حسابات اقتصادية تلجم إدارة بايدن عن فرض عقوبات على النفط الإيراني

16 ابريل 2024
90% من صادرات إيران من النفط الخام ذهبت إلى الصين (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الهجمات الإيرانية على إسرائيل تثير توقعات بأن الرئيس الأميركي جو بايدن قد يتجنب فرض عقوبات كبيرة على صادرات النفط الإيرانية، خشية من ارتفاع أسعار النفط وإغضاب الصين، أكبر مشترٍ للنفط الإيراني.
- ضغوط سياسية من الجمهوريين لتشديد العقوبات على إيران بعد هجماتها، لكن يُتوقع تردد بايدن في اتخاذ إجراءات قوية تؤثر على صادرات النفط الإيرانية بسبب المخاوف من تأثيرها على الأسعار والعلاقات مع الصين.
- العلاقات الأميركية الصينية تؤثر بشكل كبير على قرارات واشنطن بشأن العقوبات ضد إيران، مع توقعات بأن الإجراءات الأميركية قد تهدف لخفض صادرات النفط الإيرانية دون الوصول لمستوى يؤثر سلبًا على العلاقات مع الصين أو يسبب ارتفاعًا كبيرًا في أسعار النفط.

قال محللون إن الرد الإيراني غير المسبوق بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل من غير المرجح أن يؤدي إلى فرض عقوبات كبيرة على صادرات النفط الإيرانية من جانب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، نظرا للمخاوف إزاء ما يترتب على هذه العقوبات من ارتفاع أسعار الخام وإثارة غضب الصين، أكبر مشتر للنفط.

وبعد وقت قصير من شن طهران الهجوم في مطلع هذا الأسبوع للرد على الضربة الإسرائيلية في الأول من إبريل/ نيسان على القنصلية الإيرانية في دمشق، اتهم زعماء الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي بايدن بالفشل في تطبيق الإجراءات الحالية وقالوا إنهم سيبحثون هذا الأسبوع سلسلة من مشاريع القوانين لتشديد العقوبات على إيران.

وقال زعيم الأغلبية في مجلس النواب ستيف سكاليز‭ ‬لشبكة فوكس نيوز، يوم الأحد، إن الإدارة الأميركية سهلت على إيران بيع النفط وبالتالي جمع عائدات تستخدم في "تمويل النشاط الإرهابي"، بحسب تعبيره.

ومن شأن الضغوط السياسية التي تتعرض لها الحكومة الأميركية من أجل معاقبة إيران أن تطرح مشكلة شائكة تتمثل في كيفية ردع مثل هذه الهجمات في المستقبل دون تصعيد التوترات بالمنطقة ولا رفع أسعار النفط وإغضاب الصين، أكبر مشتر للنفط الإيراني. وتقول واشنطن منذ شهور إن من بين أهدافها الأساسية منع الحرب الإسرائيلية على غزة من التحول إلى حرب إقليمية أوسع، وإن الهدف الرئيسي هو عدم تدخل طهران بشكل مباشر.

وقال بعض المحللين المعنيين بقضايا الشرق الأوسط إنهم يشكون في أن بايدن سيتخذ تدابير مهمة لتعزيز تطبيق العقوبات الأميركية الحالية من أجل تضييق الخناق على صادرات النفط الخام التي تشكل شريان الحياة لاقتصاد إيران.

وقال سكوت موديل، الضابط السابق بوكالة المخابرات المركزية الأميركية والرئيس التنفيذي لمجموعة رابيدان للطاقة: "حتى لو تم إقرار مشاريع القوانين هذه، فمن الصعب أن نرى إدارة بايدن تهرع لمحاولة اتخاذ إجراء أو تنفيذ العقوبات الحالية أو عقوبات جديدة لتقليص أو كبح (صادرات النفط الإيرانية) بأي طريقة مجدية". 

إنفاذ العقوبات

أعاد الرئيس السابق دونالد ترامب فرض العقوبات الأميركية على النفط الإيراني في عام 2018 بعد الانسحاب من الاتفاق الدولي بشأن برنامج طهران النووي. وسعت إدارة بايدن إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد التهرب من تلك الإجراءات بفرض عقوبات على شركات في الصين والإمارات ودول أخرى.

