تراجعت حكومة بشار الأسد اليوم الأربعاء عن رفع أسعار الحليب في سورية، بعدما زادتها في نشرتها الأسبوعية أول من أمس الاثنين، لتسجل مشتقات الألبان أعلى أسعار على الإطلاق، بواقع تراجع العرض وتوجه المنتجين إلى تصنيع الأجبان واللبنة التي قفزت أسعارها كثيراً.
وكانت وزارة التجارة الداخلية قد رفعت سعر كيلو الحليب من 1300 إلى 1800 ليرة، بحسب مصادر من العاصمة السورية دمشق، ليقترب سعر كيلو اللبن "زبادي" من 2400 ليرة ويقفز سعر كيلو اللبنة "لبن مصفّى" إلى 11 ألف ليرة وسعر كيلو جبنة الحلوم إلى 16 ألف ليرة سورية.
لكن ارتفاع الأسعار ألزم وزارة التجارة بإيقاف العمل بالتسعيرة الصادرة للألبان والأجبان، موعزة خلال كتاب إلى مديرية حماية المستهلك بـ "إعادة دراسة الكلف بدقة".
وبحسب الإعلامي السوري، صبري عيسى، لا يقتصر ارتفاع الأسعار على مشتقات الألبان، بل طاول جميع السلع والمنتجات بعد أن رفعت حكومة الأسد، أخيراً، أسعار الغاز والمازوت والفيول، ما دفع المنتجين والتجار إلى رفع الأسعار بذريعة زيادة تكاليف الإنتاج.
ويلفت عيسى لـ"العربي الجديد" إلى أن سعر كيلو لحم الخروف تعدى الـ 30 ألف ليرة، ولحم البقر الـ 20 ألف ليرة، ووصل صحن البيض لأعلى سعر بنحو 12 ألف ليرة وسعر البيضة الواحدة 500 ليرة، مؤكداً انتشار الأسواق السوداء للسلع المدعومة، فسعر ربطة الخبز "أقل من 2 كيلوغرام" بين 1800 و2000 ليرة سورية، علماً أن سعرها الرسمي 200 ليرة سورية، ولكن توزع حسب البطاقة الذكية ولا تكفي للأسر.
وحول التزام الباعة أسعار نشرة وزارة التجارة الداخلية، يقول المحلل السوري علي الشامي لـ"العربي الجديد": لا يوجد أي التزام "حبر على ورق"، وحين تسأل أي بائع عن عدم التزام التسعيرة الرسمية، يجيبك: "اشترِ من الوزارة" أو "المسؤولون يسعرون من مكاتبهم ولا يعرفون ما يجري بالأسواق".
ولم تلتزم الأسواق تسعير نشرة أول أمس، إذ سعرت حماية المستهلك كيلو الفروج بنحو 5100 ليرة سورية، فيما يباع اليوم بالأسواق بين 6500 و7000 ليرة، وتعدى سعر كيلو شرحات الدجاج 14 ألف ليرة.
ويرى الشامي أن الواقع المعيشي للسوريين هذه الفترة هو الأسوأ منذ عام 2011، فالأسعار تقفز بمستويات عالية، ما زاد تكاليف معيشة الأسرة السورية عن 1.3 مليون ليرة "بالحد الأدنى" والأجور لا تتجاوز 77 ألف ليرة، متوقعاً إعطاء الموظفين منحة مالية لمرة واحدة إن لم تزد حكومة الأسد الرواتب "لأن الوضع آيل إلى الانفجار، وروائح الجوع تغطي شوارع دمشق".
وتزيد معاناة السوريين بتأمين قوتهم اليومي بعد تراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار إلى نحو 3600 ليرة الثلاثاء، وارتفاع الأسعار بحسب المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، جيسيكا لوسون بأكثر من 200 بالمئة في أقل من عام، محذرة من أن "المزيد من السوريين ينزلقون إلى براثن الجوع والفقر وانعدام الأمن الغذائي أكثر من أي وقت مضى"، الأمر الذي دفع أكجمال ماجتيموفا، ممثلة منظمة الصحة العالمية في سورية، إلى التحذير من مغبة ارتفاع نسبة الفقر، بعد وصول 90% من سكان سورية إلى تحت خط الفقر البالغ دولارين في اليوم.
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد أعلن أن 12,4 مليون شخص في سورية التي مزقتها الحرب يكافحون للعثور على ما يكفيهم من الطعام، في زيادة كبيرة وصفها بأنها "مقلقة".
وقال البرنامج إن الرقم يعني أن "60 بالمئة من السكان السوريين يعانون الآن انعدام الأمن الغذائي"، بناءً على نتائج تقييم وطني في أواخر عام 2020. ويمثل ذلك زيادة حادة من 9,3 ملايين شخص كانوا يعانون انعدام الأمن الغذائي في مايو من العام الماضي.
وأشار برنامج الأغذية العالمي إلى أنه في مطلع عام 2021، كانت أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء البلاد أعلى 33 مرة من متوسط خمس سنوات قبل الحرب.