بينما كانت توقعات حكومة الاحتلال وصندوق النقد الدولي، تشير لمزيد من الاستقرار في مؤشرات الاقتصاد الإسرائيلي الكلي والجزئي خلال عام 2023، جاءت الحرب على غزة لتبدد كل التوقعات الوردية التي انتظرتها تل أبيب.
في يونيو/حزيران الماضي رسم صندوق النقد الدولي صورة إيجابية لمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي، بإعلانه توقعات النمو إلى 2.5 % في 2023، بينما كانت توقعات بنك إسرائيل أكثر إيجابية عند 3.8 %.
نمو الاقتصاد
لكن اليوم وبعد الحرب على غزة (بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول)، تشير تقديرات بنك إسرائيل إلى نمو الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 1.5% فقط، ومع إضافة الزيادة الطبيعية للسكان، فإن الاقتصاد عمليا سيشهد نموا صفرياً.
وبينما كانت تشير بيانات بنك إسرائيل إلى نمو الاقتصاد في 2024 عند مستوى 3.4 %، وهي ذات توقعات صندوق النقد، فإن توقعات ما بعد الحرب تشير إلى نمو عند 0.4 %.
تأتي أرقام تراجع النمو، بسبب تدهور عدة قطاعات حيوية، أولها هبوط الاستهلاك الخاص في إسرائيل كإحدى نتاج الحرب، إلى جانب تعليق صناعة السياحة، وتدهور صناعة السفر، من متوسط 550 رحلة يوميا إلى أقل من 200 بعد الحرب.
كذلك، أدى دخول أكثر من 350 ألف موظف في الجيش الإسرائيلي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى نهاية العام، إلى تراجع الإنتاجية خاصة في قطاع التكنولوجيا.
قطاع التكنولوجيا
والشهر الماضي (ديسمبر/كانون الأول)، رسم تقرير لمؤسسة "برايس ووترهاوس كوبرز" صورة قاتمة لقطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، إذ أظهر تراجع قيمة الاستحواذ والاكتتابات العامة الأولية في 2023.
وقال التقرير: "تقلصت قيمة الاستحواذ والاكتتابات العامة الأولية بنسبة 56 % لعام 2023 مقارنة بعام 2022، من 17 مليار دولار إلى 7.5 مليارات دولار".
كذلك، انخفضت أعداد الصفقات بنسبة 45 % إلى 45 صفقة؛ كان منها 60 % صفقات مع مشترين أميركيين؛ ليفسر هذا التراجع بثلاثة أسباب، مرتبطة بالصراع الروسي الأوكراني، وأزمة التعديلات القضائية، والحرب على غزة.
ويمثل قطاع التكنولوجيا المهم لإسرائيل 18% من حجم ناتجها المحلي، وهو مسؤول عن 48 % من إجمالي صادراتها ويشغل أكثر من 10 % من القوى العاملة الإسرائيلية.
وبحسب موقع "غلوبس" المختص في الاقتصاد الإسرائيلي، فإن معظم جنود الاحتياط الذين التحقوا بالجيش، عاملون في قطاع التكنولوجيا.
سوق العمل
أما مؤشرات البطالة التي كانت لا تتجاوز 3.1 % في سبتمبر/أيلول، وتعتبر من عناصر قوة اقتصاد إسرائيل، فإن تقديرات مكتب الإحصاء تشير إلى بلوغها 7 % في 2023.
وبحسب بيانات مكتب الإحصاء الإسرائيلي، بلغت نسبة البطالة العامة خلال نوفمبر/تشرين الثاني، نحو 8.5 % مقارنة مع 9.6 % في أكتوبر.
ويعود هذا الاتجاه النزولي إلى عودة حوالي 50 ألف شخص كانوا في إجازة غير مدفوعة الأجر، إلى العمل في نوفمبر الماضي.
كلفة الحرب
والاثنين، قال محافظ بنك إسرائيل أمير يارون، إن تكاليف الجيش والتكاليف المدنية للحرب في قطاع غزة قد تبلغ 210 مليارات شيكل (58 مليار دولار).
وذكر يارون في مؤتمر صحافي، أن الكلفة البالغة 210 مليارات شيكل ستكون عبئا على الميزانية "يجب التعامل مع هذا العبء من خلال تخفيض الإنفاق في المجالات الثانوية بالنسبة للدولة".
وارتفعت كلفة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، من 8 مليارات دولار في الأسبوعين الأولين للحرب إلى 15 مليار دولار في الشهر الأول، وصولا إلى 35 مليار دولار، ثم 50 مليار دولار، وصولا إلى 58 ملياراً حاليا.
وقال يارون: "منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر، يجري البنك المركزي تقييمات مستمرة للوضع حول تأثير الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي والأسواق.. ندرس هذه التأثيرات على مستوى الاقتصاد ككل، وعلى مستوى كل قطاع".
ومنذ 7 أكتوبر يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى الثلاثاء 22 ألفا و185 قتيلا و57 ألفا و35 مصابا معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
(الأناضول)