وعلى الرغم من هذه المساعي، تشير تقديرات رابيدان إلى أن صادرات النفط الإيرانية بلغت ما بين 1.6 مليون و1.8 مليون برميل يوميا، باستثناء المكثفات، وهي نفط خفيف جدا. وقال موديل إن هذا قريب جدا من مستوى المليوني برميل يوميا للصادرات الإيرانية قبل العقوبات.

ومن العوامل التي ستثني السياسي المنتمي للحزب الديمقراطي بايدن عن التحرك بقوة للحد من صادرات النفط الإيرانية التأثير المحتمل على أسعار البنزين.

وقالت كيمبرلي دونوفان، الخبيرة المعنية بالعقوبات ومكافحة غسل الأموال في مؤسسة المجلس الأطلسي الأميركية البحثية، إن العقوبات المتعلقة بالنفط لم يتم تطبيقها بصرامة في العامين الماضيين.

وأضافت "لا أتوقع أن تشدد الإدارة الإجراءات التنفيذية ردا على الهجمات التي شنتها إيران بصواريخ وطائرات مسيرة على إسرائيل في مطلع الأسبوع، وذلك في المقام الأول نظرا للمخاوف من أن يؤدي هذا إلى زيادات في أسعار النفط"، وقالت إن "أسعار النفط، وبالتالي أسعار البنزين في محطات الوقود، تشكل عاملا حرجا خلال عام الانتخابات".

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن إدارة بايدن لم ترفع أي عقوبات عن إيران وتواصل زيادة الضغط على الجمهورية الإسلامية. وأضاف "عقوباتنا واسعة النطاق والمتداخلة على إيران لا تزال قائمة، ونواصل تطبيقها". 

العلاقات مع الصين

قد تؤدي العقوبات القوية إلى زعزعة استقرار العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، والتي حاول المسؤولون الصينيون والأميركيون إصلاحها بعد فترة عصيبة أعقبت إسقاط الولايات المتحدة في العام الماضي ما يشتبه بأنه بالون مراقبة صيني عبر الأراضي الأميركية.

ويتم تصنيف جميع أنواع النفط الإيراني الذي يدخل إلى الصين تقريبا بأن مصدره ماليزيا أو دول شرق أوسطية أخرى، ويتم نقله بواسطة "أسطول مظلم" من الناقلات القديمة التي عادة ما تغلق أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها عند التحميل في الموانئ الإيرانية لتجنب رصدها.

وقدرت شركة فروتيكسا أناليتكس المتخصصة في تتبع الناقلات أن الصين حصلت على رقم قياسي بلغ 55.6 مليون طن متري أو 1.11 مليون برميل من الخام الإيراني يوميا في العام الماضي. ومثل ذلك ما يقرب من 90% من صادرات إيران من النفط الخام و10% من واردات الصين من النفط.

وأشار عدد من المحللين إلى أن واشنطن قد تتخذ بعض الإجراءات لخفض صادرات النفط الإيرانية جزئيا لتخفيف أي رد فعل إسرائيلي على الضربات الإيرانية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصعيد الصراع.

لكنهم قالوا إن هذا لن يرقى إلى مستوى إجراء قوي مثل فرض عقوبات على مؤسسة مالية صينية كبرى وبدلا من ذلك قد يشمل استهداف كيانات صينية أو كيانات أخرى تشارك في مثل هذه التجارة.

وقال مصدر مطلع على هذا الأمر: "إذا كنت تريد حقا ملاحقة صادرات النفط الإيرانية، نعم، فسيتعين عليك اتخاذ إجراء مؤثر ضد الصين". وأضاف "هل ستلاحقون البنوك الكبرى فعلا؟ هل ستفعلون شيئا لم تفعله الإدارة (الأميركية) وحتى إدارة ترامب لم تفعله؟".

وقال جون ألترمان، محلل شؤون الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن هناك حدودا لما يمكن أن تفعله واشنطن لفرض عقوبات وإن المتهربين بارعون في العثور على الثغرات، وأوضح قائلا: "أتوقع أن أرى تحركا بسيطا في اتجاه (فرض) عقوبات اقتصادية على إيران، لكنني لا أتوقع أن يتمكن البيت الأبيض - أو أي إدارة في المستقبل - من إغلاق صنبور النفط الإيراني بالكامل".

(رويترز)