خبز الجزائريين رهن الأوروبيين ...تجار القمح يرفعون الأسعار مع تزايد الطلب

07 مارس 2021
القمح الفرنسي يستحوذ على النسبة الأكبر من الواردات الجزائرية (فرانس برس)
+ الخط -

تواصل الجزائر التأثير على أسعار القمح الأوروبي، التي ارتفعت خلال شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط الماضيين بشكل لافت، بالتزامن مع تزايد حجم مناقصات الاستيراد التي طرحتها الحكومة لتلبية احتياجيات السوق المحلية.

واستقر سعر القمح لشهر مارس/آذار الجاري في السوق الأوروبية عند 292 دولاراً للطن، مقابل 279.24 دولارا للطن الواحد تسليم نهاية فبراير/ شباط و269 دولاراً تسليم مطلع الشهر ذاته، ليستعيد القمح الأوروبي معظم خسائره التي سجلها في يناير/كانون الثاني الماضي، عندما انخفضت أسعاره بنسبة 4%.

وكانت الجزائر قد طرحت 3 مناقصات لشراء القمح من الأسواق الأوروبية، الأولى بـ 50 ألف طن والثانية بـ 300 ألف طن والثالثة بـ 390 ألف طن، ما أثر على الأسعار، خاصة بعد ارتفاع المؤشرات لطرح الجزائر مناقصة رابعة بنصف مليون طن تسليم إبريل/ نيسان لمواجهة ارتفاع الطلب خلال شهر رمضان الذي يحل في نهاية الأسبوع الثاني من الشهر المقبل.

وتعتبر الجزائر من بين أكبر الدول المستوردة للقمح اللين في العالم، حيث تستورد الكميات المطلوبة من نحو 10 دول، في مقدمتها فرنسا، التي تبلغ قيمة الاستيراد منها سنويا حوالي ملياري دولار، فضلا عن دول أوروبية أخرى منها ألمانيا وأوكرانيا بجانب الولايات المتحدة وكندا وروسيا والأرجنتين.

وتحتل الجزائر المرتبة الثانية عالمياً بعد مصر في استيراد القمح، وتبلغ نسبة الاستهلاك الفردي سنوياً نحو 100 كيلوغرام وهو ضعف النسبة في الاتحاد الأوروبي وثلاثة أضعاف في باقي دول العالم، وتستقطب منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط ثلث مشتريات القمح عالمياً.

وقدرت وزارة الزراعة الأميركية استهلاك الجزائر من القمح لموسم 2020/2021 بين 10.7 و11 مليون طن، مقابل إنتاج محلي يقارب 5 ملايين طن، بانخفاض تبلغ نسبته 5% عن الإنتاج في موسم 2019/2020، ما يدفع الجزائر لاستيراد ما بين 5 و7 ملايين طن هذا الموسم لتلبية احتياجاتها التي يغطيها الإنتاج الوطني بنسبة تتراوح بين 34% إلى 36%.

وكشف مسؤول في الديوان الجزاري للحبوب أن "الديوان دفع بين 312.5 دولاراً و314.5 دولاراً للطن باحتساب كل الرسوم لعمليات التسليم المقررة لشهر مارس/آذار الجاري، بما في ذلك مصاريف الشحن".

وأضاف أن "النسبة الأكبر من الاستيراد تأتي من فرنسا كون قمحها الأقرب للمواصفات التي حددها الديوان في دفتر الشروط، فيما كانت الحصة المتبقية من دول شمال الاتحاد الأوروبي، وكمية ضئيلة من الأرجنتين".

وأكد المسؤول في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الديوان يستعد لطرح 3 مناقصات آجلة إلى نهاية النصف الأول من العام الجاري، بكمية تفوق المليون طن، وسط مؤشرات بارتفاع الأسعار بفعل انتعاش الطلب العالمي، الذي رفعه الطلب الصيني".

من جانبه، قال الخبير الفرنسي سيباستيان أبيس، الباحث الزراعي ومؤلف كتاب "الجغرافيا السياسية للزراعة" الصادر نهاية 2020 إن "المعادلة معقدة بالنسبة للجزائر، ففي سياق ارتفاع الأسعار العالمية للقمح التي تلامس حاليا 300 دولار للطن، تبدو الجزائر بين اللعب على عامل الزمن للشراء بأفضل سعر مقابل الحفاظ على أمنها الغذائي".

وأضاف الخبير الفرنسي لـ"العربي الجديد" أنه "في الوقت نفسه، يجب على السلطة التنفيذية، التي أضعفتها الصعوبات الاقتصادية والتوترات السياسية، أن تتعامل مع قطاع يخضع لعملية إعادة هيكلة كبرى، لمكافحة الفساد الذي نخر هذه الشعبة وأدى إلى غلق 300 مطحن بين 2019 و2020".

وتابع أن "على الجزائر أن تعدل نظام شراء القمح وتتجه إلى النموذج المغربي، حيث يتم السماح للقطاع الخاص مباشرة، أو المصري الذي يمزج بين العام والخاص في الاستيراد، وذلك لكبح الفساد الذي يُمول من ميزانية الدعم".

وتبدو فرنسا مطمئنة إلى صادراتها من القمح نحو الجزائر خلال العام الجاري، والذي تقدر كلفة الاستيراد منها بنحو ملياري دولار، بينما تتجه الحكومة صوب القمح الروسي، في محاولة لكسر احتكار القمح الفرنسي للسوق.

وكشف موقع "فرانس أغرو مير" المختص في تسويق المنتجات الزراعية الفرنسية التابع لوزراة الزراعة، في تقرير حديث، أن "تخفيف الجزائر لمواصفات مناقصات القمح لن يؤثر على صادرات فرنسا من القمح نحو هذا البلد".

وتواجه الجزائر ضغوطا مالية وتراجعا في احتياطي النقد الأجنبي في ظل ارتفاع فاتورة الواردات وتراجع عائدات النفط والغاز التي تعتمد عليها الدولة بشكل كبير.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد ذكر في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي، يوم الاثنين الماضي، أن احتياطي بلاده من النقد الأجنبي يبلغ حالياً 42 مليار دولار، انخفاضاً من 60 ملياراً في الربع الأول من 2020، مضيفا أن "الجزائر ليست في بحبوحة مالية، لكننا قادرون على الإيفاء بالتزاماتنا".

المساهمون