قال وزير الزراعة العراقي، عباس العلياوي، إن بلاده تستهدف زيادة مساحة الأراضي الزراعية المُستثمرة خلال هذا العام بواقع 6 ملايين دونم، ستكون مخصصة لإنتاج القمح، وذلك من خلال الاعتماد على الآبار لتعويض نقص المياه الذي تمرّ به البلاد منذ عدة سنوات، نتيجة تراجع مستويات مياه نهري دجلة والفرات، مؤكداً أن ذلك يفتح باب التفاؤل في إمكانية تحقيق العراق اكتفاءً ذاتياً جديداً من القمح خلال الموسم الزراعي الحالي.
ويأتي الإعلان الجديد مغايراً لخطة حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، حيث أعلنت في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، أن الجفاف وشحّ المياه سيجبران البلاد على تقليص المساحات المزروعة للموسم الزراعي 2022 بمقدار النصف.
وجاء في بيان حكومي أن السلطات قرّرت "تحديد المساحات المزروعة بطريقة الإرواء السطحي، (نهرا دجلة والفرات) بواقع 50% عن المساحة المزروعة في العام الماضي 2021"، إلا أن الخطط الجديدة للحكومة توجهت فعلياً لاستغلال مياه الآبار لتعويض النقص، كما يظهر.
ونقل بيان لوزارة الزراعة العراقية، أمس السبت، عن وزير الزراعة عباس العلياوي قوله إن "خطة وزارة الزراعة لهذا الموسم كانت زيادة المساحة المزروعة من القمح، باعتبارها جزءاً من تأمين الأمن الغذائي"، مبيناً أن "الظروف التي يعيشها العالم اليوم تستدعي من الوزارة أن تضع خطة بديلة لمواجهة نقص المياه التي أثرت في الخطة الزراعية وتناقصت بنسبة 50%".
خطة بديلة
ووفقاً للوزير نفسه، فإن "الخطة البديلة هي الذهاب إلى الأراضي الصحراوية التي تسقى من خلال الآبار، وتمت زيادة هذه المساحة إلى 4 ملايين دونم بالتعاون مع وزارة الموارد المائية، أما الأراضي المروية، فوصلت بعد التخفيض إلى مليون ونصف مليون دونم".
وتابع وزير الزارعة العراقي، قائلاً إن "الموسم الحالي إلى الآن يبشر بالخير، حيث إن زيادة الأمطار مكنت الوزارة من الحصول على زيادة مقدارها مليون دونم من وزارة الموارد المائية، وبالتالي زادت الأراضي المروية من خلال الأنهار إلى مليونين ونصف، والأراضي التي تسقى من خلال الآبار إلى 4 ملايين، بالإضافة إلى مليون و100 دونم بالنسبة إلى بساتين الأراضي القديمة".
ووفقاً لحديث الوزير العراقي، فإن مجمل الأراضي المخصصة لزراعة القمح ستصل هذا الموسم إلى 6 ملايين دونم، وهو ما يقدر إنتاجه بنحو 5 ملايين طن من الحنطة التي تُحصد سنوياً في العراق منتصف شهر إبريل/ نيسان من كل عام، بحسب تقديرات إنتاج الدونم الواحد من القمح في العراق.
وتعتبر محافظات نينوى والأنبار والمثنى في شمال البلاد وجنوبها، أبرز المحافظات العراقية التي تعتمد على مياه الأمطار والآبار في زراعة القمح بمناطق مفتوحة تصل مساحاتها إلى ملايين الدونمات.
ويقدر استهلاك العراق السنوي من القمح ما بين 5 إلى 5.5 ملايين طن، وفقاً لتقديرات غير نهائية تحدث بها رياض العباسي، عضو غرفة تجارة بغداد لـ"العربي الجديد"، مضيفاً أن بلاده قادرة على "تحقيق نمو أكبر في إنتاج القمح هذا العام".
تسهيلات زراعية
وأضاف العباسي أن الفلاحين بدأوا بنثر القمح منذ الآن، بالتزامن مع موسم الأمطار الجيد، مقارنة بالعامين الأخيرين، ويأملون نجاحاً كبيراً للموسم خلال ذلك"، كاشفاً عن تزويد الوزارة الفلاحين بأصناف جيدة من القمح لنثرها، وكذلك توفير مصرفي الرافدين والرشيد منحاً مالية لهم للمساعدة في إنجاز موسمهم الزراعي، إلى جانب تسهيلات قدمتها قوات الجيش المنتشرة في المناطق السهلية المُستهدفة بالزراعة".
واعتبر العباسي أن البلاد أنتجت فعلياً العام الماضي ما يكفي لستة أشهر فقط، والآن الطموح هو 10 أشهر، والباقي يُستورَد، وعلينا ألّا نذهب بعيداً بالتفاؤل ونتحدث عن اكتفاء ذاتي هذا الموسم".
وحسب إحصاءات رسمية، فإن مجموع إنتاج القمح في العراق بلغ 4 ملايين و234 طناً خلال الموسم الشتوي لسنة 2021، وهذا الرقم انخفض كثيراً بنسبة 32 بالمائة عن إنتاج سنة 2020 الذي أنتج فيه أكثر من 6 ملايين و238 طناً.
التراجع الحاد التي تظهره بيانات وزارة الزراعة العراقية الأخيرة قابله ارتفاع في استيراد البلاد من محصول القمح خلال العامين الماضيين، وهو ما انعكس سلباً على أسعار الدقيق والخبز في عموم مدن البلاد بواقع يصل إلى 30% عن الأسعار السابقة.