حرب أوكرانيا يُستبعد أن ترفع أسعار النفط

17 سبتمبر 2024
مهندس يتفحص مضخة في منشأة للنفط في روسيا، 13 مايو/أيار 2022 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **الهجمات الأوكرانية على منشآت النفط الروسية**: تزايدت الهجمات منذ مارس 2024، مما قلص قدرة التكرير بنسبة 14% وخفض صادرات المنتجات النفطية، مع احتمال تقليل المعروض العالمي ورفع الأسعار.

- **تأثير النزاع الروسي-الأوكراني على أسعار الغاز**: تصاعد الصراع قد يعطل تدفقات الغاز الروسي عبر أوكرانيا، مما يعمق أزمة الطاقة في أوروبا ويرفع الأسعار بسبب التنافس على الإمدادات.

- **التوترات الجيوسياسية وأسواق الطاقة**: تشمل التوترات النزاع الروسي-الأوكراني واضطرابات الشرق الأوسط وقرارات "أوبك+"، مما يؤدي إلى تقلب أسعار الطاقة، حيث ارتفع خام برنت إلى 90 دولاراً للبرميل.

تزايدت توقعات العديد من المؤسسات المالية الدولية في الأسابيع الأخيرة بتراجع أسعار النفط، مرتكزة في ذلك على تباطؤ الطلب من الصين، لكن ثمة تغيرات قد تبدل مسار الأسعار وتحولها نحو الصعود، ولا سيما تصاعد الهجمات الأوكرانية على منشآت النفط الروسية، ما يثير تساؤلات حول إمكانية أن تحد هذه الهجمات من المعروض عالمياً وتدفع الأسعار نحو الصعود.

وفقاً لتحليل لمؤسسة "ستاندرد آند بورز غلوبال" للتصنيفات الائتمانية، نُشر في 11 سبتمبر/ أيلول الجاري، استهدفت الهجمات الصاروخية الأوكرانية، 64 منشأة نفطية روسية، منذ مارس/آذار 2024، بما في ذلك مصافي نفط في العاصمة موسكو وإقليم كراسنودار (جنوب) ولينينغراد (شمال غرب)، مما قلّص قدرة التكرير في روسيا بنسبة 14% اعتباراً من يونيو/حزيران الماضي، وانخفاض صادرات النفط بمقدار الثلث في فبراير/شباط. ورغم أن صادرات النفط الخام لم تتأثر كثيراً، لكن صادرات المنتجات النفطية مثل الديزل والنفتا انخفضت بحدّة.

ومن المتوقع أن تتأثر كذلك أسعار شحنات الغاز الطبيعي المسال تأثُّراً كبيراً في الشتاء المقبل، وسط مخاوف من تصاعد الصراع بين موسكو وكييف، وتعطيل تدفقات الغاز الروسي عبر أوكرانيا، مما قد يعمّق أزمة الطاقة في أوروبا. وبحسب "ستاندرد آند بورز غلوبال"، تعتمد أوروبا اعتماداً كبيراً على الغاز الروسي، وأي تعطيل في التدفقات قد يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في الأسعار، مما يعزز التنافس بين الدول الأوروبية ومصر وآسيا وأميركا اللاتينية للحصول على الإمدادات خلال الربع الأخير من 2024 وأوائل 2025.

علاوة على ذلك، ضغطت الصيانة في النرويج والجزائر، بالإضافة إلى تعطل الإمدادات في أستراليا وماليزيا، على أسواق الغاز في آسيا. ورغم التوقعات بتخفيف زيادة البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال في 2025 من ضغوط الأسعار، فإن أي اضطراب جديد بسبب النزاع الروسي ـ الأوكراني، سيشكّل عاملاً رئيسياً في تحديد مسار السوق.

ورغم التحذيرات من تأثر الأسواق بتصاعد الصراع، يرى تييري بروس، المحلل المتخصص في شؤون النفط والغاز في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه لن يكون هناك تأثير كبير على مستويات الأسعار عالمياً، نظراً إلى وجود فائض في المعروض في سوق النفط الدولية، مشيراً إلى أن أي تخفيض في الإمدادات الروسية من شأنه أن يعيد توازن السوق أو يوفر بعض الراحة لدول مجموعة "أوبك+" الأخرى التي يمكن أن تنتج المزيد.

