توسّع كل من إيران وروسيا البلدين الخاضعين للعقوبات الأميركية، بوتيرة متسارعة، مجالات تعاونهما المشترك للالتفاف عليها، عبر مشاريع عملاقة مثل ممر "الشمال الجنوب" وإلغاء الدولار من التبادل التجاري واستثمارات وتعزيز التواصل المصرفي المباشر بعيدا عن نظام "السويفت" الدولي.
وفي السياق، زادت خلال الفترة الأخيرة زيارات اقتصادية متبادلة بين إيران وروسيا، آخرها زيارة محافظة البنك المركزي الروسي ألويرا نابيولينا إلى طهران وإجراؤها لقاءات مكثفة، مساء الثلاثاء، مع نظيرها الإيراني محمد رضا فرزين لبحث سبل التعاون البنكي بين البلدين على أعلى المستويات المصرفية.
وقال محافظ البنك المركزي الإيراني، وفق موقع البنك، إن "تعزيز علاقات الوساطة بين البنوك التجارية الإيرانية الروسية والتسريع فيها على جدول الأعمال"، داعيا إلى ضرورة رفع المبادلات البنكية والنقدية بين البلدين.
وأكد فرزين أن "ثمة فرصا تجارية كبيرة بين إيران وروسيا لزيادة التعاون البنيوي المصرفي".
وفي تغريدة على "تويتر" أيضا، قال محافظ المركزي الإيراني، إنه عقد اجتماعا "جيدا وبناء" مع نظيرته الروسية، مشيرا إلى وجهات نظر مشتركة بينهما حول ضرورة "توسيع العلاقات النقدية المشتركة وعلى أساس ذلك رسمنا خريطة طريق عملياتية".
وأضاف أن استخدام العملات الوطنية للبلدين في العلاقات الثنائية وتقوية نظام السداد الثنائي يعد جزءا من الخريطة.
من جهتها، قالت محافظة البنك المركزي الروسي إن "تبادل زيارات الوفود الفنية والتخصصية للبنكين المركزيين للبلدين بهدف تعميق العلاقات النقدية والمصرفية يعد أمرا مهما وهو ما تم بالفعل".
افتتاح متبادل لفروع بنكية
وتأتي زيارة محافظة البنك المركزي الروسي إلى طهران وإجراءها لقاءات مع نظيرها الإيراني في وقت يعمل البنكان على تأسيس فروع بنكية لدى البلدين لتحقيق التواصل المصرفي المباشر بينهما.
وفي السياق، قال نائب محافظ البنك المركزي الإيراني للشؤون الدولية، محسن كريمي، أخيرا إن بنك "VTB" الروسي بوصفه ثاني أكبر البنوك الروسية يعمل حاليا على افتتاح فرع له في طهران على أن يتم أيضا تأسيس فرعين لبنكين إيرانيين في روسيا.
وعزا كريمي الهدف من إنشاء متبادل لفروع بنكية إلى "التعرف على الفرص الاقتصادية والتجارية والاستثمارية"، مؤكدا أن "تأسيس روسيا فرعا بنكيا في طهران يعد بداية جيدة لتوسيع التعاون الاقتصادي المشترك".
إلغاء الدولار
إلى ذلك، قال نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكساندر نوفاك، إن البلدين ينفذان 80% من عمليات السداد الثنائي من خلال العملات الوطنية، مشيرا إلى أنهما أيضا يستخدمان عملات أخرى مثل اليوان الصيني في التجارة الثنائية.
ووقع نوفاك خلال زيارته الأسبوع الماضي، إلى طهران على عشر مذكرات واتفاقيات تعاون بين الشركات الإيرانية والروسية مع وزير النفط الإيراني جواد أوجي.
وقال أوجي في مؤتمره الصحافي مع المسؤول الروسي الذي تفقد معرض النفط الدولي في طهران أيضا إن البلدين لديهما "قدرات هائلة في مجال الطاقة خاصة النفط والغاز، لافتا إلى توقيع اتفاقيات مع روسيا في صناعات النفط والغاز والبتروكيميائيات والمنتوجات البتروكيميائية.
وأضاف في تصريحاته على هامش اجتماعات اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي بين البلدين بحضور نوفاك، "يمكننا بإسناد بعضنا البعض إفشال العقوبات"، مؤكدا "وجود توافق بين البلدين في جميع المجالات التجارية".
ولفت وزير النفط الإيراني إلى عقد صفقات مع روسيا لتطوير حقوق النفط والغاز الإيرانية، قائلا إن بعض هذه الصفقات تشهد "تقدما جيدا وأخرى وصلت إلى مرحلة الإنتاج".
استثمارات روسية هائلة
وأضاف جواد أوجي أن طهران أبرمت مذكرات تفاهم بقيمة 40 مليار دولار مع شركة "غاز بروم" الروسية لتطوير حقول نفطية وغازية، مشيرا إلى أنه سيتم التوقيع على صفقات بهذا الشأن خلال الشهور المقبلة.
والأربعاء الماضي أيضا، وقّع وزير المواصلات الإيراني مهرداد بذرباش ونظيره الروسي فيتالي سافيليف على وثيقة إنشاء الطريق السككي بين مدينتي رشت وأستارا الإيرانيتين في طهران بحضور الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والذي شارك فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر خدمة "الفيديو كنفرانس".
وبموجب هذه الاتفاقية تنفذ روسيا المشروع عبر استثمار 1.6 مليار يورو.
وتعتبر سكة حديد "أستارا-رشت" داخل إيران بطول 162 كيلومترا مشروعا إيرانيا عملاقا على طريق إكمال ممر الشمال الجنوب.
والطريق الجديد همزة وصل لحلقات هذا الممر حيث سيربط بحر قزوين ودول الشاطئ بالخليج. وبعد إنشاء هذا الخط الحديدي ستصل روسيا وأذربيجان عبر شبكة سكك حديد إلى الخليج كما تصل إيران عبر أذربيجان بروسيا ثم شمال أوروبا.
وخلال مراسم التوقيع على الاتفاقية، قال الرئيس الإيراني إن "هذه الاتفاقية تشكل خطوة مهمة واستراتيجية للتعاون بين إيران وروسيا"، مضيفا أن "جميع الدول تعلم أن إيران هي البلد الأقل كلفة والأرخص للنقل الدولي".
كما قال الرئيس الروسي في كلمة في الحفل إن الممر منافس لقناة السويس، مؤكدا أن ممر "الشمال الجنوب" سيكون له "دور كبير" في الأمن الغذائي بين دول بحر قزوين وإيران ودول الخليج.