قال النائب بالمجلس الرئاسي موسى الكوني إن الحروب التي شهدتها طرابلس للسيطرة على سلطة القرار والمال، من أجل المنافع الشخصية واعتبار السلطة المركزية غنيمة، جعلت البلد مطمعاً لبعض الدول التي تحاول نهب ثرواتها، والتي لم يكن متوقعاً يوماً أن تسعى للسيطرة على أموال ليبيا.
ودعا النائب في كلمته خلال مؤتمر الفساد إلى ضرورة العمل للحد من كل أشكال الفساد، وفتح المجال للتعاون مع الدول التي سبقتنا في هذا المجال، للاستفادة من خبراتها في مكافحة الفساد، للمحافظة على المال العام، وتسخيره في التنمية والإعمار، والعمل على الرفع من كفاءة مؤسسات الدولة حتى تتمكن من أداء المهام الموكلة إليها بكل مهنية.
وانطلق اليوم في طرابلس المؤتمر العلمي "مكافحة الفساد لتدعيم الاستقرار" الذي ينظمه جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي، بحضور محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، وعدد من الوزراء، ورؤساء الأجهزة الأمنية، والخبراء والمختصين في مكافحة الفساد.
وتناول المؤتمر أسباب انتشار الفساد نظير عدم الاستقرار السياسي وعدم وجود الحكومة الرشيدة داخل مؤسسات الدولة، فضلاً عن انعدام الشفافية وعدم مهنية وسائل الإعلام ويستمر ليومين.
وحلّت ليبيا في المرتبة 172 من بين 180 بلداً ضمن قائمة الدول التسع الأكثر معاناة من الفساد، بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية مؤشر مدركات الفساد عن العام 2021
ويعتمد مقياس المؤشر في التقييم درجات بين 0 و100 نقطة، حيث تمثّل النقطة الصفر البلدان الأكثر فساداً، في حين تمثّل النقطة 100 البلدان الأكثر نزاهة.
وفي المقابل، أحالت هيئة الرقابة الإدارية للتحقيق في 204 قضايا تخص المال العام وتوجيه التهام إلى 554 متهمًا للمخالفات مالية للمكتب النائب العام.
وقال المحلل الاقتصادي أحمد المبروك لـ"العربي الجديد": "يختلف الليبيون في أمور كثيرة لكنهم يتفقون على أن حكومات السابقة والحالية فاسدة".
واعتبر أن ليبيا عبارة عن "نظام كليبتوقراطية" في تعبير عن تحالف بين السلطة السياسية ومافيا الفساد المالي عبر نهب الثروات العامة يتم تشريعها بآليات عمل حكومية رسمية عبر برامج ومشروعات وهمية وتتحصل على الأموال والتحويلات الخارجية.
وأشار إلى حكومات تتشكل عبر المحاصصة بين الوزارات عبر الكتل السياسية وليس عبر مبدأ "التكنوقراطية" أو حكم الاختصاصيين.
من جهته، أكد أستاذ المحاسبة الجامعي عبد الحكيم عامر غيث أن "هناك سهولة لصرف الأموال لدى الحكومة بالبذخ والسفريات ووجبات الطعام التي تعادل 10 أضعاف متوسط الوجبات الشعبية في المتوسط مع الإقامة الفندقية وشراء الملابس وغير ذلك، كلها سلوكيات فاسد ويجب محاسبة القائمين عليها".
وقال إن إهدار المال العام والأزمات المعيشية مستمرة، حيث الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وعدم توافر الدواء الكافي في المستشفيات، والموظف الحكومي ينتظر الحصول على فروقات درجته الوظيفية لأكثر من 3 سنوات.
من جهة أخرى، رأى وزير التخطيط الأسبق عيسى التويجري أن هناك زيادة في الإنفاق الحكومي على المرتبات والدعم بشكل غير مدروس، مشيراً إلى عجز البنك المركزي عن تلبية طلب العملة الصعبة واستمرار السوق الموازي، الأمر الذي ينم عن تدهور قيمة سعر الصرف الحقيقي للدينار.
ولفت إلى ضرورة معالجة الفساد بعدم السماح بتجاوز التشريعات "بحجة العجلة"، مضيفاً أن الالتزامات التعاقدية التي أبرمتها الحكومة تبلغ قيمتها 35 مليار دينار علاوة عن الالتزامات السابقة والتي تقدر بمبلغ 160 ملياراً. (الدولار= 4.9 دنانير).