خطط ألمانيا لبيع الصين جزءاً من ميناء هامبورغ: رفض داخلي وامتعاض أوروبي

24 أكتوبر 2022
مواقف حادة ضد الاستثمار الصيني (Getty)
+ الخط -

تواجه مخططات المستشار الألماني أولاف شولتز بيع جزء من الميناء الرئيس في هامبورغ، إلى شركة "كوسكو" الصينية، المملوكة للدولة في بكين، غضبا وتذمرا داخليا وامتعاضا على مستوى الاتحاد الأوروبي. 

ووفقا لما يرشح في وسائل إعلام محلية وأوروبية فقد طرحت قضية نقل قسم من الميناء إلى الأيادي الصينية على طاولة "مباحثات سرية في قمة القادة الأوروبيين" يومي الخميس والجمعة الماضيين في بروكسل، حيث على ما يبدو فشل قادة دول البلطيق (لاتفيا وليتوانيا وإستونيا) والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وغيرهم على المستوى الأوروبي، في إقناع شولتز بالعدول عن خططه. 

وبحسب تسريبات صحافية في نهاية الأسبوع وضعت العلاقة المستقبلية مع الصين على طاولة المناقشات، التي منعت خلالها الهواتف النقالة للقادة ومرافقيهم، في سياق فهم أغلبية أوروبية بأن الصين "باتت بدرجة أكبر تهديدا ومنافسا منهجيا"، أكثر من اعتبارها شريكاً يمكن التعاون معه بثقة. 

مخططات برلين بتمليك كوسكو الصينية نحو 35 في المائة من إحدى محطات ميناء هامبورغ لم تعد تتعرض فقط لانتقادات لاذعة على المستوى الأوروبي، بل بات عناد المستشار شولتز، يلقى رفضاً من قطاع الأعمال ومجلس مقاطعة هامبورغ من حزبه (التي كان شولتز بنفسه عمدتها).

تكرار الخطأ الروسي

ويثير هذا الملف مشاكل داخل الائتلاف الحاكم، حيث ذهب وزير العدل من الحزب الليبرالي، ماركو بوخمان، إلى تصريحات، نقلتها الجمعة والسبت محطتا زد دي إف وإن تي في التلفزيونيتان الألمانيتان، اعتبر فيها أنه "يجب ألا نكرر الخطأ الذي ارتكبناه مع روسيا في الاعتماد على الدول، وأعتقد أنه لا يجب منح الصين السيطرة على البنية التحتية الحيوية في ألمانيا".

هذا الموقف، بحسب صحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية الألمانية، يدعمه عدد من وزراء الائتلاف، بمن فيهم وزير الأعمال روبرت هابيكك ووزيرة الخارجية أنالينا بربوك (من الخضر).

كذلك عبر حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" المعارض، بقيادة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاتحادي، نوربرت روتغن، عن توجسه من المشروع، داعيا إلى الأخذ بالاعتبار الضغوط الداخلية من أجل تجميده وإعادة بحثه بشكل معمق، قبل زيارة المستشار الألماني إلى الصين بعد بضعة أسابيع. 

النقاش الألماني الداخلي استدعى أيضا دخول المستوى الأمني على خطه، إذ عبر رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني، بي إن دي (BND)، برونو كال، عن أنه "من السذاجة الدخول في علاقات تجارية عميقة مع الصين".

ونقلت دويتشه فيله عن كال قوله إن "الميناء جزء من البنية التحتية الحيوية التي يتعين عليك فحصها بدقة قبل الدخول في اتفاقيات"، واصفًا اتفاق البيع في ميناء هامبورغ بالـ"حرج للغاية". رئيس بلدية هامبورغ بيتر تشينتسير رد على المخاوف بالقول إن "القلق الأمني ​​لا أساس له"، بحسب وسائل إعلام محلية.

ويجادل المستشار شولتز بأن "الانفصال عن الصين خطأ"، بعد أن تزايدت الاتهامات له بأنه يتجاهل مخاوف أقطاب في حكومته من أجل تلبية رغبات مدينته السابقة (هامبورغ).

وتوسع النقاش حول خطط برلين بيع جزء من ميناء هامبورغ إلى الصين إلى الساحة الأوروبية، حيث تحدث وزير المالية الفرنسي، برونو لو مير عن "التجارب الفرنسية السيئة في بيع البنية التحتية الحيوية" في مقابلة مع صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه" بعد قمة بوركسل، ناصحا بـ"حماية التكنولوجيا والمعرفة والبنية التحتية الأوروبية" ممن سماهم "المستثمرين الأجانب الذين يلعبون وفقًا لقواعدهم الخاصة". 

خيبة من برلين

وكان قادة في دول البلطيق الصغيرة عبروا سابقا عن استغرابهم من "السياسات المتفردة" لألمانيا على مستوى أوروبا. ولفت بعضهم إلى أنه يشعر بخيبة من أن برلين التي اعتادت إظهار الدور الريادي في العمل الجماعي والمناقشات الصعبة تختار تحقيق مصالحها الخاصة.

وذكر رئيس وزراء لاتفيا، كريشانيس كاريش أنه "نتعامل مع الصين بشكل أفضل عندما نكون مجتمعين كـ27 دولة، وليس عندما نكون وحدنا مع الزعيم الصيني". وأشارت في ذات الاتجاه زميلته الإستونية كاجا كالاس (التي دخلت في مشاكل دبلوماسية سابقا مع بكين بسبب موقفها من علاقتها بتايوان) إلى أن أوروبا "أقوى حين نتفاوض جماعيا مع القوى الكبرى". 

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

غير بعيد عن ذلك أشارت رئيسة حكومة الدنمارك، ميتا فريدركسن، (وهي من ذات معسكر يسار الوسط الذي ينتمي إليه شولتز، الاجتماعي الديمقراطي) بصورة غير مباشرة إلى القضية المطروحة حين صرحت للتلفزة الدنماركية بأن الأوروبيين عليهم أن يكونوا "شديدي الحذر بشأن البنية التحتية الحيوية، والتركيز على التعاون مع الذين نتشارك معهم سياستنا الأمنية وضمان المصالح".

وشدد رئيس الوزراء السويدي الجديد من معسكر يمين الوسط المحافظ، أولف كريسرسون، على أن الأوروبيين "عليهم التخلص من سذاجة الأوقات السابقة، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالبنية التحتية".

المساهمون