائدة سيكون على الأرجح في صورة ربع بالمائة في كل من اجتماعي شهر نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول.

وكما كان القرار بشأن البدء بخفض تقليدي لأسعار الفائدة، أي ربع نقطة، أو خفض أكبر بمقدار نصف نقطة، غير متوقع بشكل غير عادي في الفترة التي سبقت هذا الاجتماع، فإن البنك الفيدرالي يواجه احتمال أن تؤدي الإشارات المتضاربة المستمرة بشأن الاقتصاد إلى خلق حالة من عدم اليقين مماثلة قبل اجتماعه القادم. وسيكون لدى المسؤولين شهران آخران من بيانات سوق العمل قبل اجتماع 6-7 نوفمبر، بما في ذلك تقرير واحد قبل أقلّ من أسبوع من اجتماعهم.

الفيدرالي الأميركي وسوق العمل

ومع تباطؤ التضخم، مثّل قرار يوم الأربعاء توجهاً جريئاً للبنك المركزي الأكبر في العالم للتركيز على التعامل مع مخاطر التباطؤ غير المرغوب فيه في التوظيف، كما قالت لوريتا ميستر، التي تقاعدت من منصب رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في كليفلاند في يونيو/حزيران لجريدة وول ستريت جورنال. وأضافت: "لكن التعليقات غير الواضحة على هذه الخطوة في الفترة التي سبقت الاجتماع قد تحدث مرة أخرى. فعند الذهاب إلى الاجتماع القادم، سيكون الأمر، مرة أخرى، 25 أو 50 نقطة؟ ما الحجة لعدم القيام بخفض 50 نقطة مرة أخرى؟ وهذا يجعل الأمر أكثر تعقيدًا بعض الشيء".

وحاول باول إبعاد المستثمرين عن توقعات خفض أسعار الفائدة الإضافية بمقدار 0.5 نقطة أساس، أو 50 نقطة أساس، في الاجتماعين القادمين، من خلال الإشارة إلى توقعات أسعار الفائدة التي سادت صباح يوم الأربعاء. ولكن دين ماكي، كبير الاقتصاديين في صندوق التحوط Point72 Asset Management، كتب في مذكرة اليوم الخميس أن باول لم يكن مقنعًا تمامًا، لأن "المجموعة الأخيرة من التوقعات الفصلية، في يونيو لم تشر قَطّ إلى هذا الخفض بمقدار 50 نقطة أساس".

ويرى ماكي أن الخطر الآخر هو أنهم يتحركون بسرعة كبيرة في خفض أسعار الفائدة، وأوضح أن فرص تعثر التضخم عند مستوى أعلى من هدف الفيدرالي الأميركي البالغ 2% "تزداد إذا استمر بنك الاحتياط الفيدرالي في إجراء تخفيضات بمقدار 50 نقطة أساس في المستقبل" في وقت لا يحتاج الاقتصاد إليها.

وعلى مدار ثمانية اجتماعات سابقة للبنك، حاول مسؤولوه المماطلة في خفض أسعار الفائدة، ما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة، وجعل كثيراً من المحللين يضغطون للقيام بتخفيضات كبيرة، في وقت قصير. وقالت بريا ميسرا، مديرة المحافظ في جيه بي مورغان لإدارة الأصول، في مذكرة: "إنه سباق بين تباطؤ سوق العمل وتقليل بنك الاحتياط الفيدرالي للقيود قبل أن يؤدي الضعف إلى التباطؤ. وإذا كانت هذه بداية ضعف في سوق العمل، يجب أن يكونوا أكثر إلحاحًا" لمواصلة إجراء تخفيضات أكبر.

وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، حثّ المزيد من المسؤولين السابقين في بنك الاحتياط الفيدرالي اللجنة المسؤولة عن وضع السياسة النقدية على البدء بخفض أكبر للفائدة، لتحقيق توازن أفضل للمخاطر التي تواجه الاقتصاد، على الرغم من أن التعليقات العامة من بعض زملاء باول كانت تشير إلى أنهم يفضلون البدء بخفض أصغر.

المساهمون