حصاد 100 يوم للحكومة الليبية: تواصل الأزمات

02 يوليو 2021
استمرار الضغوط المعيشية على الليبيين (Getty)
+ الخط -

بعد مرور 100 يوم على تولّي حكومة الوحدة الوطنية مقاليد الأمور في ليبيا، يكشف مراقبون أن الحصاد كان قليلاً، إذ تواصلت الأزمات الاقتصادية والمعيشية، وما زال الخلاف قائما حول توحيد بعض المؤسسات المالية، رغم التقدم النسبي في العديد من الملفات.

وكشف رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، أن 70% من الشعب الليبي يعيشون تحت خط الفقر، وأن الحد الأدنى للأجور المقدر بـ450 ديناراً لا يكفي للعيش الكريم.

وقال إن الحكومة اقترحت رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1390 ديناراً (الدولار = 4.48 دنانير)، وذلك مع سعر الصرف الجديد، مطالبا بضرورة رفع سقف المرتبات.

وجاءت تصريحات الدبيبة خلال جلسة استماع مع أعضاء اللجنة المالية بمجلس النواب عقدت مؤخراً، في العاصمة طرابلس.
وتأتي تصريحات المسؤول الليبي البارز، فيما لا تزال أسعار السلع قفزاتها القياسية، بالإضافة إلى تأخر الرواتب وعدم اعتماد الموازنة العامة لعام 2021، بعد 100 يوم من ثقة مجلس النواب في حكومة الوحدة الوطنية.
وسقف المرتبات في الوظيفة العامة يصل الحد الأعلى له بقيمة 1276 ديناراً والحد الأدنى بـ 450 ديناراً، باستثناء أصحاب اللوائح الخاصة من مجلس النواب والأجهزة الرقابية والوزراء، وفقا لبيانات وزارة المالية.

وقال المحلل الاقتصادي أبوبكر الهادي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن حكومة الوحدة الوطنية بعد 100 يوم لم تقدم أي خطوة نحو تحسين الأوضاع المعيشية، ما أدى إلى زيادة عدد الفقراء.
وأضاف أن نسبة الفقراء في ليبيا تزايدت، في ظل عدم تمتع المواطن بالمرافق العامة الضعيفة، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وقلة المواصلات العامة في البلاد. أما فيما يتعلق بمؤشرات الإنفاق والاستهلاك، فإن النسبة الأعظم تعيش على حد الكفاف في دولة نفطية.
ومن جانبه، رجح أستاذ الاقتصاد بجامعة الجبل الغربي، عبد الحكيم عامر غيت، أن أحد أسباب ارتفاع نسبة الفقر في البلاد هو زيادة معدلات التضخم منذ مطلع العام الحالي بسبب تخفيض قيمة العملة، مشددا على أن التضخم يؤثر سلبا على شريحة كبيرة من المجتمع، وهي فئة محدودي الدخل وأصحاب الدخول الثابتة والمعاشات التقاعدية، الذين تزداد معاناتهم جراء ارتفاع مستويات الأسعار.

رغم أن الحكومة توفر الدعم للمحروقات، إلا أن الكهرباء تنقطع لساعات طويلة، والبنزين لا يتوفر إلا في نطاق المدن الساحلية وبعض مناطق الجبل بالسعر المدعوم

وعلى مستوى رجل الشارع، يبدي المواطن تذمّره من الوضع القائم، ففي مشروع جندوبة الزراعي (90 كلم شمال طرابلس) الذي تحول إلى مكب للقمامة، يتجمهر عدد من المواطنين للبحث في أكياس القمامة عن الخردة أو عن قنينات المياه لغرض بيعها.
يقول المواطن حامد علي المنتصر، إنه يأتي يوميا لجمع قنينات الماء الفارغة لغرض بيعها والحصول على بعض الأموال. ويضيف بحسرة: "المرتّب لا يسمن ولا يغني من جوع، فمرتب عامل في البلدية يتقاضى 835 دينارا كيف يكفي لأسرة مكونة من تسعة أشخاص بينهم أطفال؟".
ورأى أستاذ الاقتصاد بأكاديمية الدراسات العليا، أحمد المبروك، أن النسبة الكبرى من العاملين في الكادر الحكومي من الذين يحتلون وظائف ذات دخول متدنية، في الوقت الذي ترتفع فيه أثمان السلع والمواد المستوردة، وتلك المنتجة محليًا، مشيراً إلى أن الحصول على دواء للأمراض المزمنة غير ميسور للجميع، والطبقة الوسطى تلاشت وانضمت للطبقة الفقيرة.
وأوضح لـ"العربي الجديد" أن المعاش الأساسي هو أقل دخل يمكن أن تحصل عليه أية أسرة، وهو لا يتعدى 450 ديناراً، أي ما يعادل 100 دولار.

وعلى الرغم من أن الحكومة توفر الدعم للمحروقات، فالكهرباء تنقطع لساعات طويلة، والبنزين لا يتوفر إلا في نطاق المدن الساحلية وبعض مناطق الجبل بالسعر المدعوم.

وفي الجنوب الليبي يصل السعر إلى 10 أضعاف السعر الرسمي. وكذلك الأمر لغاز الطهو، فضلا عن غياب الرعاية الصحية لمختلف أنحاء البلاد.

الناير اليعقوبي، 45 عامًا، يعمل في الصباح كموظف حكومي في وزارة الإسكان والمرافق، وفي آخر النهار يعمل كسائق سيارة أجرة لتغطية مصاريف أسرته التي تقطن في ضواحي جنزور، وذلك بعدما دمرت الحرب الأخيرة منزله في جنوب طرابلس، قال إنه يسعى لتمويل إصلاحات منزله ودخله لا يكفي حتى للمصاريف الشهرية.
كما أن عائلات "ذوي الدخل المحدود" في ليبيا (المعروفة بالأسر المحرومة من الثروة)، البالغ عددها 224 ألف أسرة، كانت أكبر المتضررين من تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية للبلد الغني بالنفط، بعد تعطل المنح المالية التي تقدم لها من صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي الحكومي.

عائلات "ذوي الدخل المحدود" البالغ عددها 224 ألف أسرة، أكبر المتضررين من تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية للبلد الغني بالنفط، بعد تعطل المنح المالية

وتحت الظروف القاسية، لم يجد عدد من الليبيين سوى الإقامة في مقرات الشركات الأجنبية أو معسكر باب العزيزية، وبعضهم لجأ للتسول، وآخرون يركضون للحصول على مساعدة مالية عبر منظمات المجتمع المدني.
ودمرت الحرب الأخيرة على العاصمة طرابلس بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، جلّ المساكن العامة والخاصة جنوب العاصمة، بالإضافة إلى توقف العمل الزراعي في تلك المنطقة بسبب الحرب، كما توقف العمل الحرفي في بعض المناطق النائية والجنوبية.

ومنذ عام 2013 ونفط ليبيا لم يصل إلى معدلاته الطبيعية نتيجة الإقفالات والاعتصامات المتكررة للحقول، وقيام قوات حفتر بإغلاق الحقول والموانئ.

وتؤكد بيانات لمصرف ليبيا المركزي أن خسائر الإقفالات غير القانونية للنفط بلغت 153 مليار دولار خلال السنوات السابقة.

المساهمون