حرب تجارية متصاعدة بين المكسيك وأميركا حول قوانين الطاقة

25 يوليو 2022
الرئيس المكسيكي لوبيز أوبرادور يتهم اليمين المتطرف بإثارة النزاع مع واشنطن (getty)
+ الخط -

نشبت خلافات تجارية جديدة بين مكسيكو وواشنطن، وذلك على خلفية اتهام الولايات المتحدة حكومةَ الرئيس المكسيكي لوبيز أوبرادور بمحاباة شركة النفط الوطنية المكسيكية في تعديلات أدخلتها على قوانين الاستثمار والعقود البترولية على حساب الشركات الأميركية، وبالتالي خرق قوانين الاتفاق التجاري لمنطقة أميركا الشمالية.

ووفق مصادر أميركية، من المتوقع أن ترفع الولايات المتحدة قضايا تجارية ضد المكسيك، في حال عدم تراجعها عن التعديلات الجديدة التي أدخلتها على الصناعة النفطية.
ويطرح النزاع التجاري الجديد تحدياً صريحاً للرئيس أوبرادور الذي يعمل على سيطرة حكومته على سوق النفط والمشتقات البترولية وتوليد الكهرباء في بلاده.
ووفق الرئيس الذي يصنّف على أنه زعيم اشتراكي، فإن قرار معاقبة الولايات المتحدة لبلاده أتى في إطار "لوبيات" ساسة المكسيك المنتمين لليمين المتطرف ويعملون على تقويض سلطته.

وقال الرئيس أوبرادور، في مؤتمره الصحافي اليومي، الأربعاء الماضي: "لن يحدث شيء من العقوبات الأميركية، لأن الرئيس جو بايدن كان دائماً يحترم سيادة المكسيك في قراراتها".
في المقابل، ترى وكالة بلومبيرغ الأميركية، في تقرير، أن المكسيك ربما تتعرض لعقوبات أميركية تكلّفها مبالغ تتراوح بين 10 و30 مليار دولار من الإعفاءات الجمركية التي تحصل عليها من أميركا حالياً.

المكسيك ربما تتعرض لعقوبات أميركية بمبالغ تتراوح بين 10 و30 مليار دولار من الإعفاءات الجمركية التي تحصل عليها من أميركا حالياً

وتدور قصة النزاع بين مكسيكو وواشنطن حول مجموعة من السياسات التجارية التي اتخذتها المكسيك بشأن عطاءات النفط والكهرباء التي منحتها الحكومة المكسيكية لشركة النفط الوطنية، وترى الولايات المتحدة أنها تضر بمصالح شركاتها وتتعارض مع اتفاقية التجارة التي وُقعت بين المكسيك وكندا والولايات المتحدة، بعد إلغاء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اتفاقية "نافتا" في عام 2016. وكانت الولايات المتحدة والمكسيك وكندا قد وقّعت اتفاقية تجارية بديلة لنافتا في بداية أكتوبر/تشرين الأول من عام 2018.

وقالت ممثلة التجارة الأميركية كاثرين تاي "لقد عبّرنا مراراً عن قلقنا الشديد تجاه مجموعة من التعديلات الجديدة التي أدخلتها الحكومة المكسيكية على سياسة الطاقة، والتي لا تتوافق مع الاتفاق التجاري بين دول أميركا الشمالية".

وأضافت تاي أن "التعديلات التي أدخلتها الحكومة المكسيكية تعوق الاستثمارات الأميركية في صناعة الطاقة المتجددة بالمكسيك، ولا تشجع على شراء شركاتنا للطاقة النظيفة هناك".

