تساور اللاجئين الفلسطينيين في الأردن والدول الأخرى المخاوف من تزايد الضغوط الأميركية، ومحاولاتها إلغاء أو تجميد عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على الأقل، وذلك بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي المدعوم أميركيا على قطاع غزة.
وترجع تلك المخاوف بحسب مسؤول في أحد مخيمات اللجوء الأردنية، موضحا في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن هناك "محاولات من الولايات المتحدة بضغط من الكيان المحتل لإلغاء عمل وكالة الأونروا وإيقافها نهائياً كونها الشاهد الأممي الأكبر على احتلال فلسطين وتهجير أبنائها، وهم بذلك يريدون وأد كل الشواهد على الاحتلال واغتصاب فلسطين".
وكانت الدول المانحة خفضت مخصصات الدعم للوكالة عدة مرات، لدرجة لم تعد تغطي احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في مواطن اللجوء، خاصة الأردن الذي يستضيف العدد الأكبر منهم بما يتجاوز 3 ملايين لاجئ داخل وخارج المخيمات.
وقد تأسست الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لحوالى خمسة ملايين وأربعمائة ألف لاجئ من فلسطين مسجلين لديها.
وتقتضي مهمتها بتقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسورية والضفة الغربية وقطاع غزة، ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية، وذلك إلى أن يتم التوصل لحل عادل ودائم لمحنتهم. وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير.
وأكدت الوكالة مراراً أنها تواجه طلباً متزايداً على خدماتها، بسبب زيادة عدد لاجئي فلسطين المسجلين ودرجة هشاشة الأوضاع التي يعيشونها وفقرهم المتفاقم.
ويجري تمويل الأونروا بشكل كامل تقريباً من خلال التبرعات الطوعية، فيما لم يقم الدعم المالي بمواكبة مستوى النمو في الاحتياجات، ونتيجة لذلك فإن موازنة الوكالة الأممية، التي تخص تحديداً دعم الخدمات الرئيسة، تعاني من عجز كبير.
ودعت الأونروا كافة الدول الأعضاء للعمل بشكل جماعي وبذل كافة الجهود الممكنة لتمويل موازنتها بالكامل، وتمويل برامجها الطارئة والمشروعات الرئيسية التي تعاني أيضاً من عجز كبير عبر بوابات تمويل منفصلة.
وقال رئيس لجنة تحسين خدمات "مخيم سوف" الواقع في مدينة جرش على بعد 50 كيلومتراً شمال العاصمة الأردنية عمان عبد المحسن بنات في تصريح لـ"العربي الجديد": "تلوح في الأفق مجدداً محاولات أميركية لتخفيض مخصصات دعم المنظمة الأممية بالتزامن مع العدوان الإجرامي بحق قطاع غزة والضفة الغربية".
وأضاف بنات أنه "ليس من المستبعد أن تمارس الولايات المتحدة أيضا ضغوطاً كبيرة لإلغاء الأونروا، أو على الأقل تجميدها خلال الفترة المقبلة، وذلك كإحدى أدوات الضغط لتصفية القضية الفلسطينية".
وأشار إلى أن الولايات مارست هذه الضغوط سابقاً، لكنها فشلت في إنهاء عمل الوكالة رغم انخفاض مخصصات الدعم الأميركية والدولية للأونروا، بينما الجهود الأردنية أبقت الوكالة تعمل وتقدم خدمات الرعاية للاجئين الفلسطينيين ولو بالحد الأدنى.
وتابع: "المهم أن تبقى الوكالة الأممية قائمة كونها الشاهد الأكبر على احتلال فلسطين وتهجير سكانها واغتصابها من قبل اليهود بدعم غربي، ولذلك تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل لإيقاف عمل الأونروا وإخراجها من المنظمة الدولية كمحاولة بائسة على طريق تصفية القضية الفلسطينية".
وأكد ضرورة تصدي المجتمع الدولي لمحاولات إلغاء الأونروا حتى تبقى شاهدة على القضية الفلسطينية وإحباط المخططات الأميركية والصهيونية لإيقاف عملها، وهذا يتطلب مطالبة الدول المانحة والبلدان العربية بتقديم الدعم المادي المباشر لها، لتمكينها من الاستمرار في عملها وخدمة اللاجئين الفلسطينيين.
وقال بنات: "كغيرهم من سكان الأردن ألقى العدوان الإجرامي بحق قطاع غزة بظلاله على الحياة العامة والمعيشية للاجئين الفلسطينيين في المملكة، خاصة النازحين من القطاع إبان نكسة عام 1967، وتسير أمورهم اليومية بصعوبة ممزوجة بالحزن والخوف العميق من تهجير أقاربهم مرة أخرى من بلادهم".
ورغم أن الغزيين في الأردن الذين يعيش غالبيتهم في مخيم جرش، أو ما يعرف بمخيم غزة شمال الأردن الواقع على بعد 50 كيلومترا من العاصمة عمان، كانوا يحلمون بعودة قريبة إلى بلادهم وتحديداً قطاع غزة، إلا أن العدوان الإجرامي الإسرائيلي المدعوم من الغرب، قد أبعد تلك الآمال وباتوا يدعون بالثبات لأهلهم في أرضهم وعدم تهجيرهم كما حدث لهم.
وتبدو الحياة الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في المخيمات أكثر تأثراً من غيرهم من اللاجئين الذين يعيشون في المدن والقرى والبوادي الأردنية، نظراً لمحدودية الأنشطة الاقتصادية، ويغلب عليها طابع المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر وتتركز في البقالات والمحلات الحرفية والمشاغل المهنية.
وقال بنات إن الأردن يقوم بدور كبير لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين من خلال تقديم المعونات المالية وطرود الغذاء بشكل مستمر، وتعويض التراجع في خدمات وكالة الأونروا قدر المستطاع، إضافة إلى عمل اللاجئين في أعمال مختلفة بخاصة في المهن الحرفية والصناعية وغيرها.
ووفق تقرير حديث لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فإنه رغم إيواء كثير من اللاجئين الفلسطينيين في ثلاثة عشر مخيماً في الأردن، عشرة منها رسمية وثلاثة غير رسمية، فالأغلبية تعيش في المدن والبلدات والقرى.
وكانت الأونروا وجهت في بداية العام الجاري نداءً لجمع 1.6 مليار دولار من أجل برامجها وعملياتها واستجابتها الطارئة في سورية ولبنان والضفة الغربية التي تشمل القدس الشرقية وقطاع غزة والأردن.
وتقول المنظمة الدولية إنّ عشر سنوات من نقص التمويل المزمن قد أثرت بشدة على جودة بعض خدمات الأونروا.
ومنذ عشر سنوات تواجه الأونروا نقصاً مزمناً في التمويل، وبدأت الوكالة هذا العام (2023) بديون بقيمة 75 مليون دولار مُرحّلة من عام 2022.