- تداعيات الحرب على الأنشطة التجارية والزراعية: إجلاء 60 ألف شخص من المناطق الحدودية مع لبنان أدى إلى تباطؤ الأنشطة التجارية والزراعية، مع خسائر اقتصادية كبيرة وتكلفة إجمالية للحرب تقدر بـ 210 مليارات شيكل.
- التحديات الاقتصادية والسياسية: انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.4%، ارتفاع معدل التضخم إلى 3.6%، وزيادة الإنفاق العسكري، مع تحذير من تكلفة الحرب التي قد تصل إلى 67 مليار دولار حتى عام 2025.
تسببت الحرب على غزة وجنوب لبنان بخسائر كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي، فقد تأثرت العديد من القطاعات الحيوية نتيجة التصعيد العسكري والاشتباكات المستمرة. كما تضررت البنية التحتية بشكل مباشر في المناطق المتاخمة لغزة ولبنان، مع تعطل الأنشطة التجارية، بسبب التهديدات الأمنية وعمليات حزب الله بالصواريخ والطائرات المسيرة. وانخفضت معدلات الإنتاج في القطاعات الصناعية والزراعية، وشهد القطاع السياحي انخفاضاً بنسبة 80% من السائحين الوافدين، بحسب تقرير حديث لمركز دراسات الاقتصاد والتجارة (Globes)، كما يتكبد قطاع السياحة الدينية في الضفة الغربية خسائر يومية تقدر بـ 2.5 مليون دولار يومياً، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وفقاً لوزيرة السياحة والآثار الفلسطينية رولا معايعة.
ورأت المحللة الجيوسياسية بمعهد دراسات السياسة الدولية بميلانو، أنّا باغايني، المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن أبعاد وتداعيات هذه المرحلة الجديدة من الحرب بين حزب الله وإسرائيل ما زالت مجهولة، لكن المؤكد أنها تفاقم حالة الاقتصاد الإسرائيلي.
تراجع أرقام الاقتصاد الإسرائيلي
وتابعت باغايني، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "بورصة تل أبيب ردت بانخفاض حاد على انفجارات أجهزة النداء الآلي المحمولة "البيجر" التي كانت بحوزة الآلاف من أعضاء حزب الله في لبنان؛ كما انخفضت قيمة الشيكل، وكذلك سندات الحكومة الإسرائيلية"، مشيرة إلى أن "هذا يحدث في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الإسرائيلي بالفعل من ضربة موجعة منذ الأيام الأولى لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، أسفرت عن انخفاض سنوي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.4%، مع انخفاض مستمر في الصادرات، وتراجع الاستثمارات ووصول معدل التضخم إلى 3.6%".
واستدركت بقولها إنه "على الرغم من أن الصراع مع حزب الله لم يصل بعد إلى مراكز عصب الاقتصاد الإسرائيلي (القدس وتل أبيب)، فإن هذه الجولة من العمليات العسكرية تدفع الاقتصاد إلى حافة الهاوية: حجم الإنفاق العسكري الإسرائيلي يرتفع بشكل صاروخي، مع تحذير البنك المركزي من أن تكلفة الحرب قد تصل إلى 67 مليار دولار حتى عام 2025 (حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل)". ولفتت إلى أن "هذه التكهنات أُعلنت قبل التصعيد الإسرائيلي الأخير في لبنان وتعبئة لواءين احتياطيين إلى الجبهة الشمالية، ما قد تصل تكلفته إلى 27 مليار دولار والتي تتوقف على مدة بقائهما ونطاق عملهما".
وذكرت أن وزير المالية الإسرائيلي سموتريش كان قد قدم في 3 سبتمبر/ أيلول إطاراً مبدئياً لموازنة الدولة لعام 2025 والذي سيتطلب 9.5 مليارات دولار من تعديلات الإنفاق لتمويل تكاليف الحرب الجارية. وأضافت أنه حتى إذا كان سقف العجز المحدد يتماشى مع توصيات البنك المركزي الإسرائيلي، فقد جرت في الأسابيع الأخيرة مناقشات مكثفة بين الحكومة ومسؤولي وزارة المالية، وذلك لأن التصديق على تخفيضات الإنفاق الصارمة سياسياً يمثل ضرورة للتعامل مع الفجوة المالية في عام 2025، وسوف يلقي بظلاله على الحكومة الائتلافية اليمينية في إسرائيل. وختمت بقولها إن "سموتريش كان حتى هذه اللحظة بالذات غير راغب في إجراء تخفيضات على أموال الائتلاف المستخدمة لدعم المستوطنين ومجتمعات الحريديم، التي تشكل الركائز الأساسية لائتلاف نتنياهو الحاكم".