في ذات الصدد، قال معهد البترول الأميركي، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال، إن الحكومة المكسيكية تنفّذ سياسات تمييزية ضد شركات الطاقة الأميركية وتعوق استثمارات القطاع الخاص، وبالتالي تهدد مصالح الشركات الأميركية وعمالها.
لا يتوقف رفض الإجراءات المكسيكية على البيت الأبيض فقط، بل قالت الحكومة الكندية إنها تدعم إجراءات العقوبات التجارية الأميركية على المكسيك.
وساهمت الاتفاقية التجارية الثلاثية بين أميركا والمكسيك وكندا منذ توقيعها في انتعاش التبادل التجاري بين البلدان الثلاثة. وحسب معهد بروكغنز للدراسات الاستراتيجية في واشنطن، فإن حجم التجارة بين الدول الثلاث عاد للارتفاع بنسبة 22% منذ عام 2020، ليبلغ 1.26 تريليون دولار في العام الماضي 2021.

وتجاوزت صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة 80 مليار دولار خلال الشهرين الأولين من العام الجاري، بسبب الطلب الأميركي القوي على صناعة السيارات وقطع الغيار ولعب الأطفال والمؤن والمعدات الطبية.
وارتفعت صادرات المكسيك غير النفطية في شهر واحد، وهو شهر فبراير/شباط الماضي بنسبة 27%، مقارنة بصادراتها في العام الماضي.

تجاوزت صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة 80 مليار دولار خلال الشهرين الأولين من العام الجاري

وبلغ حجم صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة حتى مايو/أيار الماضي 316.78 مليار دولار، مقارنة بحجمها في العام الماضي بأكمله البالغ نحو 254 مليار دولار، معظمها في تجارة السيارات وقطع الغيار والمعدات الطبية.
وتستفيد الشركات الأميركية من رخص القوة العاملة وتوفر المواد الخام وأسعار الوقود الرخيصة، مما يخفض كلفة إنتاج الوحدات المصنعة في المكسيك، مقارنة بكلفها في الولايات المتحدة.
من جانبها، تستفيد المكسيك من الوظائف التي تمنحها المصانع الأميركية لعمالها، وبالتالي تخفض معدل البطالة في البلاد. وتنشئ العديد من الشركات الأميركية مصانعها في المكسيك بالقرب من الحدود الأميركية، مما يقلل كلف الشحن.
ويرى خبراء أن اتفاقية التجارة الحرة التي وقّعها الرئيس السابق دونالد ترامب كبديل لاتفاقية "نافتا" بحاجة إلى تحديث، رغم أنها ساهمت حتى الآن في تعزيز التجارة بين المكسيك والولايات المتحدة.

في هذا الصدد، يرى خبراء في تعليقات نقلتها دراسة بمعهد بروكغنز للدراسات، أن هناك ثلاث قضايا يجب أن تعالج في الاتفاق التجاري مع المكسيك، وهي قضية إدارة الهجرة غير النظامية إلى أميركا، وقضية سلاسل التوريد، وقضية الصناعات الحديثة مثل صناعة أشباه الموصلات.

في هذا الشأن، يقول الزميل في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، إدوارد ألدن: "حان الوقت لوضع أجندة حديثة حول إدارة الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة".

تعاني الولايات المتحدة من قضايا تهريب البشر الذي تمارسه عصابات المخدرات والجريمة المنظمة المكسيكية ويكلف الميزانية الأميركية كثيراً

وتعاني الولايات المتحدة من قضايا تهريب البشر الذي تمارسه عصابات المخدرات والجريمة المنظمة المكسيكية ويكلف الميزانية الأميركية كثيراً.
من جهته، يقول نائب الممثل التجاري الأميركي السابق، سي آي ماهوني: "هناك مجموعة من الموضوعات التي يجب على الدول الثلاث تعميق التعاون حولها، وهي دعم فرص الصناعات الحديثة وسلاسل الإمداد، على رأسها صناعة أشباه الموصلات".
بدوره، ينتقد السفير المكسيكي السابق لدى واشنطن، أرتورو سارخان، في تعليقه لمعهد بروكغنز، الرئيس المكسيكي أوبرادور، الذي أضعف، برأيه، مؤسسات الحكم في المكسيك.

المساهمون