بدأت تداعيات قرار السلطات السعودية الذي دخل حيّز التنفيذ، الأحد، بحظر دخول شحنات الخضار والفاكهة اللبنانية إلى أراضي المملكة أو العبور من خلالها إلى بلدان أخرى، مع تسجيل تراجعٍ طفيفٍ في أسعار الحمضيات والبطاطا يوم الإثنين، وفق ما أكد رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك لـ"العربي الجديد".
مردّ ذلك بحسب الحويك، إلى أنّ "هناك بضائع كان من المفترض تصديرها بقيت في السوق المحلي، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى حصول فائض في الإنتاج والمزروعات في ظلّ تدني القدرة الاستهلاكية وكذلك الطلب عليها ما ينعكس بانخفاض أسعار الحمضيات والبطاطا البلدية".
المزارع المتضرر الأكبر
يلفت رئيس جمعية المزارعين إلى أن "المستهلك سيجد نفسه مستفيداً في الوقت الراهن باعتباره سيشتري منتجاً بسعرٍ أقلّ ولكن المزارع سيكون المتضرّر الأكبر كونه سيوزع ويبيع البضاعة بأسعار أقلّ لن تكفيه للزراعة من جديد ولا سيما في ظلّ ارتفاع سعر صرف الدولار وغلاء المستلزمات الزراعية التي سبق أن طالبنا بدعمها، وهي وقائع سيكون لها انعكاساتها العام المقبل، بوقف هذه المنتجات من جانب المزارعين اللبنانيين، وبالتالي ستكون الخضروات والفواكه مستوردة كلّها من الخارج ما يعني ارتفاع الأسعار، وبالتالي نحن أمام مشهد سيف ذو حدين".
ويوضح الحويك أن "الصادرات اللبنانية ستتأثر حكماً بالقرار السعودي باعتبار أن دول الخليج تستقبل ما نسبته 55 في المائة من الصادرات الزراعية اللبنانية والتي تبلغ قيمتها 92 مليون دولار سنوياً من إجمالي 145 مليون دولار، وتصل إلى حوالي 170 ألف طن من أصل 312 ألف طن تصدير".
وبالتالي، يقول الحويك إنّ "هذه الأطنان وعند عدم تصديرها إلى الخارج، ستبقى في السوق المحلية وتنعكس كساداً وفائضاً في الإنتاج وتدنياً في الأسعار"، مشيراً إلى أنّ "السعودية تريد بالطبع ضمانات وخصوصاً على صعيد الرقابة، وهنا دور السلطات اللبنانية ومدى حقيقة نواياها في وقف التهريب وضبط الحدود والمعابر الشرعية وغير الشرعية، وكلنا يعلم أن هناك قوى أمر واقع تسيطر عليها".
وقد تكون من الحلول تبعاً لقول الحويك، "الاتفاق مع شركات دولية حتى تتولى عملية المراقبة والكشف على المنتجات والشحنات المصدرة، وإلّا فإنّ استمرار الحظر من جانب دول خليجية سيكون كارثياً على لبنان والمزارع اللبناني الذي بات ككل المواطنين محاصراً بأزمات جعلته يفتش عن أبسط مقومات الصمود والاستمرارية وبات الربح مسألة ثانوية".
بحث ملابسات القرار
في الإطار نفسه، عقد أمس الإثنين، اجتماع في قصر بعبدا الجمهوري دعا إليه الرئيس اللبناني ميشال عون لبحث ملابسات القرار السعودي بمنع دخول الفواكه والخضار اللبنانية ومعالجة تداعياته.
وطلب الرئيس اللبناني من الأجهزة الأمنية التشدّد في مكافحة عمليات التهريب ومن يقف وراءها، مؤكداً حرص لبنان على عدم تعريض سلامة أي دولة وبخاصة الدول العربية وأبنائها إلى أي خطر. وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، إننا "على ثقة أن السعودية وكل دول الخليج تعرف جيداً أن التوقف عن استيراد الزراعات اللبنانية لا يمنع تهريب المخدرات الذي يعتمد طرقاً مختلفة، وأن التعاون بيننا يساعد على ضبط هذه الشبكات".
ابتزاز سياسي
من جهته، طالب اتحاد نقابات المزارعين في بيان أمس، رئيسي الجمهورية ميشال عون، وحكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والفاعليات السياسية والهيئات الزراعية والمعنيين بتصريف الإنتاج الزراعي لا سيما التجار، بالإسراع في فتح أسواق جديدة مع الدول الشقيقة والصديقة، و"ألا نكون عرضة للابتزاز من أي طرف كان، خصوصاً أن كثيراً من الدول أبدت استعدادها للوقوف إلى جانبنا وعلينا المبادرة السريعة والجدية لاغتنام هذه الفرص المتوافرة رحمةً ببلدنا ومزارعينا، وعدم وضع مواسمنا التي لا تحتمل التأخير تحت مقصلة الابتزاز السياسي الإقليمي والدولي"، على حدّ قول الاتحاد.
وأعلنت الجمارك السعودية يوم الجمعة الماضي عن إحباط تهريب 5.3 ملايين حبة كبتاغون مخبّأة في فاكهة رمان واردة من لبنان، وتبعاً لذلك، اتخذت المملكة قراراً بمنع دخول إرساليات الخضروات والفواكه اللبنانية إليها أو العبور من خلال أراضيها ابتداءً من 25 إبريل/نيسان الجاري إلى حين تقديم السلطات اللبنانية المعنية ضمانات كافية وموثوقة لاتخاذها الإجراءات اللازمة لإيقاف عمليات تهريب المخدرات الممنهجة ضدّها.
في المقابل، تنفي نقابة مصدري ومستوردي الفاكهة والخضار في لبنان أن تكون الشحنة المضبوطة في السعودية لبنانية، وتقول إنها عبرت من سورية إلى السعودية، في حين يشدد مزارعون على أنه لا موسم رمان في لبنان حالياً. ويضع خبراء اقتصاديون مقربون من حزب الله القرار السعودي ضمن دائرة الابتزاز السياسي استكمالاً لخطة عزل الحزب داخلياً وخارجياً والضغط عليه بتحميله مسؤولية الخسائر والأزمة الاقتصادية والمعيشية بهدف إقصائه.