ويقول بروس إنّ تصعيد أوكرانيا مهاجمة البنية التحتية للطاقة الروسية، يهدف إلى خفض الإيرادات الروسية ومن ثم الحد من قدرتها على تمويل الحرب. وفي ما يتعلق بالغاز، فإن الإنتاج الروسي يفوق بكثير صادراته إلى أوروبا والصين، لذا لن يؤثر ذلك على الأسعار كثيراً. ويوضح أن ما يمكن أن يؤثر على أسعار الغاز الأوروبية أكثر هو قضية عبور الإمدادات عبر الأراضي الأوكرانية. ويشير إلى أن الاتحاد الأوروبي فرض في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا حظراً على الفحم والنفط والمنتجات النفطية الروسية، لذلك، لا ينبغي أن نتوقع أي تغيير في ما يخص هذه السلع.

وفي حديثه إلى "العربي الجديد"، يُعرب السير فيليب لوي، الرئيس التنفيذي لبرنامج دراسة الطاقة الثلاثية في المجلس العالمي للطاقة منذ 2016، والمدير العام السابق للمنافسة والطاقة في المفوضية الأوروبية، عن شكوكه في أن يكون للضربات الأوكرانية على البنية التحتية النفطية الروسية تأثيرٌ كبير في أسعار النفط العالمية. بيد أنّه يتوقّع أن يكون هناك بعض التأثير السلبي في الإمدادات إلى دول الاتحاد الأوروبي، مثل المجر وبلغاريا، التي حافظت على الواردات من روسيا.

يضيف السير لوي: "بشأن واردات الفحم والنفط والغاز الروسي إلى الدول الأوروبية، لا يمكن للمرء أن يتوقع أي تغيير كبير في استراتيجية الاتحاد الأوروبي، في غياب حلّ دائم للصراع الروسي الأوكراني، ومع ذلك، فإن أسواق النفط والفحم والغاز الطبيعي المسال عالمية، لذلك من المحتم أن تجد بعض كميات الإمدادات الروسية من هذه السلع الثلاث طريقها إلى الأسواق الأوروبية، على الرغم من العقوبات".

وتابع قائلاً إنّه "على المدى المتوسط إلى الطويل، فإن دول الاتحاد الأوروبي ملتزمة إزالة الكربون وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري، ما سيؤدي إلى تقليص حصة الصادرات الروسية في مزيج الطاقة الأوروبي، وينطبق الشيء نفسه بالطبع على واردات الوقود الأحفوري من دول أخرى، مثل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وكندا وقطر وأنغولا وغيرها، ولكن بالنظر إلى كيفية تغيّر المشهد السياسي منذ الصراع الأوكراني، فإنّ دول الاتحاد الأوروبي ستبذل كل جهد لتعزيز ما تبقى من إمدادات الوقود، من دول أخرى غير روسيا وحلفائها".

لكن التوترات الجيوسياسية تتجاوز النزاع بين أوكرانيا وروسيا لتشمل الاضطرابات في الشرق الأوسط وقرارات "أوبك+" خفض الإنتاج. وفي إبريل/نيسان الماضي، ارتفع سعر خام برنت إلى 90 دولاراً للبرميل بسبب تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل. ورغم توقع زيادة الإنتاج من دول غير أعضاء في "أوبك+" مثل الولايات المتحدة والبرازيل، تظل التوترات الجيوسياسية عاملاً رئيسياً في تقلب أسعار الطاقة.

ومنذ بداية الحرب بين روسييا وأوكرانيا، كانت البنية التحتية للطاقة هدفاً متبادلاً. واستهدفت روسيا البنية التحتية الأوكرانية بكثافة، مما أدى إلى تقليص قدرة أوكرانيا على توليد الطاقة بنحو 50%. في المقابل، تأثرت روسيا بتراجع الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي وزيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، مما أدى إلى توترات في أسواق الطاقة.

المساهمون