تداعيات الحرب على الأنشطة التجارية والزراعية في إسرائيل
وفي ما يتعلق بتأثير هجمات حزب الله على الاقتصاد الإسرائيلي، قال إيمانويلى روسّي، المحلل الجيوسياسي بمركز "ميد-أور" للأبحاث، التابع لمجموعة ليوناردو الإيطالية لصناعات الدفاع وموقع ديكود-39، إنها "تعرضه لوضع بالغ الصعوبة، خاصة في المناطق الشمالية حيث أُجلي حوالي 60 ألف شخص من المناطق الحدودية مع لبنان، ما تسبب في خسائر اقتصادية محلية مهمة، تزامناً مع تباطؤ شديد للأنشطة التجارية والزراعية".
وأوضح روسّي، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الهجمات وضعت الإنتاج الزراعي، على وجه الخصوص، على المحك. حيث أصبح من المستحيل الآن الوصول إلى العديد من الأراضي الزراعية وبساتين الكروم على طول الحدود بسبب الصراع". وأضاف "الحقيقة هي أن تصعيد الصراع يؤثر بالاقتصاد الإسرائيلي برمته. وحتى في الوقت الذي تحاول فيه تل أبيب والمدن المركزية الأخرى التعافي، فإن المناطق القريبة من الحدود مع لبنان ما زالت تعاني من خسائر اقتصادية فادحة، في ظل انخفاض الإنفاق الاستهلاكي والصعوبات التي تواجه العمليات التجارية". وأشار إلى أن "التغيب عن العمل من قبل العديد من السكان الذين جرى إجلاؤهم يكلف الاقتصاد حوالي 590 مليون شيكل (حوالي 158 مليون دولار) أسبوعياً، وفقاً لتقديرات بنك إسرائيل، كما تدور التكلفة الإجمالية للحرب على البلاد حول 210 مليارات شيكل، أي ما يقرب من نصف الموازنة السنوية لإسرائيل".
بدوره، علق الكاتب والباحث بمركز دراسات السياسة الدولية بروما (CeSPI) ماتّيا جامباولو أنه "إذا كان هناك شيء واحد يتكرر في مختلف مراحل احتدام الصراع بين فلسطين وإسرائيل، فهو آثار العمليات الحربية الإسرائيلية على الاقتصاد الوطني". وتابع جامباولو، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "الاقتصاد الإسرائيلي، بحسب أحدث البيانات، لم يتأثر من حيث التضخم بالآثار السلبية للحرب، في حين كانت قطاعات الاقتصاد الأكثر ثقلاً، من حيث الأداء السلبي، هي الصادرات، وخاصة الصادرات التكنولوجية التي تمثل تصنيع سلع ذات قيمة مضافة عالية".
علاوة على ذلك، يبدو أن الأمر الذي يشكل عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد، وفقاً للباحث الإيطالي، يتمثل في غياب العمالة في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على الأيدي العاملة الفلسطينية مثل قطاع البناء. والحقيقة هي أن النقص في العمالة هو على وجه التحديد العنصر الذي يُخضع بعض قطاعات الاقتصاد بشكل دوري لأزمة كبيرة. وهنا يمثل الفلسطينيون من الضفة الغربية، وبدرجة أقل من غزة، النواة الأساسية للقوى العاملة. وأضاف أنه "علاوة على ذلك، لا ينبغي أن ننسى آثار أزمة البحر الأحمر، والتي على الرغم من اعتبار مصر الدولة الأكثر استهدافاً (قناة السويس)، إلا أن اقتصاد إسرائيل تأثر أيضاً، حيث تعد سفنها من بين الأكثر تضرراً من هجمات الحوثيين". وختم بقوله إن "البيانات تشير، في هذا السياق، إلى الضرر الكبير الذي لحق بالموانئ الإسرائيلية جراء عدم مرور البضائع من السويس. كما عانى ميناء إيلات من انخفاض في حركة البضائع بنسبة 85% تقريباً".