السياحة المستدامة
تعيد ألبانيا صياغة نفسها كوجهة للسفر البديل بمناظرها الطبيعية الخلابة وإقامة المزارع العضوية والحدائق النموذجية، في إطار ساتراتيجية جديدة للتحوّل إلى وجهة سياحية مستدامة.
ألبانيا هي إحدى دول إقليم البلقان الواقع في جنوب شرق أوروبا، وإحدى وجهات السفر الأسرع نموا في أوروبا، ستركز على السياحة البديلة عوضا عن السياحة الجماعية، في خطوة يأمل المسؤولون الحكوميون أن تساعد في تمييزها عن المنافسين.
لقد ارتفعت شعبية الدولة التي كانت في يوم من الأيام مغلقة بإحكام عن العالم الخارجي، إذ اجتذبت 7.5 ملايين زائر، أي أكثر من ضعف عدد سكانها، ارتفاعا من 6.4 ملايين عام 2019.
ومن المتوقع أن يزداد انتعاش السفر بفضل الإقبال السياحي بعد جائحة كورونا وجاذبية وجهة قصيرة المدى تقدم قيمة لا تصدق مقابل الأموال التي يدفعها الزوار.
فما رأيكم بجولة في أروقة هذا البلد والتعرف على عاداته وتقاليده؟
التقاليد والتراث
تعتبر العاصمة تيرانا واحدة من أكثر الوجهات السياحية جذبا في البلاد، فهي تحتضن الكثير من المزارات السياحية، لكن التغييرات الحاصلة لجعلها مدينة مستدامة غيّرت معالمها، وتحديدا في الأسواق القديمة، إذ بات من غير الممكن للسيارات ووسائل النقل الدخول وعبور أروقتها، ما يتطلب من السياح إما استخدام الدراجات الهوائية أو السير على الأقدام.
وتعتبر تيرانا من المدن الأوروبية المبنية على النمط العثماني، حيث مئات المساجد والكنائس وغيرها من المزارات والأماكن الدينية تحتضن السياح من كافة الأطياف.
تضم الأسواق القديمة ساحة ضخمة تعرف باسم سكانديربيرغ، وهي التي شهدت الكثير من الثورات والاحتجاجات الشعبية، كما تحتوي أيضا على المتحف الوطني الذي يضم الكثير من المقتنيات الأثرية اليونانية والرومانية، كما يعد برج الساعة الذي تم تشييده في القرن التاسع عشر من أكثر الوجهات السياحية التقليدية، إذ يحتوي على سلم ضخم يقود السياح إلى طابق علوي يسمح للزوار بالاستمتاع بإطلالة بانورامية على أرجاء المدينة.
السياحة الشاطئية
صحيح أن ألبانيا ترتبط عادة بالقلاع الرائعة والآثار القديمة، لكن البلاد أيضا وجهة مرغوبة لعشاق الشاطئ الذي يمكن أن يكون بديلا مناسبا لمساحات أكثر شعبية من الساحل إلى الشمال والجنوب.
إن سر شواطئها ذات الطراز المتوسطي واضح، إذ تجذب الريفيرا الألبانية مئات آلاف السياح كل عام، ممن يقصدونها من أجل الاسترخاء على الرمال الذهبية والاستمتاع بالمياه الفيروزية.
مع 450 كيلومترا ساحلية ممتد على شواطئ البحر الأدرياتيكي من الجبل الأسود إلى الساحل الأيوني، ثمة سلسلة كاملة من الشواطئ في ألبانيا، ولكل منها طابعه الخاص وجاذبيته.
إذ تُعرف الريفيرا الألبانية محلياً باسم بريغو، وهي امتداد للساحل على طول البحر الأيوني الشمالي الشرقي الذي يمر عبر فلور وساراندا في جنوب غرب البلاد، وصولا إلى حديقة بوترينت الوطنية والحدود مع اليونان.
وهذا الجزء من الساحل هو موطن لأجود الشواطئ في البلاد، إضافة إلى مجموعة أشياء أُخرى للقيام بها، ومنها العجائب الطبيعية المتمثلة بالكهوف والينابيع تحت الماء، والقرى الساحلية الجذابة، والمناظر الخلابة لبساتين الزيتون، والآثار القديمة، وحتى مخبأ نووي مهجور أو اثنين.
أماكن ثقافية
لم يخف عن وزارة السياحة في إطار استراتيجيتها الجديدة، أن تسعى إلى إبراز الأماكن الثقافية.
فألبانيا تتميز عموما بطابعها الثقافي، ولعل مدينة شكودر Shkodër الواقعة على بحيرة إشكودر شمال غربي البلاد، والتي تمثل العاصمة الثقافية، واحدة من أجمل المدن الثقافية في البلقان، نظرا لما تحتويه من أثار وقلاع تاريخية، وأسواق تقليدية تعود إلى القرون الوسطى، والأهم من هذا، وجود العديد من المعالم البيئية والطبيعية، ومحاولة السلطات إبراز الهوية الألبانية من خلال الاحتفالات، المسرحيات، الأحداث الثقافية، وغيرها الكثير من النشاطات التي تقام طوال العام.
ومع بداية فصل الربيع، تستضيف المدينة مئات الأحداث الثقافية والفنية، وهو ما يشجع السياح على زيارتها.
فعلى سبيل المثال، تُقام احتفالات يوم البحيرة ويوم البيئة والطبيعة ويوم التراث الشعبي، لتشكل فرصا رائعة للانخراط في عادات السكان الأصلية.
سياحة الطعام
وفي إطار تعزيز الاستراتيجية الجديدة للسياحة التي أطلقتها وزيرة السياحة والبيئة الألبانية ميريلا كومبارو مطلع العام 2023، فقد خصصت جزءا لتشجيع السياح على ثقافة الطعام التقليدي، ويظهر ذلك من خلال حث سكان القرى والجبال على الانخراط في المعارض الخاصة بالطعام التي تقام في أرجاء المدن الكبرى.
كما شددت الوزيرة على ضرورة إقامة ورش عمل حول الطعام الألباني عالميا.
وفي المحصلة، قد تكون الوزارة محقة في هذا الشأن، إذ إن الطعام التقليدي هو مزيج من أطباق البحر الأبيض المتوسط ودول البلقان.
ربما يكون "الفرجس" واحدا من أشهر الوصفات القادمة من هذا البلد، وهو حساء صيفي يتكون من صلصة الطماطم الغنية والجبن والفلفل والثوم.
ووفقا للسكان المحليين، من الأفضل الاستمتاع بهذه الوجبة باردة جنبا إلى جنب مع الخبز الطازج.
وفي الواقع، إن الكثير من الطعام في ألبانيا نباتي بشكل طبيعي، وهو أمر متجانس مع السياحة المستدامة والبيئية.