حرب البنية التحتية بين روسيا والغرب...سيناريوهات مفتوحة

12 أكتوبر 2022
تفجيرات استهدفت خط أنابيب نوردستريم/ jpg
+ الخط -

يبدو أن نطاق المواجهة المباشرة بين الغرب وروسيا ستتسع رقعته ومخاطره وتأثيراته الاقتصادية في الفترة المقبلة، بل ربما يتحول إلى حرب اقتصادية شاملة تفوق في حدتها حروب العملات والحروب التجارية.

فالمواجهة الحالية بين الطرفين لم تعد قاصرة على الجبهات الأوكرانية-الروسية المعتادة، بل امتدت إلى مناطق أخرى منها إقليم القرم.

ولم تعد قاصرة أيضا على أسلحة اقتصادية خطرة، منها سلاحا الغذاء والطاقة اللذان استخدمتهما روسيا ببراعة عقب اندلاع حرب أوكرانيا، إذ تخترع موسكو الحجة وراء الأخرى لوقف إمداداتها من النفط والغاز إلى دول القارة.

امتدت المواجهة بين روسيا والغرب إلى ما هو أخطر، وهو استهداف البنية التحتية في أوروبا

وفي المقابل، تسارع أوروبا الخطى للتضييق على صادرات الطاقة الروسية، تمهيدا للاستغناء عنها كاملة بنهاية هذا العام، كما تم الإعلان من قبل.

وقبلها، عرقلت موسكو صادرات الأغذية من قمح وذرة وشعير من الموانئ الأوكرانية نحو أسواق العالم، ومنها دول القارة.

الآن، امتدت المواجهة بين روسيا والغرب إلى ما هو أخطر، وهو استهداف البنية التحتية في أوروبا، وهو القطاع الحيوي للأنشطة الاقتصادية في دول القارة.

مع هذا المد زادت توقعات مسؤولين أوروبيين من اتساع رقعة المواجهة بين روسيا والغرب لتمتد إلى مفاصل الاقتصاد الأوروبي وبنيته التحتية، وهو ما يبرر البيان الحاد الصادر عن مجموعة السبع الصناعية، أمس الثلاثاء، والذي يحذّر موسكو مباشرة من أن أي هجمات على البنية التحتية الحيوية الغربية ستواجَه بردّ موحد وحازم، وهو التحذير الذي جاء أيضا على لسان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ.

المخاوف الأوروبية من استهداف بنيتها التحتية لها ما يبررها، فقبل أيام حدث تخريب كبير لكابلات شبكة السكك الحديد في ألمانيا، نفذه محترفون يتمتعون بمعلومات داخلية، وفق جهات التحقيق الألمانية.

وأمس الثلاثاء، أغلق أحد خطي أنابيب دروجبا النفطيين اللذين يربطان روسيا بألمانيا بعد اكتشاف تسرب في بولندا. علما أن هذا الخط حيوي جدا، فهو أطول خط أنابيب نفط في العالم، وينقل النفط الخام لمسافة تزيد عن 4 آلاف كم من سيبيريا إلى أوروبا عبر بيلاروسيا.

تخريب خطي أنابيب "نورد ستريم 1 و2" اللذين يمدان أوروبا بالغاز الروسي عبر بحر البلطيق

وقبل نحو أسبوعين، تم تخريب خطي أنابيب "نورد ستريم 1 و2" اللذين يمدان أوروبا بالغاز الروسي عبر بحر البلطيق، وحدوث تسريبات للغاز بهما أدى إلى قطع إمدادات الطاقة وحدوث قفزة في أسعار الوقود الأزرق داخل القارة.

ساعتها تبادلت الأطراف المختلفة الاتهامات، وتحدّث محققون أوروبيون عن عملية تفجير ممنهجة من قبل الروس، في حين وجهت أطراف روسية أصابع الاتهام في هذا التفجير إلى الولايات المتحدة.

ويوم الاثنين الماضي، شهدت مدينة جزيرة بورنهولم الدنماركية في بحر البلطيق انقطاعا تاما للكهرباء بتوقف عمل الكابلات العابرة للسويد. علما أن استهداف خطي (نورد ستريم 1 و2) الناقل للغاز الروسي نحو أوروبا جرى بالقرب من الجزيرة.

الحرب بين روسيا والغرب باتت مفتوحة ومرشحة لاتساع رقعتها ولم تعد قاصرة على المجهود العسكري، أو البنية التحتية الأوكرانية التي ركزت روسيا على استهدافها في الأيام الأخيرة.

بل امتدت تلك الحرب إلى مفاصل الاقتصاد الأوروبي، خطوط غاز رئيسية، كوابل سكك حديد، وربما تمتد غدا إلى تدمير البنية التحتية للقطاعات الحيوية، مثل المطارات والموانئ وشبكات الاتصالات والكهرباء والمياه والصرف الصحي ومحطات القطارات ومترو الأنفاق وكوابل الإنترنت البحرية في أعماق البحار.

امتدت الحرب إلى مفاصل الاقتصاد الأوروبي، خطوط غاز، سكك حديد، وربما تمتد إلى مطارات وموانئ وشبكات اتصالات وكهرباء ومحطات قطارات

وقد تتسع رقعة المواجهة الاقتصادية بين موسكو والغرب في حال تجاوزت أوروبا فترة الشتاء المقبل، ونجحت دول القارة بالفعل في الاستغناء عن النفط والغاز الروسي، وزاد الخناق الغربي بعدها على الاقتصاد الروسي.

هنا قد تفلت أعصاب بوتين الذي لوح في وقت سابق باستخدام السلاح النووي في حربه المفتوحة تلك. وهنا قد تعود أوروبا إلى أجواء ودمار الحرب العالمية الثانية.

المساهمون