حرب الخرطوم تحرّك اقتصاد الولايات

30 يونيو 2023
سوق في مدينة مدني وسط السودان (فرانس برس)
+ الخط -

حرّكت حرب الخرطوم اقتصاد بعض ولايات السودان الآمنة، بعدما توقفت عجلة الإنتاج وسط إغلاق المصانع والشركات والمؤسسات الاقتصادية فى العاصمة التي تسيطر على النشاطين الاقتصادي والاستثماري. ودفعت أزمة الخرطوم واستمرار الحرب الكثيرين من التجار والمستثمرين إلى الهروب والنزوح إلى ولايات السودان الأكثر استقراراً، حيث تزامنت الحرب مع اشتداد وطأة المعارك فى الكثير من الولايات خاصة في الجهة الغربية.

واستحوذت ولاية الجزيرة على النسبة الكبرى من الفارين من الحرب وفقاً للإحصاء الرسمية، ما يفوق أربعة ملايين نازح، تليها ولاية النيل الأبيض ونهر النيل والشمالية وولايات شرق السودان (القضارق، كسلا وبورتسودان)، إضافة إلى ولاية سنار والنيل الأزرق.

وكشفت ولاية الجزيرة عن ارتفاع كبير فى أسعار العقارات بمعدلات غير مسبوقة ما دفع الجهات المختصة إلى إصدار منشور لتنظيم إيجارات الفنادق، كما أنها قررت افتتاح طرق وكباري جديدة للسيطرة على الازدحام المروري.

وانتعش سوق السيارات والأجهزة الكهربائية والمنزلية، ويقول التاجر أحمد بلال لـ "العربي الجديد" إن الكثير من الفارين من الحرب تركوا مستلزماتهم الأساسية ونزحوا مجبرين إلى الولاية التي تعتبر الحاضنة الكبرى لسكان الخرطوم، الأمر الذي أدى إلى انتعاش الأسواق، كما أن غالبية البضائع الواردة من ميناء بورتسودان تأتي إلى الجزيرة، بالإضافة إلى نقل البضاعة من الخرطوم إلى الجزيرة.

وفى سوق السيارات قال التاجر أحمد سليمان إن معظم القادمين تقطعت بهم السبل وأصبحوا يعرضون سياراتهم للبيع الأمر الذي أدى إلى انتعاش السوق.

وخصصت ولاية الجزيرة 682 محلاً تجارياً و40 عمارة تجارية لتجار الجملة والموردين من سوق ليبيا بأم درمان و56 متجراً بالسوق الشعبي لتجار الملبوسات والأحذية. وتم تخصيص سوق "غرب مدني لتجار الإسبيرات والأواني المنزلية. وقالت الولاية إن التوزيع سيكون عبر الرخصة التجارية والأوراق الثبوتية.

واحتضنت ولاية النيل الأبيض أيضاً عدداً كبيرا من مواطني الخرطوم، وشهدت ارتفاعاً في أسعار ايجارات المنازل والفنادق، ما دفع الكثير من الوافدين إلى التوجه نحو دولة جنوب السودان عبر معبر جودة. وتتوافر حركة كثيفة فى الأسواق بولاية سنار والنيل الأزرق مع انتعاش موسم الفاكهة التي كانت تصدر إلى ولاية الخرطوم، حيث استقرت الأسعار فى الولايتين المنتجتين للموز والجوافة والمانغو، إضافة إلى الأسماك النيلية.

أما في ولايات الشرق فيشكو مواطنون من عدم وجود مناطق للإيواء خاصة ولاية القضارف، وعرفت ولاية البحر الأحمر التى احتضنت الكثير من المغادرين عبر البحر والجو، صعوداً في أسعار الشقق والفنادق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات مع انتقال معظم وزارات الحكومة إلى مدينة بورتسودان.

كما وجدت بعض المصانع الصغيرة العاملة فى بعض الولايات فرصة كبيرة لزيادة طاقتها التشغيلية، مثل مصانع الحلويات والمياه الغازية فى ولاية الجزيرة، الأمر الذي زاد من الإيرادات مع استيعاب بعض العمالة القادمة من ولاية الخرطوم، وفتحت فرص عمل جديدة لأبناء الولايات.

وقال الاقتصادي أحمد خليل في حديثه لـ "العربي الجديد" إن حرب الخرطوم أدت إلى نزوح عدد من الحرفيين والصناعيين وأصحاب المهن الحرة إلى الولايات، والكثير منهم لم يستسلموا لليأس، بل استفادوا من خبراتهم وبدأوا في تحويل نشاطهم إلى أمكنة إقامتهم الجديدة. ولفت إلى أن الكثير من هؤلاء افتتحوا متاجر وشركات، وحركوا سوق العمل، ما زاد الطلب على الإيجارات والسيارات ومختلف السلع الاستهلاكية. وأضاف أنه حتى السلع غير المتوافرة في السودان يتم استيرادها من دول الجوار مثل مصر وإثيوبيا لتلبية الحاجات المستجدة.

المساهمون